كتب- أحمدي البنهاوي:
وقف مهدي عاكف أمام قضاة العسكر وضباطه "المتأنقين" منذ أن كان شابا وحتى وصل إلى سن التاسعة والثمانين. لم يتراجع عن آرائه أو أفكاره ومبادئه التي عاش لأجلها ومات في سبيلها. كتب له أن يلقى الشهادة بعد سنوات طويلة من العمل والجهاد.
ارتقى المرشد السابق لجماعة الإخوان محمد مهدي عاكف، عن عمر ناهز الـ89 عاما، بعد أن سجن في كافة العصور التي عايشها؛ بداية من فاروق مرورا بعبد الناصر والسادات ومبارك وصولا إلى السيسي.
قبل 4 أيام فقط من وفاته أجل المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطره، إعادة محاكمة فضيلة الأستاذ عاكف، والمرشد الحالي للإخوان د.محمد بديع والمهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد، ود.سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب السابق، ود.محمد البلتاجي، ود.عصام العريان، و8 آخرين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"أحداث مكتب الإرشاد"، لجلسة ٣٠ أكتوبر المقبل لحضور الأستاذ مهدي عاكف إذا سمحت حالته الصحية.
وقدمت النيابة العامة تقريرا طبيا بتاريخ ١٣سبتمبر، يؤكد أن الأستاذ محمد مهدي عثمان عاكف، يعاني ارتفاع نسبة الصفراء بالجسم، وورم القنوات المرارية، وسرطان بالبنكرياس، مما يتعذر نقله لحضور الجلسات.
ورفع الإنقلابيون تقريرهم الطبي المخفف حيث ظل المرشد العام السابق للإخوان المسلمون، البطل المجاهد محمد مهدى عاكف، يصارع المرض وحيدا بعد أن تجرد الانقلابيون من إنسانيتهم، دون الإفراج عنه والسماح لأسرته بعلاجه على نفقته الخاصة، ما يؤكد أن الانقلاب مصر على مسلسل الإهمال الطبي في السجون.
هيهات منا الذلة
اعتقل الانقلابيون عاكف ومعه عشرات الآلاف من الثوار الأحرار دون ذنب أو جريرة، وألقوا به في سجن انفرادي طمعا في كسر إرادته وإرادة الصامدين خلف القضبان، وظل الرجل صابرا صامدا محتسبا دون أن يظفروا منه بكلمة تأييد واحدة للانقلاب العسكري.
يحتسب فيها مسيرته وجهاده لله ثم من أجل حرية الشعوب وتحرير الأوطان محفورة في التاريخ وفخرا للأجيال جيلا بعد جيل رغم أنف الطغاة، فساحات المدارس والجامعات تشهد له كقائد من قادة الحركة الوطنية، كما تشهد له ضفاف قناة السويس ومدنها قيادته للجهاد الوطني لتحرير مصر من الاحتلال، لكن النظم العميلة ؛ من إبراهيم عبد الهادي في العهد الملكي الفاسد ومرورا بعبد الناصر ومبارك وانتهاء" بالسيسي انتقموا منه شر انتقام إرضاء" لأسيادهم من قوى الاستعمار؛ حتى كاد أن يموت في سجون عبد الناصر من شدة التعذيب، وها هو اليوم يموت وحيدا مريضا دون أن تلين له قناة.
عاكف الصلب
وتولى الأستاذ محمد مهدي عاكف (12 يوليو 1928 – 22 سبتمبر 2017) المرشد العام السابق لجماعة الاخوان المسلمين وهو المرشد العام السابع للجماعة وقد تولى هذا المنصب بعد وفاة سلفه مأمون الهضيبي في يناير عام 2004. ثم خلفه في المنصب د.محمد بديع، ليكون عاكف صاحب لقب أول مرشد عام سابق للجماعة، وتم انتخاب "بديع" بعد انتهاء فترة ولايتة وعدم رغبته في الاستمرار في موقع المرشد العام ليسجل بذلك سابقة في تاريخ الجماعة.
والأستاذ عاكف من مواليد كفر عوض السنيطة، مركز أجا دقهلية، مدرسة (المنصورة) الابتدائية، ثم التوجيهية من مدرسة (فؤاد الأول) الثانوية بالقاهرة، ثم التحق بالمعهد العالي للتربية الرياضية، وتخرج في مايو 1950م.
عمل بعد تخرجه مدرساً للرياضة البدنية بمدرسة (فؤاد الأول) الثانوية.
عرف الإخوان في وقت مبكر في عام 1940م، وتربى على شيوخ الإخوان وعلمائهم، وعلى رأسهم المرشد الأول الأستاذ حسن البنا، وكان من أحبِّ المشايخ إلى نفسه محب الدين الخطيب.
التحق بكلية الحقوق 1951م، ورأس معسكرات جامعة إبراهيم (عين شمس حاليًا) في الحرب ضد الإنجليز في القناة، حتى قامت الثورة، وسلَّم معسكرات الجامعة لكمال الدين حسين المسئول عن الحرس الوطني آنذاك.
كان آخر موقع شغله عاكف في الإخوان قبل صدور قرار بحل الجماعة عام 1954م هو رئاسة قسم الطلاب، كان رئيساً لقسم التربية الرياضية بالمركز العام للإخوان المسلمين.
قُبض عليه في أول أغسطس 1954م، وحُوكم بتهمة تهريب اللواء عبد المنعم عبد الرؤوف- أحد قيادات الجيش واحد اعلام الاخوان – والذي أشرف على طرد الملك "فاروق"- وحُكم عليه بالإعدام، ثم خُفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.
وخرج من السجن سنة 1974م في عهد أنور السادات ليزاول عمله كمدير عام للشباب بوزارة التعمير.
اشترك في تنظيم المخيمات للشباب الإسلامي على الساحة العالمية بدءًا من السعودية، والأردن، وماليزيا، وبنغلاديش، وتركيا، وأستراليا، ومالي، وكينيا، وقبرص، وألمانيا، وبريطانيا، وأمريكا.
عمل مديرًا للمركز الإسلامي بميونخ. وشغل عضوية مكتب الإرشاد أعلى هيئة قيادية داخل الجماعة منذ عام 1987م حتى أكتوبر 2009.
انتخب عضوًا بمجلس الشعب سنة 1987م عن دائرة شرق القاهرة، وذلك ضمن قائمة التحالف الإسلامي التي خاض الاخوان الانتخابات تحت مظلتها.
قُدِّم للمحاكمة العسكرية سنة 1996م؛ فيما يعرف بقضية سلسبيل والتي ضمت وقتها عدد كبير من قيادات الإخوان المسلمين، وقد اتهمه الادعاء بانه المسئول عن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وحُكم عليه بثلاث سنوات، ليخرج من السجن في عام 1999م.
اختير الأستاذ عاكف في المرتبة الـ12 ضمن 50 شخصية مسلمة مؤثرة في عام 2009، في كتاب أصدره المركز الملكي للدراسات الإستراتيجية الإسلامية وهو مركز أبحاث رسمى في الأردن حول أكثر 500 شخصية مسلمة مؤثرة في عام 2009.