تواصل سلطات الانقلاب انتهاج سياسة ممنهجة تقوم على الاعتقال التعسفي، الإخفاء القسري، والتنكيل بالمعتقلين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، في ظل غياب الضمانات القانونية والرقابة القضائية الفاعلة. هذا التقرير يوثق عددًا من الحالات البارزة التي تكشف حجم الانتهاكات المستمرة.
حُكم على هدى عبد الحميد بالسجن ثلاث سنوات والمراقبة ثلاث سنوات أخرى، بعد أن قضت خمس سنوات في الحبس الاحتياطي. جريمتها الوحيدة كانت الدفاع عن ابنها عبد الرحمن الشويخ، الذي تعرض لانتهاكات جسدية وجنسية داخل سجن المنيا. اعتقالها جاء بعد نشرها فيديو يطالب بالتحقيق في تلك الانتهاكات، لتواجه اتهامات ملفقة بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. هذه القضية تكشف عن استهداف الأمهات والنساء لمجرد مطالبتهن بحقوق أبنائهن.
واصدرت الدائرة الأولى إرهاب بمحكمة استئناف القاهرة، برئاسة المستشار "محمد سعيد الشربيني"، حكمها في حق السيدة "هدى عبد الحميد محمد أحمد"، المحبوسة احتياطياً منذ عام 2021، على ذمّة القضية رقم 900 لسنة 2021، حيث قضت بـسجنها 3 سنوات وإخضاعها للمراقبة لـ3 سنوات أخرى.
النساء المعتقلات
تشير تقارير حقوقية إلى أن هناك أكثر من 200 فتاة وامرأة اعتُقلن خلال الشهرين الماضيين، ليرتفع عدد المعتقلات السياسيات إلى أكثر من 1000 سيدة وفتاة. أسباب الاعتقال تتراوح بين النشاط السياسي، أو مجرد كونهن زوجات لمعتقلين. هذا التصاعد الخطير يعكس سياسة ممنهجة لترويع المجتمع عبر استهداف النساء، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية.
محمد ثابت
قضية محمد ثابت، الذي تجاوز عمره 74 عامًا، تكشف مأساة الحبس الاحتياطي الممتد. ثابت محتجز منذ سبع سنوات دون محاكمة عادلة، رغم تقدمه في السن ومعاناته الصحية. شهادات أسرته تؤكد أن استمرار حبسه يمثل عقوبة جماعية وظلمًا مضاعفًا، ويطرح تساؤلات حول خطورة إبقاء رجل مسن خلف القضبان كل هذه السنوات.
ومحمد أحمد حسن ثابت، شقيق رجل الأعمال صفوان ثابت (مالك شركة جهينة)، يبلغ من العمر 74 عامًا، وهو معتقل منذ عام 2019 ويقضي عامه السابع في الحبس الاحتياطي، في انتهاك صارخ للقانون المصري والمعايير الدولية.
وحُددت جلسات محاكمة له ضمن قضية تضم أكثر من 100 متهم، لكن لم يصدر حكم نهائي بحقه حتى الآن.
وعبرت منظمات حقوقية مثل "عدالة لحقوق الإنسان" عن قلقها البالغ من استمرار حبسه، خاصة مع تقدمه في العمر وتدهور حالته الصحية.
ومريم صفوان ثابت، تحدثت عن زيارته مؤخرًا، مؤكدة أنه يعاني من ظروف احتجاز منهكة لا تناسب عمره. وفي منشور لها، نقلت عنه قوله ساخرًا: "انتم نسيتم إني بقيت عندي 74 سنة ولا إيه؟!"، في إشارة إلى طول فترة حبسه الاحتياطي.
https://twitter.com/mariamthabet/status/1988573248024367302
واستمرار احتجاز محمد ثابت يمثل انتهاكًا للمادة 55 من الدستور المصري التي تضمن كرامة المحتجزين. ويتعارض مع قواعد نيلسون مانديلا النموذجية التي تلزم بتوفير ظروف إنسانية ورعاية صحية للمساجين.
وهذه الحالات ليست معزولة، بل تأتي ضمن نمط متكرر من الانتهاكات التي تشمل: الإخفاء القسري لسنوات طويلة كما في حالة هشام وضّاح الأودن.
حيث قررت نيابة أمن الدولة العليا حبس وضّاح هشام نور الدين الأودن 15 يومًا بعد ظهوره لأول مرة منذ اعتقاله في الخرطوم عام 2022، حيث تم ترحيله إلى مصر بعد شهرين من القبض عليه، ليظل مختفيًا قسريًا ثلاث سنوات كاملة دون إعلان أو تواصل مع أسرته. هذه الحالة تمثل انتهاكًا صارخًا للحق في الحرية والأمان الشخصي، ولحظر الإخفاء القسري المنصوص عليه في القانون الدولي.
استهداف العلماء والمثقفين كما في حالة د. إيهاب صلاح حيث اختفى عالم الصيدلة الإكلينيكية البارز د. إيهاب صلاح منذ شهرين، وسط ترجيحات باعتقاله أمنيًا بسبب آرائه الحرة على مواقع التواصل الاجتماعي. صلاح، الذي ساهم لعقود في تطوير بدائل محلية للأدوية، يُعد من أنصار التغيير السلمي ومن المشاركين في ثورة يناير. اعتقاله المحتمل يسلط الضوء على استهداف الكفاءات العلمية وأصحاب الرأي المستقل، ما يشكل خسارة مزدوجة للمجتمع والمرضى الذين يعتمدون على خبراته.
وقالت تقارير إن عالم الصيدلة الاكلنيكية المصري البارز دكتور إيهاب صلاح مختفٍ منذ شهرين
ورجح محامون اعتقاله أمنياً بسبب آرائه الحرة التي يدونها على صفحته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي
ود. صلاح عالم مصري له قدره في مجال الصيدلة الاكلنيكية التي يمارسها منذ ٢٠ عاما بالصيدلية المملوكة لوالده "أحد أبطال حـ..ـرب أكتوبر" بمركز بنها بمحافظة القليوبية.
وهو من أنصار التغيير السلمي و من أبرز المشاركين في الجمعية الوطنية للتغيير وثورة يناير المجيدة وكان من أشد معارضي سياسات الاخوان إبان توليهم حكم البلاد حتى يونيو 2013.
https://www.facebook.com/photo/?fbid=1262997472520448&set=a.483940800426123
تؤكد هذه الوقائع أن سلطات الانقلاب تتجاهل التزاماتها الدولية، بما في ذلك العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وقواعد نيلسون مانديلا النموذجية لمعاملة السجناء. كما تمثل انتهاكًا مباشرًا للمادة 55 من الدستور المصري التي تضمن كرامة المحتجزين وتحظر تعريضهم للخطر.