بعد توقف حرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة وفشل دولة الاحتلال فى القضاء على المقاومة الفلسطينية وحركة حماس وتحرير أسراه بالقوة العسكرية لجأت إلى طرح أفكار شاذة لتحقيق نصر سياسى ودبلوماسى يغطى على الفشل العسكرى .
فى هذا السياق يطالب الاحتلال الصهيونى نظام الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي بتولى إدارة قطاع غزة لمدة 15 سنة مقابل إسقاط ديونه الخارجية التى تبلغ نحو 155 مليار دولار وبالطبع سيقوم نظام الانقلاب بالقضاء على حركة حماس وكتائب القسام ثم تسليم القطاع إلى دولة الاحتلال بعد انتهاء هذه الفترة .
الطرح الصهيونى لاقى تحذيرات من الخبراء والمراقبين مؤكدين أن دولة الاحتلال تسعى لتهجير الفلسطينيين والتخلص منهم .
وقال الخبراء أن هذا الطرح يؤكد أن دولة الاحتلال تتنكر لإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 .
وطالبوا الدول العربية بالتمسك بالإدارة الفلسطينية لقطاع غزة ، وتنفيذ برنامج إعادة إعمار غزة من دون تهجير أهلها.
كان زعيم المعارضة الصهيونية يائير لابيد قد اقترح أن يتولى نظام الانقلاب إدارة قطاع غزة للسنوات الثماني المقبلة على الأقل عقب نهاية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، لقاء سداد المجتمع الدولي الديون الخارجية للانقلاب .
وقال لابيد أمام منتدى في مركز أبحاث بواشنطن: الحل هو أن يتولى نظام الانقلاب مسؤولية إدارة قطاع غزة لثماني سنوات، مع خيار تمديد ذلك إلى 15 سنة .
وأضاف: في الوقت ذاته، سيتم سداد الدين الخارجي المصري من قبل المجتمع الدولي والحلفاء الإقليميين .
ويتضمن مقترح لابيد أن يقود الانقلاب ما يسمى بـ “قوة سلام” يشارك فيها المجتمع الدولي ودول عربية بهدف إدارة وإعادة إعمار القطاع المدمّر جراء الحرب التي امتدت نحو 15 شهرًا .
وزعم لابيد أنه خلال تلك الفترة، سيتمّ توفير ظروف الحكم الذاتي وإنجاز عملية جعل قطاع غزة منزوع السلاح بشكل كامل .
شرطى الصهاينة
من جانبه قال الدكتور محمود حسين، أستاذ العلوم السياسية، بجامعة القاهرة ان المقترح الصهيوني ليس جديدا مشيرا إلى أن دولة الاحتلال تحاول تمريره منذ فترات سابقة، أي قبل عملية طوفان الأقصى، وكل مرة كان مقترحها يتم مقابلته برفض صارم.
وأوضح حسين فى تصريحات صحفية أن الاحتلال يستهدف من وراء ذلك الطرح أن يتحول نظام الانقلاب إلى شرطي لحماية الصهاينة، وأن يتولى مواجهة الفصائل الفلسطينية المقاومة محذرا من هذه المخططات والتى يجب رفضها جملة وتفصيلا .
وشدد على أن إسرائيل الدولة القائمة بقوة الاحتلال، عليها أن تفي بالتزاماتها الدولية تجاه الشعب الفلسطيني، حتى التوصل إلى اتفاق يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو، وعاصمتها القدس الشريف، وإنهاء تلك المعاناة الممتدة منذ عقود.
وطالب حسين برفض ما تطرحه دولة الاحتلال بإرسال قوات أجنبية سواء عربية أو دولية إلى قطاع غزة، موضحا أن الشعب الفلسطيني لا محالة سيرى في تلك القوات عصا إسرائيل ومن ثم سيدخلون في صدام معها. وأكد أن الحل هو إنهاء الانقسام الفلسطيني، وعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وأن إنهاء الانقسام لن يكون إلا بالقبول بعقد انتخابات تشريعية تشمل الضفة وغزة.
دولة كاملة السيادة
وتساءل الكاتب الصحفى عبد الله السناوي: بدلا من أن يولي نظام الانقلاب إدارة قطاع غزة لمدة 15 عاما، مقابل إسقاط ديونه لماذا لا تترك إسرائيل الأرض نعطيها للسلطة الفلسطينية أو حماس لإدارتها، مقابل أن يتولى الأشقاء العرب دفع مبلغ مالي معين تطلبه إسرائيل، ويخرجوا للعيش في أي مكان بالعالم ؟.
وأضاف السناوي، في تصريحات صحفية : مقترح زعيم المعارضة الصهيونية بتولى الانقلاب إدارة القطاع كلام لا يعقل ومخالف للمنطق، مشيرا إلى أنه يشبه مقترح الرئيس الأمريكي الإرهابى دونالد ترامب، الذي يريد تهجير الفلسطينيين مقابل إقامة ريفيرا في الشرق الأوسط.
وأوضح أن حكومة الاحتلال ثم المعارضة الإسرائيلية، يطالبون بأن تدير مصر قطاع غزة لمدة 15 عاما، متساءلا : ماذا بعد الـ 15 عاما، هل تعيد مصر الأرض إلى الفلسطينيين أم لإسرائيل؟ .
واعتبر السناوى أن ما تقوم به دولة الاحتلال هو محاولة لـ”الغلوشة” على المطلب الدولي والمرجعيات الدولية، بإقامة دولة فلسطينية على حدود 67، مؤكدا أن الحل الوحيد والأبسط والعادل، هو تطبيق الاستحقاقات الدولية للشعب الفلسطيني بحقه في إقامة دولة كاملة السيادة، بدلا من الهروب وتجاهل الأزمة الحقيقية.
واشار إلى أنه من الممكن أن نعطي لإسرائيل المبلغ الذي طلبه ترامب من السعودية، مقابل خروج الصهاينة تماما من هذه الأرض، وتصبح السعودية قدمت جميلا كبيرا للعرب وللشرق الأوسط بالكامل .
مرحلة تفكيك
وأكد السفير محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق أن مقترح لابيد يأتي ضمن سلسلة التصورات الصهيونية المتكررة حول تهجير الفلسطينيين ومحاولة حل القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، مشددا على أن هذه المقترحات ستكون كغيرها لن ترى النور وستذهب إلى المجهول .
وقال العرابي فى تصريحات صحفية إن القضية الفلسطينية تمر الآن بـ”مرحلة تفكيك وإعادة تركيب” مرة أخرى بمفاهيم شاذة بعيدة من تطلعات الشعب الفلسطيني والشعوب العربية وغيرها من الدول المهتمة بالسلام، وهي مرحلة لا تعبر عن النظام العالمي الذي نتمسك به في ظل القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والأعراف الدولية .
وأشار إلى أن الرؤية العربية لقطاع غزة ما بعد حرب الإبادة واضحة ولم ولن تتغير وهي إعادة الإعمار من دون تهجير السكان لكن لن يكون اليوم التالي فلسطينياً خالصاً .
خط أحمر
ووصف السفير عزت سعد المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية مقترح لابيد بأنه “شاذ وخارج المنطق وغير قابل للتطبيق”، معتبرا أن هذا المقترح يعكس فكر الساسة الصهاينة سواء في الائتلاف الحاكم أو المعارضة، وحتى الرئيس الأمريكي الإرهابى دونالد ترمب، القائم على الصفقات من دون تفكير في المحددات والعوائق والقيود الهائلة التي يستحيل أن تقبل بها الدول والشعوب العربية ولا يمكن تجاوزها أو حتى التفاوض عليها .
وشددً سعد فى تصريحات صحفية على أن مثل هذه الأفكار تبقى “خطاً أحمر” في العقيدة السياسية والأمنية العربية محذرا من أن الصهاينة يريدون التخلص من الشعب الفلسطيني على حساب مصر والأردن، محاولين في ذلك استغلال الأوضاع الاقتصادية في مصر، إلا أنهم يجهلون التاريخ والأثمان الكبيرة التي دفعها الشعب المصرى لمصلحة القضية الفلسطينية والتي لا يمكن التراجع عنها .