خوفا من ثورة شعبية.. المنقلب يناور بالتراجع في ملف مخالفات البناء

- ‎فيتقارير

تصاعدت موجات الغضب الشعبي ضد الطاغية  المنقلب عبدالفتاح السيسي لأسباب كثيرة، آخرها هدم منازل المواطنين وعشرات المساجد تحت لافتة قانون التصالح في مخالفات البناء، ومع كثافة مشاهد الهدم والبلطجة الحكومية تزايت في المقابل دعوات التظاهر وتمكن الكثير من القرى والمناطق من صد حملات الإزالة وإجبار الشرطة على التراجع بما يعني تحرر الناس من الخوف والإرهاب الذي فرضه عليهم نظام الانقلاب وهو مؤشر  خطير على تحولات كبرى في المعادلة القائمة.

أمام هذه التحولات الخطيرة، وكثافة الدعوات إلى ثورة جديدة ضد السيسي والمظاهرات التي خرجت تهتف بسقوط نظام السيسي اضطر نظام الانقلاب إلى التراجع عن حدته وصرامته وأبدى قدرا من المرونة بهذا الشأن بعد أن جرى رفع تقدريرات موقف من أجهزة المخابرات وأمن الدولة تؤكد تزايد منسوب الغضب الشعبي وتطالب بخفض غرامات مخالفات البناء بشكل كبير لعدم قدرة كثير من المواطنين على سدادها.

تصريحات مدبولي 

إزاء ذلك خرج مصطفى مدبولي رئيس حكومة الانقلاب مرتين خلال  ثلاثة أيام فقط، آخرها السبت 12 سبتمبر 2020م، حيث أعلن عن توحيد سعر التصالح للمتر في المناطق الريفية بالحد الأدنى المقرر في القانون وهو  خمسون جنيها للمتر الواحد. كما أعن مدبولي عن حافز ثان يتمثل في اقتطاع خمس وعشرين بالمائة من قيمة التصالح إذا طلب المواطن إتمامه من دون تقسيط. وكان مدبولي قد خرج الخميس 10 سبتمبر في مؤتمر صحفي مفاجئ وغير معلن ليدعي أن قانون التصالح في مخالفات البناء ليس إجراء عقابياً، ولكن يخدم المواطنين الذين استثمروا في إنشاء العقارات، مشيرا إلى أن التصالح فرصة ذهبية لتعظيم قيمة الوحدة السكنية التي ستتضاعف قيمتها، على حد قوله.

وبعد أن أثارت مقاطع مصورة هدم المنازل، مشاعر وغضب المصريين، أكد مدبولي أنه تم التشديد على جميع الإدارات المحلية والجهات التنفيذية بضرورة عدم التدخل والتعامل مع العقار (الهدم) الذي صدر في شأنه نموذج التصالح، وكذا إيقاف وتجميد الأحكام الخاصة به، لحين البت في التصالح وإجراءات عملية التقنين، وذلك تأمينا للمواطنين.

توجيه المحافظين 

وفي تنازل جديد شدد مدبولي على أنه "تم توجيه المحافظين بمراعاة البعد الاجتماعي في تقدير أسعار التصالح"، مشيرا إلى أنه "حدث تخفيض يتراوح بين 10 و55 بالمئة من القيم المحددة، وكذلك القانون سداد قيمة التصالح في مخالفات البناء على أقساط لمدة 3 سنوات بدون فوائد".

https://twitter.com/HOSSAMSHORBAGY/status/1303379598193852421?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1303379598193852421%7Ctwgr%5Eshare_3&ref_url=https%3A%2F%2Farabi21.com%2Fstory%2F1299360%2FD984D985D8A7D8B0D8A7-D8AAD8B1D8A7D8ACD8B9D8AA-D8ADD983D988D985D8A9-D8A7D984D8B3D98AD8B3D98A-D8B9D986-D987D8AFD985-D8A7D984D985D986D8A7D8B2D984-D988D8AED981D8B6D8AA-D8A7D984D8BAD8B1D8A7D985D8A7D8AA

واستهدف السيسي بقانون التصالح في مخالفات البناء أمرين: الأول هو تحصيل أكبر قدر من  الجباية في ظل تراجع إيرادات الدولة والاعتماد الكلي على القروض وفرض المزيد من الضرائب والرسوم الحكومية. والثاني هو إجبار المواطنين على شراء الوحدات السكنية التي بناها الجيش في مشروعاته العقارية والتي يصل سعر أقل وحدة بها نحو 600 ألف جنيه، حيث عزف الناس عن شرائها على عكس توقعات النظام.  

وبحسب مراقبين فإن السيسي وحكومته يهدفان من قرارت التراجع النسبي إلى امتصاص الغضب الشعبي العارم الذي كشف عن رفض الغالبية الساحقة من الشعب لنظام السيسي لاعتبارات كثيرة وليس بسبب قانون التصالح في مخالفات البناء فقط والذي يمثل شكلا شاذا من أشكال الجباية ونهب أموال الناس بالباطل. فقد ارتفعت الأسعار بشكل جنوني يقترب من 500% في كل شيء وجرى تقليص حجم رغيف الخبز إلى النصف وعاد لا يسد رمق الناس من الجوع، وجرى رفع أسعار الوقود وتذاكرالمترو وجميع رسوم استخراج الوثائق الحكومية وفرضت الضرائب الباهظة والإتاوات المتعددة تحت أسماء مختلفة حتى تحولت حياة الناس إلى جحيم لا يطاق.

لكن تراجع السيسي اكتفي بما وصفها بالمناطق الريفية وهو توصيف مطاط يسمح بشمول المدن الريفية وربما لا يسمح ويكتفي بالقرى فقط وبالتالي فلا تزال أزمة القانون قائمة في القاهرة الكبرى كلها ومعظم عواصم المحافظات وهي مناطق الخطر التي تهدد نظام السيسي باعتبارها هي مواضع الاحتجاج الجماهيري التي تفضل التظاهر في المدن وليس القرى حيث لا يسمع بهم أحد.  كما لا تزال قيمة الغرامات كبيرة على كثير من الناس الذين لا يملكون فائضا ماليا لسداد عدة آلاف في ظل تراجع دخول نحو 73% من المواطنين بسبب تداعيات تفشي جائحة كورونا وبرنامج السيسي الاقتصادي.

التراجع الحكومي يأتي بعد تهديدات السيسي يوم 29 أغسطس 2020م  بإنزال وحدات الجيش لإبادة مخالفات البناء في آلاف القرى كما يأتي بعد أيام قليلة من تصريحات مدبولي نفسه التي شدد فيها على المضي قدماً في الخطة الحكومية لتحصيل رسوم مقابل المخالفات من دون تنازلات، مع تفويض المحافظين تخفيض المقابل في بعض المناطق لتحصيل أكبر قدر من المبالغ المالية، مما يعبر عن تراجع حكومي ملحوظ في هذا الملف، وفشل في إدارة الأزمة بالطريقة التي كان قد وجه بها السيسي.

وتذهب تفسيرات لتؤكد أن تراجع نظام العسكر في هذا الملف هو الأول من نوعه والذي يأتي بعد تقديرات موقف من أجهزة أمنية حذرت من التصميم على تحصيل الغرامات في مخالفات البناء على هذا النحو المبالغ فيه جدا إلى الحد الذي لا يستطيع كثير من الناس سداد هذه الغرامات. وطالبت الأجهزة بعدة توصيات منها إحداث تغيير في التعامل الإعلامي والحكومي مع أزمة مخالفات البناء، يتمثل شقه الأول في السماح ببث ونشر مواد تتضمن انتقادات لقيمة التصالح في المخالفات ومطالبات بتخفيضها وتقسيطها، وذلك بهدف قطع الطريق على الإعلام المعارض في تركيا ليكون الساحة الوحيدة للمواطنين الغاضبين كما هي العادة.

أما الشق الثاني، فيتمثل في منح المحافظين سلطة خفض قيمة المخالفات بنسب تصل إلى خمسين أو أربعين أو ثلاثين بالمائة، حسب القيمة الأصلية لها وفقاً للقانون، أو تقسيطها على بالنسبة للمناطق الحضرية.

https://www.facebook.com/iamFromAinShams/videos/3194451130613424/

كما تراجع السيسي وأجهزته يأتي متزامنا مع دعوات المقاول محمد علي للتظاهر يوم 20 سبتمبر 2020م، للمطالبة بـ “رحيل السيسي، وإسقاط نظامه، وإنقاذ البلاد". كما يتزامن تراجع نظام السيسي النسبي مع تصدر الوسوم المطالبة برحيل السيسي لليوم العاشر على التوالي والتي احتلت المراكز الأولى في قوائم الوسوم الأكثر تداولا.