بدعم وتشجيع برلمانيين …المراجعات النهائية تكشف انهيار المنظومة التعليمية في زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

في ظل انهيار المنظومة التعليمية في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي انتشرت الدروس الخصوصية بصورة غير مسبوقة، بل تم اختراع ما يعرف بالمراجعات النهائية التي تشهد تجميع مئات أو آلاف الطلاب في مكان واحد  بقاعة أفراح أو قاعة كبيرة في النوادي والنقابات مع قدوم الامتحانات، بزعم مراجعة المناهج للطلاب واستنزاف أولياء الأمور بدعم وتشجيع من برلمانيين السيسي، رغم أنه من المفترض أن حكومة الانقلاب تحارب الدروس الخصوصية وتغلق السناتر وتجرم العاملين فيها .

ويؤكد أولياء الأمور أن سعر الحصة في المراجعات النهائية تجاوز الـ 300 جنيه ووصلت في بعض المناطق إلى 500 جنيه بالتزامن مع إنطلاق ماراثون امتحانات نهاية العام الدراسي.

وقالوا: إن “المعلمين العاملين في هذه المراجعات اخترعوا أفكارا أخرى للتربح كإعداد مذكرات وملازم وتوزيعها على الطلاب بسعر 100 أو200 جنيه للملزمة، بما يفتح بابا جديدا من أبواب استنزاف أولياء الأمور” وطالب أولياء الأمور بمواجهة هذه الظاهرة ومحاربة الدروس الخصوصية، وتفعيل مجموعات التقوية، بالمدارس .

فيما اعتبر خبراء تربويون المراجعات النهائية «شو» وترويج للمعلمين ولمراكز الدروس الخصوصية، مؤكدين أنها مجرد سبوبة لاستنزاف جيوب المواطنين.

وشدد الخبراء على ضرورة إحكام الرقابة لمواجهة هذه الظاهرة ووقف الترويج لها، مع تفعيل مجموعات التقوية بالمدارس لتخفيف العبء عن أولياء الأمور، مستبعدين أن يستوعب الطلاب في ظل تكدس الآلاف في هذه المراجعات.

أسعار الحصص

من جانبه قال سامح رسلان ولي أمر: إن “أبناءه في مراحل تعليمية مختلفة ومنهم من يعتمد على الدروس الخصوصية في المراكز، ومنهم من يعتمد على الدروس في المنزل، الأمر الذي يزيد من التكلفة والعبء عليه في ظل زيادة الأسعار التي تشهدها جميع مناحي الحياة”.

وأوضح رسلان في تصريحات صحفية أن المراجعة النهائية التي باتت منتشرة في كافة الأنحاء وبأساليب جديدة ومستحدثة لا تروق أبدا له كولي أمر، إلا أنه لا يرغب في أن يشعر بالتقصير ناحية أبنائه .

واستنكر ارتفاع أسعار حصص المراجعة النهائية التي تجاوزت الـ 600 جنيه في منطقة المقطم للحصة الواحدة التي لا تتجاوز الساعتين، وبحضور آلاف الطلاب في قاعات ودور مناسبات، فضلا عن فرض نظام الحجز وإلزام الطلاب بشراء الملازم.

وأكد رسلان أن بعض من يقومون بالتدريس في المراكز من خارج الحقل التعليمي ومن هواة المهنة أو الباحثين عن عمل، وغير خاضعين لأية قوانين أو ضرائب.

فكرة مرفوضة

وقالت رنا عماد ولية أمر: إن “فكرة الدروس الخصوصية مرفوضة من الأساس، وولي الأمر مسؤول مسؤولية كاملة عن مستقبل أبنائه بالمتابعة واستقطاع وقت من اليوم لمذاكرة الدروس معهم، حتى لا يُتركوا إلى أنياب مراكز الدروس دون استفادة حقيقية منها”.

وأكدت رنا عماد في تصريحات صحفية أن ظاهرة الدروس الخصوصية أصبحت «شو» وترويجا لتداول اسم معلم بعينه، وكسب مزيد من الطلاب لتحقيق أرباح أكثر وهو ما يزيد من أعباء الأسرة، مشيرة إلى أنه في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي توسعت هذه الإعلانات في الانتشار، خاصة في مواسم الامتحانات لحجز حصص المراجعة النهائية قبل انطلاق الامتحانات بفترة زمنية لحصد أموال الحجز واستئجار القاعات”.

وتساءلت، كيف يمكن لهذه الأعداد أن تستوعب دروسها وهي في اللحظات الأخيرة قبل الامتحان؟ معتبرة ما يحدث مجرد شو من أشخاص غير مدركين لهموم الطلاب وأولياء أمورهم، واستنزاف لجيوب أولياء الأمور غير الواعين بهذه الأفعال.

إرهاق مادي

وأكدت عبير أحمد، مؤسس ائتلاف أولياء الأمور، أن فترة الامتحانات وما قبلها مباشرة تسبب ضغطا وعبئا ماديا كبيرا على أولياء الأمور بمختلف المراحل التعليمية.

وأضافت عبير أحمد في تصريحات صحفية أن معلمي السناتر أصبحوا يقسمون المراجعة النهائية للمادة الواحدة على عدة أيام في متوسط 100 جنيه للحصة -تزيد حسب المناطق وسنوات الدراسة- وهو ما يمثل عبئا ماديا على ولي الأمر، بعدما كانت المراجعة النهائية تتم في يوم واحد فقط.

وأوضحت أن أولياء الأمور والطلاب يضطرون إلى الحصول عليها بهذه الأسعار مراعاة لمستقبل أبنائهم، والبعض الآخر يضطر للحصول عليها في الشهادات مثل الثانوية العامة أو الإعدادية، وبعض سنوات النقل القادرين ماديا، بينما يعتمد البعض الآخر على مراجعات اليوتيوب والملازم.

ولفتت عبير أحمد إلى أن معلمي السناتر الذين يقسمون المراجعة النهائية للمادة على عدة أيام يقومون بعمل ملزمة يدفع الطالب ثمنها بخلاف ثمن المراجعة .

وأشارت إلى أن الأعداد داخل سناتر الدروس الخصوصية تكون كبيرة للغاية وتصل إلى ٣٠٠ طالب وطالبة وأكثر، والبعض يستفيد والبعض الآخر لا يستفيد.

قاعات أفراح

وقال الخبير التربوي الدكتور مجدي حمزة: إن “ظاهرة حصص المراجعة النهائية وما يسبقها من زحام شديد للحجز انتشرت في الآونة الأخيرة، وأصبح وراءها تحالفا من بعض الشخصيات العامة وبرلمانيين، موضحا أنه يتم استئجار قاعات أفراح كبيرة لتستوعب عددا كبيرا من الطلاب في حصص المراجعة، بغض النظر عن استيعاب الطلاب في ظل وجود هذه الأعداد الغفيرة.

وأوضح حمزة في تصريحات صحفية أن انتشار المراكز لا يعني بالضرورة الموافقة عليها وتأييد بقائها، بل هي تعود لفكرة الانسياق وراء العقل الجمعي، بمعنى انسياق آلاف الطلاب خلف زملائهم الذين يبحثون عن فكرة «المراجعة النهائية» دون تفكير أو إعمال العقل حول ما إذا كان هذا مفيد أم لا؟ وهل هذا التجمع في مثل هذه الأماكن صحي أم لا؟ مؤكدا أنه يستحيل أن يتم مراجعة المنهج كاملا في حصة أو اثنتين خلال ساعتين أو حتى 4 ساعات.

وأشار إلى أن هذه الظاهرة تكشف عن غياب الوعي ليس فقط لدى الطلاب، وإنما حتى لدى أولياء الأمور الذين ينساقون خلف مطالب أبنائهم دون تفكير، مؤكدا أن هذا يمثل عبئا ماديا كبيرا وخسارة مالية واستنزافا لجيوب أولياء الأمور وإهدارا للوقت، إذ يلجأ بعض الطلاب لهذه الحصص كحيلة للخروج من المنزل والهروب من المذاكرة.

وأكد حمزة أن مواجهة ظاهرة المراجعات النهائية في مراكز الدروس الخصوصية وغيرها لن يتحقق في يوم وليلة، وإنما يحتاج لحملات توعية لأولياء الأمور والطلاب، بالتوازي مع انتظام مجموعات التقوية في المدارس والاستعانة بخبراء التعليم في تنظيم مراجعات نهائية حقيقية عبر وسائل الإعلام للقضاء على هذه السبوبة.