“رايتس مونيتور”: العام الثاني لـ”الانقلابي” يشهد توحشًا واستعداء للجميع

- ‎فيأخبار

بكار النوبي
قالت مسؤولة الملف المصري في منظمة هيومن رايتس مونيتور "سلمى أشرف": إن العام الثاني من حكم الجنرال عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب، شهد "توحشا للدولة واستعداء للجميع دون استثناء"، و"أسوأ انتهاكات للحقوق والحريات في مصر".

وبحسب حوار أجرته "الجزيرة. نت" مع الناشطة الحقوقية، فإن «عقد الحقوق انفرط منذ الثالث من يوليو 2013، حين انتهكت الحقوق السياسية للشعب المصري، ثم تلا ذلك خلال عامي حكم السيسي انتهاك جميع الحقوق الأخرى، مدنية كانت أو ثقافية أو اقتصادية أو اجتماعية".

وحول تقييم الوضع الحقوقي بمصر، تؤكد أن سنوات حكم السيسي هي الأسوأ، وعامه الثاني شهد أسوأ انتهاكات للحقوق والحريات في مصر، فقد أصبحت خلاله البلاد سجنا كبيرا ومقبرة جماعية، وها هو يختمه ببناء السجن الحادي عشر خلال حكمه- وهو السجن الثالث خلال ستة أشهر- ليعطي دلالة واضحة على انهيار الحقوق والحريات في مصر.

واستشهدت الناشطة الحقوقية بما ذكره قائد الانقلاب في مؤتمره الصحفي مع نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند (في أبريل الماضي)، عندما أكد أن معايير حقوق الإنسان في أوروبا لا يمكن تطبيقها على مصر، وبالتالي لا يمكن مقارنة مصر مع دول تحترم حقوق الإنسان، وهو ما يلخص الوضع الحالي في مصر.

وحول أبرز انتهاكات حقوق الإنسان، ذكرت سلمى أن «هذا العام شابه الكثير من الانتهاكات، وكان أبرزها بدعوى "الحرب على الإرهاب" التي أطلق فيها السيسي يد الداخلية، فحلّ الإخفاء القسري محل الاعتقال، وقُتل المصريون والأجانب بالتصفية المباشرة أو بالتعذيب حتى الموت، واستخدم أمناء الشرطة الأسلحة تجاه المواطنين فيما عرف بـ"الحالات الفردية».

ومن تلك الانتهاكات خلال هذا العام، تردي أوضاع السجون، وحرمان المساجين من أغلب حقوقهم، وانتشار سجون التعذيب كسجن العازولي ومعسكر الجلاء. كما زادت وتيرة المحاكمات العسكرية وإصدار أحكام جائرة بالمؤبد والإعدام، وتم قمع منظمات المجتمع المدني وإحالتها للقضاء، وإغلاق المراكز الحقوقية والتضييق عليها وعلى النشطاء وملاحقتهم. وتفاقمت الانتهاكات كذلك هذا العام في حق الصحة والتعليم والرأي والتعبير ومياه الشرب وغيرها الكثير.. ولن تنتهي الانتهاكات في مصرنا طالما غابت المحاسبة وأفلت الأمن من العقاب.

أداء المنظمات الحقوقية دون المستوى

وبشأن أداء المنظمات الدولية وأنه قد لا يكون هو المرجو بالفعل، بررت ذلك بكثرة الانتهاكات بشكل لا يتفق وقدرة هذه المنظمات على العمل على جميع تلك الانتهاكات، خاصة أن المنظمات الدولية تغطي دول العالم الغارق في كمٍّ هائل من الانتهاكات. ورغم ذلك أشارت إلى أنه «لا يمكننا التقليل من أهمية إصدار التقارير والبيانات، فهي أساس العمل الحقوقي، وهي وسيلة توضيح الحقائق ونشر الوعي في قضايا انتهاك حقوق الإنسان، وهي أيضا ما يبنى عليه أي عمل آخر، ولكن هناك أساليب أخرى يمكن استخدامها في العمل الحقوقي خارجيا، وهنا أتفق معك أنه لم يتم استغلالها بشكل صحيح».

وبخصوص المنظمات المحلية، قالت سلمى أشرف: «لا بد أن ندرك المخاطر الأمنية التي تواجهها بسبب دورها، حيث تتعرض لكل ما سبق رصده من انتهاكات، وهناك العديد من الحقوقيين داخل السجون، منهم إسلام سلامة، محامي المختفين قسريا، الذي تم إخفاؤه هو شخصيا، وكذلك أيضا اعتقال أعضاء وأمناء من المفوضية المصرية للحقوق والحريات وغيرهم».

ومن ذلك إغلاق منظمات المجتمع المدني والمراكز الحقوقية مثل "مركز النديم" المعروف بعمله المهني على مرِّ العهود، وبالرغم من ذلك تبذل جهود ضخمة من أجل إيصال أصوات الضحايا إلى العالم وفضح انتهاكات النظام وجرائمه.

قضية ريجيني

وحول أسباب الاهتمام الحقوقي بقضية ريجيني وتجاهل مئات القضايا المشابهة للمصريين، ترى سلمى أشرف أن السلطات الإيطالية اهتمت بالسعي وراء حق مواطنها المقتول ولم تحارب والدته التي قاتلت من أجل حقوقه، ولم تحارب منظمات حقوق الإنسان التي سعت للتعاون في هذه القضية.

وبحسب الناشطة الحقوقية «عندما تحترم دولة حقوق مواطنيها ويكون لديها سجل حقوقي مشرف، يصعب على الدول الأخرى تجاهل دعم قضاياها، ولكن ذلك لا يبرر أبدا صمتهم على جرائم شهدها العالم كله مثل مجزرة رابعة العدوية، أكبر جريمة قتل جماعي حدثت في العصر الحديث، والجرائم الأخرى التي ما زالت ترتكب.

وأكدت أن "ريجيني" كان ضحية فضحت المجتمع الدولي في تعاطيه مع الانتهاكات التي تحدث في مصر.

عام السيسي الثاني شهد توحش الدولة وإعلان عدائها للجميع.. الدولة عداؤها الحقيقي مع كل من يعارض سلطاتها ومن يعبر عن رأيه أو يعترض على سياساتها حتى ولو بتدوينة، وزادت عشوائية الاعتقال لتطال أي فرد يسير في الطريق دون سبب، والهدف من ذلك إرهاب الشعب وتخويفه وتكميم الأفواه.

إحصاءات حقوقية مفزعة

وحول الإحصاءات التي تكشف حجم هذه الانتهاكات، قالت سلمى أشرف: «خلال العامين الماضيين لحكم السيسي قُتل أكثر من 1190 مواطنا، منهم 917 قتلوا خلال العام الماضي فقط، بينما توفي أكثر من 98 شخصا داخل السجون نتيجة الإهمال الطبي والتعذيب.

واستمر التعذيب في الانتشار بشكل مفزع ومميت وأدى لوفاة ثلاث سيدات خلال العام الماضي، بحسب المجلس القومي لحقوق الإنسان، وكذلك حالات الإخفاء القسري التي حلت محل الاعتقال التعسفي، فاعتقل المئات واختفوا.

وتؤكد الناشطة الحقوقية أنه رغم بلاغات الأهالي إلى النائب العام ووزارة الداخلية، فإن الأخيرة لم ترد وأنكرت وجود أي مختف لديها، لكنها أخيرا قامت بالرد بعد تلقيها تقريرا من المجلس القومي حول 226 حالة، لم ترد فيه إلا بتحديد مصير 118 شخصا، وما زال مصير البقية غير معروف حتى اليوم.

وحول إعلان السيسي عام 2016 عاما للشباب، تتهكم سلمى أشرف، مؤكدة أن الشباب قتلوا واعتقوال وعذبوا وأهينوا وشردوا وطوردوا وضاع مستقبلهم التعليمي والمهني، وضاع أملهم في أن يحيوا حياة كريمة في مصر خلال هذا العام، فقد جمعتهم القبور والمعتقلات».

جدوى الإضراب

وترى "أشرف" أن الإضراب كوسيلة ضغط هو أداة فاعلة جدا في دول تحترم حقوق الإنسان وترعاه، ولكن للأسف لا أجد أملا من استخدام الإضراب كنوع من الضغط على السلطات المصرية، ومع أنه مشروع فإنني لا أشجعه؛ لخطورة تأثير ذلك على صحة المعتقل وحياته التي تهدر يوميا دون حساب أو التفات لها.

سجن العقرب

وحول سجن العقرب باعتباره الأسوأ سمعة بين السجون المصرية، تقول «نسعى دوما للحديث عن سجن العقرب، وما يعانيه المعتقلون فيه الذين يتم التنكيل بهم بشكل خاص كونهم من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ولأنهم يعانون من انتهاكات بشعة، ومن قتل ممنهج وبطيء، وحرمان من أبسط الحقوق، كالزيارات أو ممارسة الرياضة ورؤية محاميهم، ومنهم ستة أشخاص قتلوا داخل هذا السجن نتيجة الإهمال الطبي».

وتضيف «نحن نقوم بالتواصل الخارجي وإرسال الشكاوى، وبالضغط وبعمل مؤتمرات توضح حقيقة ما يعانيه المعتقلون داخل تلك السجون، ونطالب بإغلاقها وعمل زيارات تفتيش مفاجئة من قبل الهيئات الدولية، وسنستمر في الضغط بكل الوسائل الممكنة».