اعتبر الكاتب في مجلة Foreign Policy الأميركية، مارك لينش، أن هجمات حماس على "إسرائيل" في أكتوبر 2023 أعادت التدقيق في علاقات الإخوان التاريخية معها، وأعطت زخماً جديداً للضغط على واشنطن لتصنيفها "إرهابية".
وأشار إلى أن هذا التصنيف، إن تم، لن يعالج تهديداً أمنياً بقدر ما سيعزز القمع في الشرق الأوسط ويستخدم داخلياً في الولايات المتحدة لتجريم المعارضين والمجتمع المدني، مما يجعله خطوة سياسية أكثر من كونه إجراءً أمنياً.
وأكد الأكاديمي الأمريكي أن هجمات 7 أكتوبر "إسرائيل" وبعض الدول العربية دفعت إلى الضغط على واشنطن من أجل تصنيف حركة الإخوان المسلمين. مشيرا إلى أن "إسرائيل" ترى أن التصنيف "جزءًا من حربها الشاملة على حماس"، بينما "تأمل مصر والإمارات والسعودية في انتزاع هذا التنازل مقابل تقديم دعمها لخطة ترامب لغزة".
ويؤكد المقال أن الأمر التنفيذي "قدّم أدلة أو مبررات شحيحة"، مجادلًا بأنه "لا يوجد فعليًا أي دليل جديد وجيد" على أن الجماعة منظمة إرهابية.
ويحذّر الكاتب مارك لينش من أن اعتماد تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية سيكون "أكثر إضرارًا على الصعيد المحلي"، بما يعزّز "القمع" في الشرق الأوسط ويمكّن حملات التضييق الداخلية في الولايات المتحدة.
وناقش المقال موقف إدارة ترامب من الجماعة، حيث تم النظر إليها باعتبارها تهديداً إقليمياً. مشيرا إلى أن بعض حلفاء واشنطن في المنطقة (مثل مصر والسعودية والإمارات) ضغطوا لتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية.
وأوضح المقال أن هذا التوجه يعكس رغبة هذه الدول في تقويض أي نفوذ سياسي للإخوان داخل المنطقة.
يؤكد المقال أن ترامب عزز علاقاته مع "إسرائيل" بشكل غير مسبوق، عبر دعم سياسات الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس. لافتا إلى أن هذا الدعم جاء على حساب أي تقدم في عملية السلام مع الفلسطينيين.
وخلص المقال إلى أن إدارة ترامب لم تُظهر اهتماماً حقيقياً بدعم الديمقراطية أو حقوق الإنسان في الشرق الأوسط. بل على العكس، فضّلت التعامل مع الأنظمة السلطوية باعتبارها حلفاء استراتيجيين ضد الإسلام السياسي وإيران.
المقال المنشور على موقع Foreign Policy ناقش فيه مارك لينتش، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن ومدير مشروع الشرق الأوسط، في المقال الذي نشرته "فورين بوليسي"، خطوات الإدارة الأمريكية نحو تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كـ"منظمة إرهابية". لينتش أكد أن هذا التصنيف غير دقيق، وأنه سيؤدي إلى تعزيز القمع في الشرق الأوسط والولايات المتحدة على حد سواء.
أوضح الكاتب أن الأمر التنفيذي الصادر في 24 نوفمبر لم يتضمن أي مبررات أو أدلة جديدة، بل استند إلى تصريحات سياسية من قيادات مصرية وأردنية عقب هجمات 7 أكتوبر 2023، إضافة إلى دور محدود للجماعة الإسلامية في لبنان في إطلاق صواريخ على إسرائيل. لينتش شدد على أن التبرير ضعيف، وأنه لا يوجد دليل موثوق يثبت أن الإخوان منظمة إرهابية.
وأشار إلى أن فكرة تصنيف الجماعة إرهابية ليست جديدة، إذ طُرحت منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، بدفع من جماعات يمينية أمريكية وحلفاء إقليميين مثل الإمارات ومصر وإسرائيل، لكنها رُفضت سابقاً لعدم واقعيتها. الرئيس الأسبق جورج بوش، بحسب لينتش، أدرك أن مثل هذا التصنيف سيقوض الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة.
ورأى لينتش أن إدارة ترامب لا تبالي بهذه الاعتبارات، بل قامت بإقصاء خبراء الخدمة المدنية الذين كان بإمكانهم تقديم تحليلات موضوعية. ويضيف أن الخطوة تأتي في وقت تراجعت فيه شعبية الإخوان بالمنطقة، ولم تعد قطر وتركيا تدافعان عنهم كما في السابق، بينما استغل حلفاء واشنطن العقد الماضي لتوسيع نفوذ أجهزتهم الأمنية ضد الجماعة والمعارضة المدنية.
وحذر لينش من أن التصنيف قد يُستخدم لاستهداف خصوم سياسيين، بما يعزز القمع ضد المهاجرين ومنظمات المجتمع المدني ذات الميول اليسارية. ويؤكد أن الإخوان ظلوا هدفاً لنظريات المؤامرة منذ 2001، وأنه لا وجود لتنظيم عالمي موحد للجماعة، وهو ما أقر به حتى الأمر التنفيذي نفسه الذي حدد فروعاً بعينها دون تسمية شاملة.
النشاط الاجتماعي والسياسي
ولفت إلى أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر ظهرت عام 1928 على يد الشيخ حسن البنا، وسرعان ما انتشرت في المنطقة والعالم. ورغم وجود التزامات فكرية وتنظيمية عامة بين فروعها، فإن كل فرع تطور وفق ظروفه المحلية، ولم يتلق أوامره من قيادة مركزية موحدة. هذا التنوع جعل الجماعة شبكة واسعة ذات مرجعيات مشتركة مثل أفكار حسن البنا وسيد قطب، وأعمال علماء معاصرين مثل يوسف القرضاوي، لكنها في النهاية أنتجت قيادات محلية مستقلة في كل بلد.
وركزت الجماعة على مستوى المنطقة، على تعزيز المجتمعات الدينية وتبني سياسات اجتماعية محافظة، لكنها لم تكن متشددة دينياً مثل الحركات السلفية أو تنظيم الدولة الإسلامية، بل فضلت تبسيط التعاليم والتركيز على التنظيم الاجتماعي والسياسي. لينتش يقارنها بالإنجيليين الأمريكيين قبل ثورات الربيع العربي، إذ كانت حركة واسعة تهدف إلى نشر التدين عبر الخدمات الاجتماعية والمنافسة السياسية، مع قاعدة اجتماعية من الطبقة الوسطى والمهنيين المدنيين، لا من الفئات المهمشة التي انجذبت للجماعات الجهادية.
وأضاف أن الإخوان شاركوا في الانتخابات كلما أتيحت لهم الفرصة، وفازوا مراراً، لكنهم واجهوا اتهامات بأن التزامهم بالديمقراطية كان تكتيكياً. في مصر، فازوا بعد ثورة 2011 لكن أُطيح بهم في انقلاب 2013 بقيادة عبد الفتاح السيسي. وفي تونس، فازت حركة النهضة ثم جُرمت لاحقاً على يد الرئيس قيس سعيد.
خلل في المقال
وحتى هنا زعم لينش أن الإخوان رفضوا رسميا العنف وأنه انخرطت بعض فروعهم في مواجهات عنيفة ضد قمع الدولة، كما حدث في مصر وسوريا في السبعينيات. أما في فلسطين، فقد نشأت حركة حماس من رحم الإخوان عام 1987، ولعبت دوراً بارزاً في المقاومة المسلحة. وفي العراق، ساهمت منظمات مرتبطة بالإخوان في التمرد السني بعد 2003.
في الولايات المتحدة، أثارت الجماعة جدلاً واسعاً؛ فالبعض ركز على ارتباطها بحماس أو شخصيات من القاعدة، بينما رأى آخرون أنها تشكل حاجزاً ضد التطرف. إدارة بوش جسدت هذا التناقض، إذ دعا بعض المتشددين لاستهدافها، فيما فضل آخرون دمجها في العملية الديمقراطية، ودعموا مشاركتها في الانتخابات المصرية عام 2005 والفلسطينية عام 2006.
وشهدت جماعة الإخوان المسلمين خلال العقدين الماضيين حملة إقليمية ودولية واسعة أدت إلى تراجع نفوذها السياسي والاجتماعي بشكل كبير. ففي العراق، أدرك فريق مكافحة التمرد بقيادة الجنرال ديفيد بترايوس أهمية التمييز بين الجماعات الإسلامية المختلفة، مما ساهم في إطلاق “الصحوة السنية” بين عامي 2006 و2008، حيث تحالفت الولايات المتحدة مع جماعات قومية ذات جذور إخوانية ضد تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية الناشئ.
في السعودية، جاءت الحملة على الإخوان ضمن مشروع ولي العهد محمد بن سلمان لتقليص سلطة المؤسسة الدينية التقليدية. ورغم أن حركة الصحوة الشعبية المتعاطفة مع الجماعة لم ترتبط بالإرهاب، فإن قادتها البارزين مثل سلمان العودة انتهى بهم المطاف في السجون أو تحت الملاحقة. أما الأردن، فقد انتقل من الاعتماد على الإخوان كركيزة للنظام الملكي إلى اعتبارهم المعارضة الرئيسية، فقام بتفكيك الجماعة عبر دعم قيادة بديلة ومصادرة أصولها وتجريمها.
بلغت الحملة ذروتها عام 2017 مع حصار قطر من قبل السعودية والإمارات، حيث طالبتا بوقف دعمها للجماعة، وامتد الضغط إلى واشنطن عبر مراكز أبحاث وشركات علاقات عامة لإقناع إدارة ترامب بتصنيف الإخوان منظمة إرهابية. ورغم أن إدارة بايدن أنهت المقاطعة وأصلحت العلاقات الإقليمية، فإن الضرر كان قد وقع، إذ جُردت الجماعة من خدماتها الاجتماعية وحضورها الشعبي، وأصبحت مجرد ظل لما كانت عليه.