كتب سيد توكل:
"سنقدم تنازلات كبيرة لتحقيق المصالحة الفلسطينية"، هكذا قررت حركة المقاومة الإسلامية حماس أن تخوض معركة وطنية لا تقل عن معركتها ضد الاحتلال الصهيوني، ربما تكون نتائجها وانتصاراتها أكبر تأثيرًا وقوة من إطلاق صاروخ من غزة نحو تل أبيب.
وبات سؤال المراقبين: هل يختتم "عباس" حياته الطويلة بأعمال عظيمة وإنجازاتٍ كبيرة، يعوض فيها ما خسر، ويستدرك شيئًا مما فقد، ويجبر بها ما كسر، ويحقق بها ما تمنى شعبه وحلم به أبناء وطنه، فيبلسم جراحاتهم، ويخفف من آلامهم، ويقف معهم وإلى جانبهم، ويرفع عنهم العقوبات التي أثقلت كواهلهم وكسرت ظهورهم، وتسببت في الكثير من معاناتهم، فتجعل خواتيم أعماله له بين المواطنين في فلسطين ذكراً حسناً، وعند الله يوم القيامة ذخراً وأجراً..؟!
وكشفت مصادر مطلعة أن رئيس سلطة رام الله "محمود عباس" وضع 3 شروط لعرقلة المصالحة وربما إفشالها لصالح الاحتلال الصهيوني، وحسب صحيفة "الحياة"، قال عباس: "لن أقبل بأي وجود أو دور لأي دولة أو جهة بعينها في غزة"، وأنه لن يقبل بأي دور لحركة "حماس" على أرض الواقع في القطاع.
أما شرط "عباس" الثالث أو حجر العثرة فهو "عدم السماح بوصول أي مساعدات مالية من أي جهة كانت إلى القطاع إلا عبر حكومة التوافق الوطني"، ما يعني استيلاء الفاسدين في قيادة فتح والسلطة على أموال المساعدات كما اعتادوا منذ اتفاق "أوسلو" الأسود.
شروط صهيونية
تأتي شروط "عباس" التي اتفق عليها مع وفد السفيه عبد الفتاح السيسي، وأقرتها "إسرائيل"، بعد تأكيد رئيس حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، أن حركته ستقدم تنازلات كبيرة من أجل تجاوز عقبة الانقسام وتحقيق المصالحة الفلسطينية.
وقال "السنوار"، خلال لقاء عقدته حماس في غزة، "إن حركته قررت تحقيق المصالحة كونها خيارًا استراتيجيًا لا رجعة عنه"، منوهًا بأنه يجب أن نتعالى عن حساباتنا الحزبية.
وتابع أن "حركته تحاول الخروج مما وصفه بـ"منطق توزيع المسئوليات في أسباب الانقسام، إلى منطق العمل المشترك لإنهاء الانقسام"، حسبما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط.
من جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي محسن صالح، "لست متفائلاً بنجاح المصالحة الفلسطينية بالشكل الذي هي عليه، وإن كنت من أشد الراغبين في تحقيق وحدة وطنية حقيقية؛ وفي جمع طاقات الشعب الفلسطيني ضمن برنامج عمل جاد موجّه ضدّ العدو الصهيوني، ويوقف استنزاف طاقاتهم في نزاعاتهم الداخلية".
وتابع:"محمود عباس وقيادة حركة فتح يديرون المصالحة "كلعبة"، تهدف في النهاية إلى تطويع حماس تحت قيادتهم للشعب الفلسطيني، وتحت سقف التزاماتهم السياسية والأمنية وفق اتفاق أوسلو".
مضيفًا: "وفكرة "الإدارة" وليس "الحل" مشابهة إلى حدٍّ كبير لعملية إدارة "إسرائيل" للعبة التسوية السلمية مع عباس وفتح، لتطويعهم في النهاية لإرادة الاحتلال وتصوراته للحكم الذاتي الفلسطيني".
وتابع:"ويبدو "هجوم المصالحة" الحمساوي في الآونة الأخيرة "حباً من طرف واحد"، سيحرج قليلاً قيادة فتح (التي هي قيادة السلطة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية) لكنها ستقوم باستيعابه".
موضحًا "ثم يتم تحقيق ما يمكن من مكاسب على الأرض بناء عليه، مع إفراغ المصالحة القائمة على الشراكة الوطنية من محتواها؛ ثم إعادة تصعيد الأزمة بحشر حماس في زاوية عدم الاستجابة لمتطلبات جديدة للمصالحة حسبما ترتئيها قيادة فتح".
وختم بالقول: "والذين هللّوا لنجاح المصالحة هذه المرة.. ربما استعجلوا كثيرًا، لأن الأمر بدا من ناحية وكأن حماس كانت هي العقبة وأن إجراءاتها ستحل المشكلة، ولأنهم من ناحية ثانية لم يعطوا التقدير الحقيقي لجوهر الخلاف الفلسطيني".
هل ستنجح؟
من جانبه يرى الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة، أن "الأمور تسير باتجاه المصالحة؛ لأن حماس تريد المصالحة وستفرضها فرضا"، مؤكدا أنه "لن تنجح أي قوة في إفشال المصالحة الفلسطينية".
مضيفًا أنه "لا عذر ولا حجة ولا مبرر لعدم قيام الحكومة بواجباتها، والمصالحة ستنجح لأنها إرادة شعب، وحاجة مجتمع أمسى ينتظر الفرج بعد الضيق".
ونوه.. إلى أنه "قد يكون لهذا أو لذاك أجندة خاصة، ولكن أجندة الشعب هي المصالحة التي تقف خلفها أطراف عربية ودولية".
ورغم ذلك لا يخفي أبو شمالة تخوفاته بشأن ملف المصالحة، ويقول: "ما يخيف هو الصمت الإسرائيلي والموقف الأمريكي، واشتراطات المبعوث الأمريكي لعلمية السلام لإتمام المصالحة تشي بعدم موافقة أمريكية على استكمال المصالحة، إضافة لتصريحات عباس بشأن السلاح الشرعي، التي تضع العصا في دولاب المصالحة".