بينما تتزايد معاناة المصريين في الحصول على الأدوية الحيوية، بسبب الغلاء أو انقطاعها من الأسواق، تتسع رقعة الفوضى في قطاع الدواء تحت قيادة وزير الصحة في حكومة المنقلب السيسي، المدعو خالد عبد الغفار، الذي يُتهم بأنه من أفشل من تولوا هذا المنصب، ليس فقط بسبب الإخفاق الإداري، بل أيضًا لسعيه الحثيث إلى خصخصة قطاع الصحة لصالح الإمارات والسعودية.
بيع المستشفيات الحكومية: صحة المواطن في المزاد
في خطوة أثارت استياء واسعًا بين الأطباء والحقوقيين، تسعى وزارة الصحة، بقيادة عبد الغفار، إلى بيع عدد من المستشفيات الحكومية الكبرى، أبرزها مستشفيات التكامل ومستشفيات مركزية في المحافظات، لصناديق استثمار إماراتية وسعودية، تحت ستار "تطوير الخدمة الصحية".
وكشف تقرير لموقع مدى مصر (يناير 2024) أن وزارة الصحة عرضت على صندوق الاستثمارات العامة السعودي وصندوق أبوظبي السيادي شراء أو تشغيل مستشفيات مصرية بعقود طويلة الأجل، ضمن خطة الحكومة لجذب "استثمارات استراتيجية" مقابل العملة الصعبة، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد.
الخصخصة تصل إلى شركات الأدوية الوطنية
الأخطر من ذلك أن الحكومة المصرية، وبقيادة نفس الوزير، سمحت خلال العامين الماضيين ببيع حصص الأغلبية في شركات أدوية وطنية كبرى مثل "إيبيكو" و"أمون" إلى شركات إماراتية وسعودية، وهو ما انعكس مباشرة على أسعار الأدوية وتوافرها.
فقد كشف تقرير لموقع المنصة (مارس 2025) أن عددًا من الأدوية الحيوية مثل "الأنسولين" و"أدوية القلب" و"مضادات حيوية للأطفال" أصبحت نادرة في الأسواق، بينما قفزت أسعار أخرى إلى مستويات خيالية لا تتناسب مع دخول المصريين.
مبادرة فاشلة لسحب الأدوية منتهية الصلاحية
في أحدث مظاهر الإخفاق، تتعثر مبادرة هيئة الدواء المصرية لسحب الأدوية منتهية الصلاحية من الصيدليات، التي أطلقتها رسميًا في فبراير 2025، رغم الإعلان عنها منذ سبتمبر الماضي، ووفقًا لمصدر داخل الهيئة، فإن النظام الإلكتروني المخصص لتسجيل المرتجعات يعاني من مشاكل تقنية كبيرة، لا تسمح بإدراج أكثر من 5 أصناف في كل نموذج، ما يدفع الصيادلة لتقديم عدة نماذج مرهقة.
وأكد المصدر أن أقل من 10 آلاف صيدلية فقط شاركت فعليًا في المبادرة من أصل أكثر من 82 ألف صيدلية مرخصة، ما يعكس ضعف الثقة والمشاركة في البرنامج.
تضارب الروايات.. والوزير "يتجاهل"
ورغم عقد رئيس الهيئة الدكتور علي الغمراوي اجتماعًا موسعًا مؤخرًا لمناقشة آليات سحب الأدوية من الأسواق، تجاهل الإشارة إلى أي مشاكل تقنية في المنظومة الجديدة، مكتفيًا بتصريحات إنشائية عن "سلامة المرضى" و"أهمية التخلص الآمن من الدواء".
في المقابل، تؤكد تصريحات نقيب صيادلة القاهرة محمد الشيخ، أن آخر مرة تمت فيها حملة ناجحة لسحب الأدوية المنتهية كانت عام 2017، ما يعني أن الأسواق ظلت لسنوات مليئة بمستحضرات فاسدة تشكل خطرًا مباشرًا على حياة المواطنين.
فساد المنظومة: شركات توزيع تتنصل والمصانع تماطل.
في يناير الماضي، قال رئيس شعبة الأدوية علي عوف لموقع المنصة: إن "هيئة الدواء والشركات تتحملان مسؤولية الفوضى، بسبب رفض بعض المصانع سحب منتجاتها، ومماطلتها في الالتزام بالمبادرة".
كما أشار مصدر بهيئة الدواء إلى أن شركات توزيع كثيرة تتخوف من استلام المرتجعات، نظرًا لعدم وجود ضمانات، ووجود أصناف تُنتج بنظام "التصنيع لدى الغير" توقفت عن التصنيع، ولا يمكن تصريفها أو إعادة تسويقها.
أين الوزير من كل ذلك؟
في ظل كل هذه الكوارث، يغيب وزير الصحة خالد عبد الغفار عن المشهد، مكتفيًا بالظهور الإعلامي في جولات تفقدية شكلية، بينما تتدهور البنية الصحية للمصريين، وتتحول المستشفيات العامة إلى مشاريع تجارية، وتُباع شركات الدواء الوطنية لصالح مستثمرين لا تهمهم صحة الشعب.
ويطالب أطباء ونقابيون بفتح تحقيق عاجل في سياسات عبد الغفار، ومراجعة ملفات بيع المستشفيات وشركات الأدوية، ومحاسبة كل من تورط في إهدار الصحة العامة لمصلحة الصفقات والخصخصة.