في تناقض عملي، أعلن وزير التموين والتجارة الداخلية بحكومة السيسي لـ CNBC عربية أن الوزارة تبحث زيادة واردات مصر من القمح الأوكراني، مضيفا أن التعاون مع أوكرانيا سيشمل سلعاً زراعية أخرى بخلاف القمح، بالرغم من الكشف عن وثائق مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP) أن شركة “بالادا” الروسية، التي اتُهمت سابقًا ببيع حبوب من مناطق أوكرانية محتلة، قامت بتصدير أكثر من 20,000 طن من القمح إلى مصر في يناير 2025، بعدما غيرت مسارها من سوريا.
وحملت السفينة “ميخائيل نيناشيف”، وفق الوثائق 27,000 طن وفقًا لشهادة صحية روسية مؤرخة في 28 نوفمبر وبعد تتبع مسارها إلى إسطنبول، ثم توقفت قرب قبرص، قبل أن تصل إلى ميناء الإسكندرية في 30 ديسمبر فادمة من الموانئ الروسية، حيث استقبلتها وكالة “وزارة الدفاع / مستقبل مصر”، وهي جهة تولّت استيراد السلع الاستراتيجية بدلًا من الهيئة العامة للسلع التموينية.
ووصلت الشحنة 24,290 طنًا، أي أقل من الكمية المصرح بها في الوثائق الروسية. لم يتضح سبب هذا التفاوت، لكنه يتماشى مع الجدول الزمني لحركة السفينة، بحسب بيانات الموانئ المصرية ما يعني سرقة بنحو 3 آلاف طن،
وقالت تقارير: إن “السفينة الروسية أوقفت أثناء إبحارها إلى مصر نظام التتبع الآلي عدة مرات أثناء رحلتها، مما زاد الغموض حول مصدر القمح كما أن ميناء مغادرة السفينة لم يرد في الشهادة الصحية الروسية”.
وأضافت التقارير إن صور متداولة أظهرت أن السفينة، ربما تم تحميلها في محطة الحبوب أفليتا بميناء سيفاستوبول في القرم المحتلة، لكن لم يتم التحقق من ذلك بشكل مستقل.
تاريخ السفينة والجهة المصدّرة يثيران الشكوك السفينة “ميخائيل نيناشيف” كانت تحت المراقبة منذ 2022، عندما حذرت الولايات المتحدة من أنها تنقل حبوبًا أوكرانية مسروقة، وطلبت أوكرانيا من تركيا التحقيق في نشاطها. الشركة المصدّرة “بالادا” مسجلة منذ أغسطس 2022، ويمتلكها رجل أعمال روسي لا يُعرف بتعامله السابق في تجارة الحبوب.
وثائق رسمية من سلطات الاحتلال الروسي في خيرسون كشفت أن “بالادا” حصلت على تصاريح لتصدير آلاف الأطنان من الحبوب من المناطق المحتلة خلال 2023، بما في ذلك 126 طنًا من زابوريزهيا في الشهور التي سبقت شحنة مصر، لكن لم يكن من الممكن تحديد ما إذا كانت ضمن الشحنة المرسلة.
وسبق أن حذرت أوكرانيا من تجارة القمح القادمة من هذه المناطق، ورفضت مصر استقبال شحنة مماثلة في 2022، مسؤولون أوكرانيون اعتبروا أن مسار السفينة والوثائق الغامضة وإيقاف التتبع إشارات حمراء تستدعي التدقيق من مصر، لكن تتبع مصدر الحبوب يبقى صعبًا بسبب خلط الشحنات من مصادر مختلفة، ولا يمكن التأكد منه إلا عبر تقنيات متطورة مثل اختبار الحمض النووي.
وأعلنت المملكة المتحدة في يناير 2024 عن برنامج جديد للتحقق من الحبوب، يعتمد على تحليل جيني متطور لتحديد مكان زراعة المحاصيل، لكن لم يتضح بعد مدى فعاليته في التصدي لهذه التجارة المثيرة للجدل.
ومصر من أكبر مستوردي القمح عالميًا، وتعتمد بشكل رئيسي على الإمدادات من روسيا وأوكرانيا. لكن منذ الحرب، انخفض الإنتاج الأوكراني، بسبب الهجمات الروسية على قطاع الزراعة، في حين كثفت روسيا تصدير حبوب من المناطق الأوكرانية المحتلة.