وسط حقل من حقول الذهب ( القمح) بمنطقة برج العرب بمحافظة الإسكندرية، وقف الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي مبتسما ومتحمسا كعادته ليقول إن “مصر على وشك الاكتفاء من القمح خلال4 سنوات” وكأن الرئيس محمد مرسي كان يتوجس خيفة مما قد يحدث في العالم ، وقتها ستلجأ مصر إلى “قص” رقاب المصريين ورفع الأسعار.
ووقتها قال الرئيس الشهيد إنه ” يوم عظيم نرى فيه جهد وعرق الفلاح المصري يتحول إلى معدلات إنتاج متميزة من محصول القمح الذي بلغ هذا العام (2013) 9.5 مليون طن بزيادة قدرها 30% عن العام الماضي (2012) لافتا إلى أنه من المتوقع أن يصل الإنتاج إلى 12 مليون طن خلال عامي (2014/2015)”.
الرئيس مرسي قال كلمته الشهيرة إن “مصر الثورة لن ترضى بديلا عن إنتاج غذائها ودوائها وسلاحها وامتلاك إرادتها وقرارها، وأن مصر التي حباها الله بنهر النيل والأرض الخصبة ورجال ونساء أوفياء ستكون دائما غنية”.
فقدان كميات من المزروع
وبعد الأزمة الجارية في حرب روسيا وأوكرانيا، أعاد متخصصون طرح تساؤلات بعد إعلان وزارة الزراعة انخفاض المساحات المزروعة من القمح.
وأعلن رئيس قطاع الخدمات بوزارة الزراعة عباس الشناوي زارعة ما يتراوح بين 3.1 و3.2 ملايين فدان قمح في الموسم الحالي، وهو ما يقل بنحو 400 ألف فدان عن المستهدف البالغ 3.5 ملايين فدان.
وكان الشناوي أعلن في تصريحات سابقة أن مصر تستهدف زراعة 3.5 ملايين فدان، بهدف زيادة مساحات المحاصيل الإستراتيجية لأهميتها في تحقيق الأمن الغذائي المصري.
وزرعت مصر ـ وهي أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم ـ نحو 3.16 ملايين فدان العام الماضي، بإجمالي إنتاج 8.5 ملايين طن قمح، وبلغت نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح 34.5% فقط عام 2017، ومتوسط نصيب الفرد 163.9 كلغ، وفق إحصاءات رسمية.
وأرجع خبراء ومسؤولون سابقون في تصريحات للجزيرة نت أسباب مراوحة المساحات المزروعة بالقمح مكانها طوال السنوات الماضية، إلى السياسات العشوائية في الزراعة ورفع الدعم، فضلا عن عدم تشجيع الفلاحين بشكل كافٍ ومرضٍ.
ويرى خبراء ومختصون أنه على الرغم من أهمية وحساسية محصول القمح لبلد في حجم مصر التي يتجاوز عدد سكانها مئة مليون نسمة، فإن هدف تحقيق الاكتفاء الذاتي ظل بعيد المدى طوال عقود طويلة لأسباب عدة.
أبرز تلك الأسباب هو غياب الإرادة السياسية وثبات مساحات الأرض المنزرعة والتعدي عليها بالزحف العمراني، ، وعدم وجود صوامع حديثة كافية لتخزين المحصول مما يعرضه للتلف، إضافة إلى مزاحمة القمح من جانب البرسيم الذي يعد الغذاء الرئيس للمواشي، وانخفاض الإنفاق على مراكز البحوث والإرشاد، وتراجع مستوى معيشة المواطنين بالاعتماد على النشويات أكثر من البروتين.
أزمة أوكرانيا تفضح الانقلاب
وتعتمد مصر بشكل كبير على القمح في غذائها باستهلاك أكثر من 16 مليون طن سنويا، من بينها نحو 9 ملايين طن للخبز المدعم، لإنتاج ما يقرب من 270 مليون رغيف يوميا، يستفيد منها 71 مليون مواطن.
وأظهرت الإحصاءات الرسمية ارتفاع واردات مصر من القمح إلى 2.8 مليار دولار عام 2018، مقابل 2.6 مليار دولار عام 2017، بنسبة ارتفاع قدرها 6.5%.
وأرجع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام سبب عدم بلوغ مصر للمساحة المستهدفة من زراعة القمح إلى “عشوائية القرار” قائلا “المساحة التي استهدفتها وزارة الزراعة كانت استهدافا عشوائيا، بسبب عدم وجود خطة مدروسة لزراعة هذه المساحة، وعدم وجود دورة زراعية في مصر”.
وأوضح نقيب الفلاحين في تصريحات له، أن “كل فلاح يزرع بمزاجه، ولا يوجد محفز له إلا بوجود سعر عادل وتسويق جيد”، مشيرا إلى أن الزراعات التعاقدية التي تتمثل في تحديد السعر قبل الزراعة، هي من أهم مطالب الفلاح التي لا تتحقق، وتسويق المحصول.
وقال أبو صدام “لو كانت الحكومة جادة في زيادة المساحات المزروعة بالقمح، لكانت أعلنت عن الأسعار قبل بدء عملية الزراعة، فمن زرع زرع بالفعل، وليس إعلان السعر قبل الحصاد بأيام، وذلك فالمستهدف يظل مجرد أمنيات لن تتحقق دون خطة”.
تراجُع المساحة المنزرعة من القمح يتوافق مع تقرير رسمي بشأن انخفاض كميات المياه المستخدمة للري، بسبب انخفاض المساحات المزروعة.
وبلغت كمية المياه المستخدمة في الري عند خزان أسوان 44.6 مليار متر مكعب عام 2018، مقابل 50 مليار متر مكعب عام 2017، بنسبة انخفاض بلغت 10.8%، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
كما بلغت كمية المياه المستخدمة في الري عند الحقل 36.5 مليار متر مكعب عام 2018، مقابل 41.9 مليار متر مكعب عام 2017، بنسبة انخفاض بلغت 13.1%.
مصر والقمح الروسي
في تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء صدر منذ عدة أيام، ذكر أن واردات مصر من القمح خلال الـ 11 شهرا الأولى من العام 2021 كانت 2.4 مليار دولار، وأنها استخدمت لاستيراد 6.1 مليون طن، وذلك مقابل 2.9 مليار دولار حجم الواردات من العام الماضي خلال نفس الفترة، وأن هذا المبلغ استخدم لاستيراد 11.8 مليون طن، وذكر التقرير أنه خلال العام 2021 كان اعتماد مصر على القمح الروسي بنسبة 69,4% يليه القمح الأوكراني بنسبة 10,7% فالروماني 6.2%، وتلي هذه الدول الثلاث على الترتيب كل من أستراليا وفرنسا وليتوانيا والمالديف وكندا والصين وكوريا الجنوبية.
تداعيات خطيرة
وتوقع تقرير لشركة برايم للأوراق المالية عدة تأثيرات محتملة على الاقتصاد المصري جراء اشتعال الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وبحسب تقرير برايم فإن تداعيات الصراع على الاقتصاد العالمي متعدد الأوجه ويعتمد على العديد من السيناريوهات، متوقعا أن تمتد التداعيات إلى ما وراء حدود روسيا وأوكرانيا.
ويتوقع التقرير تأثيرات محتملة على الاقتصاد المصري نظرا لتوتر الأجواء الاقتصادية حول العالم نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية.
وتشير توقعات برايم أنه معدل التضخم في مصر سيستمر في الارتفاع خلال الفترة المقبلة، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا وأسعار النفط، مما يتعين تعديل التوقعات بشأن التضخم السنوي للعام الحالي.
وسجلت أسعار القمح أمس أعلى مستوى لها منذ عام 2008، في ظل المخاوف المتصاعدة من حدوث نقص عالمي في الإمدادات، وفقا لما ذكرته وكالة بلومبرج.
ومصر هي أكبر مشترٍ للقمح في العالم، وتشير بيانات وزارة الزراعة الأمريكية أن روسيا كانت أكبر مورد للقمح إلى مصر في الموسم الماضي.
كما تتوقع برايم أن ترتفع أسعار الوقود في مصر خلال اجتماع اللجنة في مارس الجاري، مما يزيد من الضغوط التضخمية.