تضامنًا مع دعوة الرئيس أردوغان.. كتّاب عرب يطالبون بمقاطعة جائزة نوبل

- ‎فيتقارير

أعرب أدباء وكتاب ومفكرون عرب عن تأييدهم وتضامنهم مع دعوة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لمقاطعة جائزة نوبل، مؤكدين أن منح جائزة نوبل للأدب لعام 2019 للكاتب النمساوي العنصري، بيتر هاندكه، يكشف عن أهدافها المناوئة للحقوق العربية والإسلامية.

وقالوا إن هاندكه كان له موقف عنصري من الصراع في يوغسلافيا؛ حيث أبدى تضامنه الشديد مع الصرب ضد المسلمين في البوسنة وكوسوفو وحاول التهوين من جرائم الحرب التي ارتكبها الصرب، مشيرين إلى أن هاندكه ألقى كلمة رثاء لدى تشييع جثمان السفاح الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش، عام 2006، الذي أطيح به قبل وفاته بست سنوات.

كان الرئيس أردوغان، قد انتقد منح جائزة نوبل للكاتب النمساوي، بيتر هاندكه، ووصفه بأنه “شخص عنصري” و”قاتل”.

وقال أردوغان – خلال كلمة ألقاها أمام جمع من الطلاب في أنقرة – إن تسليم جائزة نوبل للسلام في العاشر من ديسمبر، في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، لشخص عنصري أنكر التطهير العرقي في البوسنة والهرسك ودافع عن مجرمي الحرب ليس له معنى آخر إلا مكافأة الانتهاكات ضد حقوق الإنسان.

وأكد: إن تكريم قاتل مثل هذا يعني الاشتراك في الفظائع مشددا على أنه لا يقيم وزنا للجنة نوبل.

وردا على سؤال عما إذا كان من الممكن أن يقبل هو نفسه جائزة نوبل إذا فاز بها، قال أردوغان: “لن أتسلمها”.

وكان المتحدث باسم أردوغان، إبراهيم قالين، قد طالب عبر حسابه على تويتر، لجنة نوبل بالعدول عن قرار منح الجائزة لهاندكه، وقال إن القرار “غير منطقي ومتبجح”، متهما لجنة نوبل بالتشجيع من خلال القرار على ارتكاب جرائم حرب جديدة.

بيتر هاندكه

يشار إلى أن بيتر هاندكه كاتب ومترجم نمساوي، أثار منذ صدر قرار بمنحه جائزة نوبل للآداب لعام 2019 حالة من الجدل بسبب دعمه للصرب خلال حرب يوغسلافيا في التسعينيات، وتمر اليوم ذكرى ميلاده، إذ ولد في مثل هذا اليوم عام 1942م.

ولم يكن اندهاش الكتاب والنقاد وحدهم من قرار جائزة نوبل بمنحها للكتاب النمساوى، بل استقبل هاندكه نفسه الخبر، مؤكدا أنه “مندهش” من الفوز بالجائزة، قائلا: إن القرار “شجاع جدًا من قبل الأكاديمية السويدية”.

وقالت الأكاديمية السويدية التى تشرف على الجائزة فى بيان آنذاك، إن هاندكه تم تقديره “للعمل المؤثر الذي اكتشف براعة لغوية محيط وخصوصية التجربة الإنسانية”.

مذابح الصرب

لكن كثيرين على المستوى العالمي عارضوا قرار الأكاديمية بتسليم الجائزة إلى رجل كان يعتبر قريبًا من الزعيم الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش، حيث شارك هاندكه في جنازته عام 2006.

وكتب وزير خارجية ألبانيا جنت كاكاج على تويتر أن الجائزة: “كانت مخزية وتم منحها لـ”منكر للإبادة الجماعية”

وتابع: لقد نفى ذات مرة المذبحة الصربية في سريبرينيتسا وقارن بين مصير صربيا ومصير اليهود خلال الهولوكوست – على الرغم من اعتذاره فيما بعد عما أسماه “زلة اللسان”.

وغرد وزير خارجية كوسوفو السابق بيتريت سليمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر قائلا “مرحبًا جائزة نوبل. هل تعلمون أن هاندكه كان يدعم حصار سراييفو، واحتسى الخمر مع الجنود الذين كانوا يقنصون الأطفال وقال إن “المسلمين يقتلون أنفسهم”؟ مقزز. هذا هو أكثر قرار عدائي ممكن، ماذا بعد؟”.

صدمة عميقة

وكتب رئيس الوزراء الألباني إدي راما على تويتر: “لم أفكر أبدًا في أنني سأشعر بالتقيؤ بسبب جائزة نوبل”.، وقال رئيس كوسوفو هاشم ثاتشي: “قرار جائزة نوبل جلب ألمًا هائلاً لضحايا لا حصر لهم”، ووصفت سفيرة كوسوفو في الولايات المتحدة فلورا سيتاكو قرار الأكاديمية السويدية بأنه “أخرق ومخز”.

وقال المؤرخ والمؤلف البريطاني أورلاندو فيجز إنه شعر “بصدمة عميقة” من أن “مدافعًا سيئ السمعة عن نظام سلوبودان ميلوسوفيتش القاتل” حصل على جائزة نوبل للآداب، متسائلا: إلى أين يتجه العالم؟!.

وعلى المستوى العربي أصدر الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، برئاسة الدكتور علاء عبد الهادي، بيانا يرفض فيه منح جائزة نوبل في الآداب لعام 2019 للكاتب اليميني الذي وصفه بالمتطرف النمساوي بيتر هاندكه.

بعد سياسي

يقول الكاتب والناقد د. زين عبد الهادي، رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية الأسبق: لا شك في أن نوبل تتعامل مع جوائزها من خلال بعدين، هما: البعد الإنساني في الأعمال التي حصلت على الجائزة، والبعد السياسي الموشوم بالليبرالية والفكر الرأسمالي. مشيرا إلى أن الأدباء العرب لم يحظوا بالدعم الإعلامي اللازم لتقديم أعمالهم وعوالمهم الخاصة، وهو تقصير في الترجمة العكسية، أي من العربية إلى اللغات الأخرى التي كان يجب أن تقوم بها المؤسسات العربية الثقافية الحكومية والخاصة، والتي من الواضح أنها لم تقم بأي مجهود في سبيل ذلك.

وأكد عبد الهادي – في تصريحات صحفية – أن الأوضاع السياسية لم تتحسن كثيرا في العالم العربي، وهذا ما يؤكد أن هناك علاقة بين هذا الأمر وبين الرواية أو الكتابة التي تستحق نوبل. كما أن بعض الكتاب لا يكتبون في فضاء من الحرية، بل تربط بعضهم علاقات بالنظم السياسية الحاكمة ، لذلك تبتعد نوبل عنهم

وأشار إلى أن من الملاحظ أن نوبل تمنح لمن هو قريب بشكل أو بآخر من القضايا اليهودية، أو أنه يعترف بالأخطاء السياسية التي ارتكبتها النظم الحاكمة الديكتاتورية، أو للطبيعة الإنسانية الشاملة في هذه الأعمال.

كفانا هوانًا

وأعرب الأديب يوسف القعيد، عن رفضة الهالة التي يسبغها بعض العرب على “نوبل”، ويضيف: “لسنا في حاجة إلى نوبل، فهي جائزة رجل أضر البشرية، في حين أن الأدب هو ترياق البشرية وإكسير الحياة.

وقال القعيد في تصريحات صحفية: كفانا هوانا وانتظارا لمجرد جائزة لن تضيف أو تقلل من أدبنا، مؤكدا أن العرب ليسوا أقل من السويد وعلينا أن ندفع بأموالنا لتدشين جائزة عربية تفوقها ماديا، لكن ستبقى أمامنا مسألة النزاهة والسرية، وهو أمر يكاد يكون مستحيلا بالنسبة لنا.  

وأشار إلى أن نوبل لم تعلن عن مداولاتها السرية منذ تأسيسها عام 1901 حتى الآن، ولا صحة مطلقا لما يتم تداوله بأن أدونيس مرشح أبدي أو غيره؛ لأننا لا نعلم مطلقا أمرا عن الترشيحات السرية، حتى نجيب محفوظ نفسه لم يكن يعلم من رشحه!.

وأعرب القعيد عن رفضه تعليق “خيبة نوبل”، كما أسماها، “على شماعة الترجمة وانحسارها؛ لأن ترجمات أعمال نجيب محفوظ، وقت حصوله على الجائزة، كانت أقل منا الآن بكثير. فعلى مجانين نوبل أن يكفوا ويستريحوا.