دور متخاذل للسيسى وقذر لشيطان العرب   ..مؤتمر لندن يكشف صراع المحاور العربية في السودان.

- ‎فيتقارير

 

كشف مؤتمر لندن حول مستقبل السودان، الذي عُقد الأسبوع الماضي بمشاركة دولية وإقليمية واسعة، حجم الانقسام العربي الحاد إزاء الأزمة السودانية، وسلط الضوء مجددًا على الأدوار الملتبسة والسلبية التي تلعبها أطراف إقليمية، على رأسها دويلة الإمارات بقيادة محمد بن زايد، المعروف بلقب "شيطان العرب"، إلى جانب الدور السلبي للنظام الانقلابى في مصر بقيادة عبد الفتاح السيسي، الذي بدا مترددًا ومتأرجحًا بين حماية المصالح القومية وركوب قطار التحالفات المرتبكة.

 

مصر… حضور باهت ومواقف مشوشة

ورغم انشغال نظام المنقلب السيسى بملفات أخرى، وعلى رأسها الحرب في غزة، أوفدت القاهرة وفدًا رفيعًا إلى المؤتمر، انطلاقًا من قناعة تقليدية تعتبر أن أمن السودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري. لكن المواقف التي اتخذها الوفد المصري، بحسب دبلوماسيين تحدثوا لـ"العربي الجديد"، لم ترتقِ إلى مستوى الأزمة، واقتصرت على محاولة خجولة لفرض عبارة في البيان الختامي تؤكد على "أهمية الحفاظ على المؤسسات الوطنية"، في إشارة واضحة إلى دعم الجيش السوداني، الذي تعتبره مصر صمام أمان لوحدة الدولة السودانية.

 

غير أن هذا التحرك بدا هشًا وغير فعال، في ظل رفض إماراتي قاطع لتضمين أي بند يعزز من موقع الجيش السوداني، ما عُدّ من قبل الوفد المصري تهديدًا لوحدة السودان، لكن القاهرة اكتفت بالتعبير عن "الاعتراض"، دون اتخاذ أي خطوات فعلية أو حشد موقف عربي مضاد للنهج الإماراتي التخريبي.

 

شيطان العرب يُجهض التسوية

وفي قلب هذا الصراع، برز الدور القذر والمشبوه لمحمد بن زايد، حاكم دويلة الإمارات، الذي لم يكتفِ برفض دعم المؤسسات الوطنية السودانية، بل سعى لإعادة صياغة المشهد السياسي السوداني بما يخدم مصالحه الخاصة في تفكيك الدول العربية وتحويلها إلى كيانات هشة تابعة.

 

رفض الإمارات لأي صيغة تعترف بدور الجيش السوداني لم يكن مجرد موقف دبلوماسي، بل امتدادًا لدور معروف للإمارات في إشعال النزاعات ودعم المليشيات وفرض أمر واقع يناسب أجندتها في السيطرة على موانئ السودان وثرواته. وقد أدى هذا الرفض إلى نسف البيان الختامي المشترك، واضطرار الجهة المنظمة إلى إصدار بيان باسم الرئاسة المشتركة فقط (بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي)، مما سحب الغطاء السياسي عن المؤتمر وأفرغه من أي مضمون.

 

خلافات عربية تُغرق السودان

التباين الحاد في مواقف الدول العربية، خصوصًا بين السعودية وقطر وتركيا الداعمة للمؤسسات السودانية من جهة، والإمارات التي تعمل على تقويضها من جهة أخرى، يعكس حجم الشرخ داخل النظام العربي الرسمي. وكان من اللافت أن مصر، بدلًا من قيادة موقف موحد لمواجهة الابتزاز الإماراتي، اكتفت بالتذمر الصامت، متأثرة بحسابات ضيقة، ورغبة النظام في عدم الاصطدام العلني بأبو ظبي، التي تمسك بخيوط دعم اقتصادي للنظام المصري.

 

وفي هذا السياق، قال المحامي الدولي أيمن سلامة لـ"العربي الجديد"، إن فشل المؤتمر في إصدار بيان موحد يُظهر هشاشة هذه المحافل، التي لا تمتلك أدوات قانونية أو سياسية ملزمة، خاصة مع غياب الإرادة السياسية بين الدول العربية.

 

أزمة السودان في مهب الأجندات الخارجية

من جانبه، رأى المحلل السوداني عادل عبد العزيز أن بعض الجهات "النظامية" السودانية تمرّدت على المؤسسات التي نشأت منها، في إشارة لقوات الدعم السريع، متسائلًا: "لو حدث ذلك في دولة أوروبية، كيف كان سيكون الرد؟"، مشيرًا إلى ازدواجية المعايير الدولية. وأضاف أن موقف مصر رغم وضوحه من زاوية الأمن القومي، لا يزال قاصرًا عن بلورة مبادرة عربية حقيقية توقف نزيف السودان وتقطع الطريق على الأجندة الإماراتية التي تسعى لتقسيمه.

 

إلى أين تتجه الخرطوم؟

مؤتمر لندن، الذي كان من المفترض أن يكون منصة لتنسيق دولي وإنساني لحل الأزمة السودانية، انتهى إلى لا شيء، بعد أن تحوّل إلى ساحة صراع بين محور عربي يرى في السودان دولة يجب إنقاذها، وآخر يتزعمه "شيطان العرب" يسعى إلى نهبها وتقسيمها.

 

وبين هذا وذاك، تبقى مصر الرسمية رهينة حسابات الخوف والموازنات المالية، ما يجعل موقفها باهتًا، وغير قادر على قيادة تحالف عربي ينقذ السودان من مصير بات أقرب إلى السيناريو السوري أو الليبي، في ظل استمرار الصراع المسلح وغياب أي توافق سياسي حقيقي.