عصابة السيسي تكرم “شاكوش” وتعتقل مدرسي الغلابة.. ما السبب؟

- ‎فيتقارير

هل تعلم من هى البلد التي يطرب عصابة الانقلاب فيها "حسن شاكوش" وأمهم المثالية "فيفي عبده"، وشرفاؤها وعلماؤها في السجون، ومساجدها وبيوتها يتم هدمها فوق رأس أهلها ومن يعترض تهمته جاهزة "من الإخوان"، إنها بلا شك مصر المنكوبة بالعسكر.

وقال "شاكوش"، عبر مواقع الانقلاب الإخبارية وعلى رأسها اليوم السابع: "الحمد لله لكل مجتهد نصيب، شكرا جمهورى العظيم اللى سبب كبير فى نجاحى ألف شكر وحمد ليك يا رب.. شكرا لكل أهل ليبيا على التكريم الجميل دا وشكرا لأهل تونس على استقبالكم الجميل".

هنعمل لغبطيطا..
ووجه رسالة شكر بعد تكريمه فى مهرجان ما يسمى بـ"أوسكار ليبيا"، حيث نشر صورة له عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى إنستجرام، ويسوق الانقلاب للفن الهابط والعملة الزائفة محتفيًا باغنية شاكوش الأخيرة "هنعمل لغبطيطا"، وتقول صحيفة اليوم السابع: "وتعد الأغنية مناسبة لأجواء الصيف وظهر من خلالها بشكل "الجرافيكس" على كل مقطع من الخلفية ألوان جديدة تتماشى مع الأغنية وهى من توزيع إسلام ساسو".

الأغنية الجديدة تأتى بعد سلسلة من الأزمات بين مطربي موجة الانقلاب، ونقابة المهن الموسيقية، ووقفهم عن إحياء الحفلات الموسيقية، وأيضا وقف تصاريحهم، وأيضا بعد أزمة شاكوش مع نقابة الموسيقيين.

يقول الناشط محمود الفولي: "تم اختيار شاكوش أمس كأفضل مطرب شعبي في الوطن العربي لعام ٢٠٢٠. هذا وقد تم القبض أمس على عدة مدرسين بالدقهلية بتهمة تعليم الطلاب بعض العلوم التافهة كاللغة العربية والفرنسية والرياضيات والتاريخ وتم احتجازهم في قسم شرطة المنصورة بعد القبض عليهم متلبسين في مراكزهم، وتم وضع الكلبشات في أيديهم وسحبهم أمام طلابهم وليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه إفساد الوطن وبث العلم في نفوس الطلاب الأبرياء!".

وتزامنا مع تكريم مطربي موجة الانقلاب العسكري، ألقت شرطة الانقلاب القبض على مدرس داخل أحد مراكز الدروس الخصوصية بمنطقة الجمهورية ثان المحلة وتشميع سنتر.
وقبضت قوة مكافحة التعليم على المدرسين، ومصادرة كل الأدوات الموجودة بالمركز، الذي كان مكونا من عدة طوابق، وبكل طابق قاعات لإعطاء الدروس، واستقبال الطلبة، وبكل قاعة يقوم مدرس مادة مختلفة عن غيرها بإعطاء الدرس.

وتقول مواقع الانقلاب الإخبارية إنه لحظة مداهمة المركز تم ضبط المدرسين متلبسين بإعطاء الدروس (!!)، حيث وجد بالمركز عشرات البنات، كانوا متواجدات بداخل القاعات، وشعرن بالرعب والخوف عند دخول القوة، وأخفين وجوههن خوفا من التصوير.

عسكرة التعليم
وحذر سياسيون ومختصون في ملف التعليم بمصر، من الخطوات التي يقوم بها نظام الإنقلاب العسكري برئاسة السفاح عبد الفتاح السيسي لعسكرة التعليم بمصر، مؤكدين أن هناك العديد من الإجراءات التي يقوم بها السيسي في هذا الاتجاه، منها مقترح برلمان العسكر الأخير بتغيير الزي المدرسي لآخر، مموه يشبه الزي العسكري، لـ"زرع الانتماء في نفوس الأجيال القادمة".

وأكد المختصون أن الفكرة ليست في تطبيق المقترح البرلماني بتغيير الزي من عدمه، وإنما في سعي المؤسسات التابعة للسيسي لفرض المنظومة العسكرية في الأجيال القادمة، لمنع أية مقاومة مستقبلية لسيطرة الجيش على كل المؤسسات والمجالات بمصر.

وكانت النائبة فايقة فهيم، عضو برلمان الدم عن حزب مستقبل وطن، تقدمت باقتراح، لوزير التربية والتعليم في حكومة الانقلاب، لاستبدال الزيّ المدرسي لطلاب المرحلة الإبتدائية، بالزي المموّه الشبيه بالزي العسكري لأفراد القوات المسلحة.

وزعمت "فهيم" وهى إحدى نواب المخابرات في البرلمان أن هدفها من الاقتراح هو تربية النشء والشباب على القيم والمفاهيم الوطنية، وغرس حب الوطن والانتماء في نفوسهم وتهيئتهم حتى يكونوا في المستقبل، نواة لقيادة بلادهم والانطلاق بها، مشيرة إلى أن المدرسة هي اللبنة الأولى في تأصيل الهوية والحس الوطني وغرس القيم في نفوس الأطفال من الصغر!
ورغم تقديم النائبة لاقتراحها منذ عدة أيام، إلا أن رئاسة البرلمان ووزارة التربية والتعليم، لم يعلقا على المقترح ومدى إمكانية تنفيذه، وحسب تصريحات لأحد مسئولي التربية والتعليم فإن المقترح غير مُلزِم للوزارة، ولكن في الوقت نفسه سيكون محل دراسة.

فشل الانقلاب
أما السر وراء سعار العسكر في محاربة التعليم وإفشاله في مصر، فمرد ذلك أنه كلما تفشى الجهل والأمية زادت فرص الانقلاب في البقاء بالحكم، وتركيا خير مثال على ذلك، حيث لم تكد تمر ساعات على إفشال انقلاب 2016، حتى كتب ناشط على تويتر: "فشل الانقلاب لأن تركيا أنفقت على التعليم أضعاف ما أنفقته على الجيش".

كانت الجملة الموجزة بالغة التعبير عن الحال الذي دفع المواطنين الأتراك إلى رفض قاطع لانقلاب عسكري، سبق أن عايشوا نتائجه في أربعة انقلابات سابقة، رفض لم يحتج البحث عن تبريرات أو تأويلات، حتى هؤلاء الذين يعارضون نظام أردوغان رفضوا الانقلاب دون تردد.

وفي الوقت الذي تتقلص فيه ميزانية التعليم في حكومة الانقلاب بمصر، تورد مصادر أخبار تركية أن ميزانية التعليم في البلاد تتجاوز 109 مليارات دولار، وأن ميزانية الجيش أقل من 20 مليار دولار، ما يعني في حال صحة تلك المعلومات، أن الإنفاق على التعليم يتجاوز خمسة أضعاف الإنفاق على التسليح، علما أن الجيش التركي أحد أكبر وأقوى جيوش العالم، وفقا لتقارير دولية.

ظهر أثر التعليم في تركيا مع الوعي الشعبي، الذي ظهر واضحًا في الساعات الأولى من خلال تصدي مئات المدنيين بصدورهم العارية للدبابات في الشوارع، وخير مثال مشهد اقتحام المدنيين مع الشرطة لمبنى التليفزيون الذي كان يحتله مشاركون في الانقلاب، وكيف كان عناصر الجيش والشرطة بكامل أسلحتهم وعتادهم، ورغم ذلك لم يطلق أيهم رصاصة واحدة.

ويرى مراقبون أن الوعي الجمعي للأتراك كان السبب في حماية البلاد من مخاطر الانقلاب، معتبرين أن هذا الوعي الجمعي سببه الرئيس التعليم، بالأحرى جودة التعليم، فالجميع في الجيش والشرطة والمخابرات، تلقوا تعليمًا جيدا في المدارس التركية قبل الالتحاق بالتعليم المتخصص والانضمام إلى تلك الأجهزة، وهو نفس التعليم الذي تلقاه المواطنون أيضًا.

يقول الكاتب عباس الطرابيلي: "أرى، وبكل وضوح، أن جريمة انحدار مستوى التعليم عندنا بدأت مع ثورة يوليو 1952، لأن هذه الثورة كانت تعشق الأرقام حتى قيل عنها وعنا إننا نمتلك أقوى قوة عسكرية فى المنطقة.. وإن اقتصادنا هو الأكبر.. وإن.. وإن.. وبالتالى لا يمكن أن نقبل أى تصنيف يعتمد على الأرقام المجردة..".

وتابع: "أبرز مثال على خطأ هذه السياسة أننا لم نقم بدراسة حقيقية عن احتياجات سوق العمل، داخل مصر وخارجها.. وظللنا نجرى وراء التعليم النظرى آداب، وحقوق، وتجارة، وخدمة اجتماعية دون أن نعلم أن سوق العمل خارج مصر، لم تعد تبحث، أو تطلب المصرى بينما لجأت إلى أبناء الهند وباكستان وبنجلاديش، شرقًا.. وتونس والمغرب غربًا للحصول على ما تحتاجه من القوى العاملة..".
وختم بالقول: "وهكذا لم تعد مصر تصدر إلا العمالة اليدوية الجاهلة بناء وزراعة وفواعلية.. وأصبحت السوق حكرًا على الطبيب الآسيوى.. والمهندس.. وحتى أسطوات العمل اليدوى من نجارين وسباكين لأنهم عرفوا بعد أن درسوا – كيف يعدون أبناءهم للقفز على هذه الأعمال".