على غير عادتها، بالتحريض على الإسلاميين وأصحاب اللحى وتبنى خرائط الثورة المضادة، نحت قناة “العربية” الملفوظة عربيا، لدفاعها عن التطبيع والمطبعين، ومهاجمتها الربيع العربي، ضمن وضوح منهجها الاستخباراتي، قال مراقبون إن حوار القناة التي تنطلق من دبي بالإمارات العربية مع الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع قائد العمليات العسكرية، كان غير صداميا عن شخص “أبو محمد الجولاني” وعلاقاته بالتنظيمات المسلحة فضلا عن تجاهلهم الإشارة للقاهرة وأبوظبي وتركيزهم على السؤال عن إيران ثم السعودية.
ولكنهم تجاهلوا أيضا المظاهر الإسلامية التي تبنتها الثورة السورية خلال مسيرتها وصولا إلى القصر الرئاسي في دمشق.
وبدا أن ذلك الخط الهادئ في الحوار جاء بعد الرسائل التي أوصلها الثوار في سوريا إلى الرياض على سبيل الطمأنة والتي قوبلت حتى الآن بالرد بالمثل، فعن العلاقات مع الرياض، قال الشرع إن “سوريا تحتاج للتجربة السعودية في البناء والتنمية”.
وأضاف، “السعودية دولة إقليمية مهمة وسوريا تحرص على التعاون معها، موضحا أن “للسعودية دور كبير في مستقبل سوريا، خصوصا وأنها تسعى لاستقرار سوريا ومواقفها موضع فخر”.
العلاقة مع طهران
وأرسل “الشرع” رسالة طمأنة أخرى للخليج، فقال إن “إسرائيل” كانت تخطط لدخول سوريا ومن ثم تتدخل إيران، معتبرا أن الحرب الخاطفة لإسقاط الأسد أمنت سوريا والخليج والمنطقة لـ50 عاما.
وأوضح أنه يريد علاقات مع إيران تحترم الشؤون الداخلية لسوريا، مع احترام السيادة، مشيرا إلى أنه كان على إيران الوقوف إلى جانب الشعب السوري، حيث رأى أن شريحة واسعة في إيران تريد دورا إيجابيا لطهران بالمنطقة.
كما انتقد قائد العمليات العسكرية، مسار إيران خلال 40 عاما في سوريا فقال إن “الثورة الإيرانية صدرت لسوريا صناعة الكبتاجون”، وأن “مشروع الثورة الإيرانية تسبب في نعرات طائفية وحروب وفساد”.
وأضاف أن “تصدير الثورة الإيرانية كان له تأثير سلبي كبير على المنطقة”، موضحا أن “مشروع إيران الذي استمر 40 عاما سقط في 11 يوما بسوريا”.
وشدد أن على إيران إعادة حساباتها في تدخلاتها على حساب شعوب المنطقة، موضحا أن إدارة العمليات تعاملت مع إيران بمنطق الدولة إذ حمت مقراتها وانتظرت منها إشارات إيجابية.
موسكو وواشنطن
وعن روسيا، شدد الشرع أن إدارة العمليات لا تريد خروج روسيا بطريقة لا تليق بعلاقتها بسوريا.
وعن الإدارة الأميركية الجديدة، عبر “الشرع” عن امله في إدارة الرئيس الأميركي القادم دونالد ترامب “رفع العقوبات عن سوريا بأسرع وقت” مشيرا إلى أنه عبر الوفود الأميركية التي زارت دمشق شدد على أن “العقوبات على سوريا لا يجب أن تستمر.”.
ولفت إلى أن السلطة الجديدة ستدير البلاد بعقلية الدولة، مؤكدا أن “سوريا لن تكون مصدر إزعاج لأحد”.
الشأن الداخلي
وتناول “الشرع” عبر الحوار توضيح بعض الأمور الداخلية الأخيرة وأبرزها ترجيحه “أن سوريا تحتاج إلى سنة ليلمس المواطن تغييرات خدمية جذرية”..
وعن ما يتعلق بالدستور والانتخابات، أوضح أن “إعداد وكتابة دستور جديد في البلاد، قد يستغرق نحو 3 سنوات، وتنظيم انتخابات قد يتطلب أيضا 4 سنوات.” مردفا أن “أي انتخابات سليمة ستحتاج إلى القيام بإحصاء سكاني شامل، ما يتطلب وقتاً”.
واعتبر أن “سوريا اليوم في مرحلة إعادة بناء القانون، وأن “مؤتمر الحوار الوطني” سيكون جامعا لكل مكونات المجتمع، وسيشكل لجانا متخصصة وسيشهد تصويتاً أيضاً.
ووعد أنه خلال “مؤتمر الحوار الوطني” سيتم الإعلان عن حل الفصائل ومنها “هيئة تحرير الشام”. مستعرضا رأيه في “أنه ينبغي أن يكون السلاح بيد الدولة فقط وهذا ينطبق على ثوات سوريا الدسمقراطية (قسد)”.
وفي السياق، أعلن أنه يجري الآن التفاوض مع (قسد) لحل أزمة شمال شرق سوريا في ضوء أن الأكراد جزء لا يتجزأ من المكونات السورية، وأن اندماج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري موضع ترحيب.
وبالامتداد المتعلق، أعلن “الشرع” رفضه أن تكون سوريا منصة لهجمات العمال الكردستاني ضد تركيا.
تقسيم سوريا
وانطلق إلى أنه لا تقسيم للبلاد معلنا رفضه “تقسيم سوريا بأي شكل، أو حتى مبدأ الفيدرالية، لافتا إلى أن التظاهرات، حق مشروع لكل مواطن ليعبر عن رأيه، دون المساس بالمؤسسات.
وعن أسباب تعيينات اللون الواحد، (المنتمين لهيئة تحرير الشام)، أبان أن تلك الخطوة في الحكومة الانتقالية الحالية، أتت لأن المرحلة تحتاج انسجاما بين السلطة الجديدة، مستطردا “شكل التعيينات الحالي كان من ضرورات المرحلة وليس إقصاء لأحد”.، وأن “المحاصصة في هذه الفترة كانت ستدمر العملية الانتقالية”.
وعن بعض العمليات الانتقامية الحاصلة، فأشار إلى أنها “أقل من المتوقع مقارنة بحجم الأزمة”، مضيفا أن “النظام السابق خلف انقسامات هائلة داخل المجتمع السوري.”..
واستدرك “ليس هناك قلق في الداخل السوري فالسوريون متعايشون”.، مشددا على أن كل مرتكبي الجرائم سينالون جزاءهم.
معاناة 14 عاما
المقابلة التي بثّتها “العربية” الأحد، 29 ديسمبر، نقلت عن الشرع قوله “إن السوريين عانوا طيلة 14 عاما وعاشوا مآسي، مشدداً على أن حجم الصراع في سوريا كان معقدا.”. مضيفا أن “الحل السياسي للأزمة السورية (قبل إسقاط الأسد) لم يكن ممكنا، منوّها إلى أن عملية إسقاط النظام حاولت جاهدة منع وقوع ضحايا”.
ولفت إلى أن عدم إيذاء المدنيين كان أولوية، موضحا أن الإدارة خططت لعملية عسكرية تتسم بسرعة الأداء للحفاظ على الأرواح.
وقال: “راعينا خلال العملية العسكرية دخول المدن الكبرى وكان جيش من المدنيين مرافقا لنا والخدمات لم تتوقف، مضيفا: دخلنا حواضر المدن السورية من دون أي عمليات تهجير”.
وأشار إلى أن انتقال السلطة كان سلسا إذ منع انهيار المؤسسات، مشددا على أن ما حدث في سوريا كان تاريخيا.