“أرز العرجاني” نموذج لفساد أبناء السيسي من وراء الدولة المصرية

- ‎فيتقارير

 

بكل القواعد الاقتصادية والاجتماعية، والمنطقية، لا يمكن اعتبار فضيحة أرز العرجاني،  سوى نموذج للفساد الرئاسي، الذي يتم أمام أعين الجميع.

 

حيث تقوم شركة أبناء سيناء، التابعة لمجموعة رجل بيزنس النظام إبراهيم العرجاني بتصدير الأرز لـ 18 دولة حول العالم، رغم إعلان مصلحة الجمارك في مطلع فبراير 2025 استمرار قرار حظر تصدير الأرز، القائم منذ أكثر من ثماني سنوات للحفاظ على الموارد المائية الشحيحة.

رغم تأكيد مصلحة الجمارك استمرار سريان قرار حظر التصدير، إلا  أن الدولة سمحت بالتصدير لشركات معينة، على رأسها «أبناء سيناء»، وبكميات أقل «الشركة المصرية السودانية للتنمية والاستثمارات المتعددة»، التي أُسست عام 2021، وتملكها الشركة القابضة للصناعات الغذائية وجهاز الخدمة الوطنية، وشركة «اتجاهات» السودانية، التابعة لمنظومة الصناعات الدفاعية المملوكة بدورها للقوات المسلحة السودانية.

 

وجاء إعلان شركة العرجاني تصدير الأرز، بعد شهر من نشر بيانات رسمية تشير إلى ارتفاع قيمة صادرات الأرز المصرية 3808% خلال الشهور العشرة الأولى لعام 2024 مقارنة بنفس الفترة من 2023.

 

وهو ما أرجعه تجار ومزارعون إلى استثناءات غير مُعلنة مُنحت لشركة «أبناء سيناء» المملوكة لرجل الأعمال إبراهيم العرجاني، الذي تنامى دوره السياسي والاقتصادي بالتعاون مع الدولة خلال الأعوام القليلة الماضية، لتصدير الأرز خلال العامين الماضي والجاري، وهو ما استغلته الشركة في تحصيل رسوم جبرية عن كل طن أرز يصّدر.

 

في ظل معاناة البلاد من الفقر المائي، فرضت الحكومات المصرية المتعاقبة على مدار العقدين الماضيين قيودًا على تصدير وزراعة الأرز، نظرًا لاستهلاكه العالي للمياه، والذي تُقدره الحكومة بنحو 25% من حصة مصر من مياه النيل البالغة 55 مليار متر مكعب سنويًا.

 

ورغم ذلك، كانت الحكومة تسمح من حين إلى آخر بالتصدير تحت ضغط المصدرين، مقابل فرض غرامات لصالح وزارة التموين تصل إلى ألفين جنيه على كل طن يتم تصديره.

 

إلا أن النهج الحكومي بات أكثر تشددًا منذ عام 2016، بعدما حظرت الحكومة تصدير الأرز بكل أنواعه، واستمرت في تمديد قرار الحظر سنويًا، خصوصًا مع تصاعد القلق من تأثير سد النهضة الإثيوبي.

 

وفي 2018، قلصت الحكومة مساحات زراعة الأرز، وحددت مناطق يسمح لها بالزراعة بناء على قرار سنوي، معظمها في مناطق مرتفعة الملوحة، ومنعت الفلاحين من زراعة الأرز خارج هذه الحدود، كما فرضت غرامات وعقوبات تصل إلى الحبس للمخالفين.

 

ورغم أن المساحات المقررة التي تزيد على مليون فدان، تُنتج أربعة ملايين طن أرز أبيض سنويًا، وهو ما يتجاوز الطلب المحلي البالغ 3.6 مليون طن، يواصل الفلاحون توسيع رقعة زراعة الأرز، متجاوزين الحدود المفروضة، بسبب عائده المرتفع مقارنة بتكاليف إنتاجه، مع ضمان تسويقه

 

فضلًا عن مخاوفهم من ارتفاع ملوحة التربة حال التوقف عن زراعة الأرز الذي تخفف مياه ريه ملوحتها، ما يخلق فائضًا سنويًا وصل العام الماضي إلى مليون طن، وفقًا للتقديرات الرسمية، تستورد مصر بجانبه 130 ألف طن أرز بسمتي سنويًا.

ووفق شهادات لتجار، فإن التصدير مفتوح للشركة منذ شهور كمكافأة على دور العرجاني في سيناء، لكنه كان غير معلن.

 

وقال أحد التجار لـ “مدى مصر”: “أي تاجر عايز يصّدر بيروح لشركة أبناء سيناء، يدفعلهم 150 دولار عن كل طن، ويدوني تصريح، وأقدم تنازل عن الشحنة، واستلم فلوسها منهم وهما بيصدروا تحت اسمهم”.

 

 ولعل أسلوب التلاعب من تحت عباءة الدولة الرسمية، يفتح أبوابا للفساد والثراء غير القانوني، وإضاعة مليارات الدولارات على الدولة المصرية، الذي يتراجع دورها في مقابل سيطرة عصابات من البارونات الفاسدة المرتبطة بعلاقات مشبوهة مع أبناء الحاكم وزمرتة المقربين.

وتمدد توغل العرجاني في الاقتصادي المصري في سنوات قليلة، بعدما كان محبوسا بتهمة قتل الجنود المصريين في سيناء، ثم تقرب من السيسي وابنه محمود حتى صار وكيل  أعمالهم، والخازن لأسرارهم، ومن يُشغّل لهم أموالهم الحرام، حيث باتت تُفتح له كل الأبواب المغلقة بلا قوانيين وبلا معايير قانونية أو قواعد، ما يخلق نتؤات بالمجتمع المصري.