رئيس تحرير “الأهرام”: حسبي الله ونعم الوكيل في هذا النظام

- ‎فيأخبار

          حسين علام

قال الكاتب الصحفي عبد الناصر سلامة رئيس تحرير صحيفة "الأهرام" السابق، إن إنشاء سجون جديدة هو أمر سيء للغاية، فهي تعد تكاليف غير مسبوقة فى دولة تعانى وطأة الديون والاقتراض والإعانات، موضحًا أن تلك هى الحقيقة التى يجب أن يعترف بها الجميع.


 وأضاف سلامة، في مقاله بصحيفة "المصرى اليوم" الاثنين،: "منذ أن قرأت قبل أيام الموافقة على البدء فى إنشاء أحد السجون بمدينة العبور، وتحديدا فى المنطقة الصناعية، وأنا أردد: حسبى الله ونعم الوكيل، بدلاً من تشييد مصنع ضخم بالمنطقة الصناعية يجذب آلاف الشباب، اتجه التفكير لجذب آلاف المساجين، أى عقل يفكر، وأى استراتيجية للمستقبل يحملها لنا خبراء المرحلة".


 وتابع: "بصراحة ومن الآخر، الإنجاز الواضح فى بر مصر هو بناء هذا العدد الضخم من السجون، وصل عددها إلى تسعة، بخلاف ثلاثة أخرى تحت الإنشاء، جراب الحاوى كما هو واضح مازال به المزيد للأعوام القليلة المقبلة، لا توجد أرقام رسمية محددة لعدد المساجين فى بر المحروسة الآن، العدد يتزايد بصفة يومية، لا توجد أرقام محددة أيضاً لعدد المحبوسين احتياطياً، العدد يتزايد كل ساعة، أيضاً لا توجد أرقام محددة لمَن هم دون هؤلاء وأولئك من الذين تبحث عنهم عائلاتهم دون جدوى، التقارير الحقوقية تطلق عليهم تعبير «المختفين قسرياً».


وأشار إلى "أرقام تتحدث عن نحو 60 ألف مسجون بأحكام مختلفة، ونحو 80 ألف محبوس احتياطياً، وعن 1799 شخصاً أُحيلت أوراقهم إلى مفتى الجمهورية، ولا نتحدث عن أعداد القتلى، ولا المصابين ولا المعوقين، هنا نتحدث عن حصيلة الأحداث التى تلت تاريخ 30 يونيو 2013، أى حصيلة ثلاثة أعوام، لا نعنى هنا أيضاً أصحاب القضايا التقليدية، أو القضايا الطبيعية، فقط نتحدث عن القضايا المرتبطة بأحداث ذلك التاريخ المثير للجدل". 


وقال سلامة: "قد تكون السجون الحالية مزدحمة بما فيه الكفاية، حسبما تتواتر المعلومات من داخلها، قد يتصور البعض أن الهدف هو تخفيف الأحمال عن السجون القائمة، إلا أن المخاوف منطقية أيضاً من أن يكون الهدف غير منطقى، وهو جمع مزيد من الناس، أو فتح مزيد من القضايا، أو زيادة أعداد المساجين أو المحبوسين إلى مليون شخص، حسبما اقترح أحد «الخوابير الاستراتيجيين» مؤخراً".


واستدرك: " كنت أتصور أنه سوف تصبح هناك نهضة فى بناء المدارس، تعليمية وعلمية، نهضة فى بناء المستشفيات، صحية وطبية، نهضة فى بناء القرى الذكية، علمية وتكنولوجية.. هى تكاليف غير مسبوقة فى دولة تعانى وطأة الديون والاقتراض والإعانات، هذه هى الحقيقة التى يجب أن نعترف بها، لم نتحدث عن الأُسر المكلومة، الأطفال شبه اليتامى، المعاناة الحياتية لعشرات الآلاف، ومئات الآلاف من هذه الأُسر، لم نتحدث عن الخصومة مع المجتمع، التى تسببها مثل هذه الممارسات، لم نتحدث عن فقدان الاستقرار فى كل شىء تقريباً، فى الشارع، كما فى الاقتصاد، كما فى السياسة، كما فى الأجيال المقبلة".


وتابع: " لا أتصور أبداً أن استراتيجية أى دولة للمستقبل يمكن أن تقوم على مزيد من السجون، أو مزيد من المساجين، المفترض العكس تماماً، المفترض أنها تقوم على اختفاء السجون، على احتواء الناس حتى لا يصبحوا مساجين، وذلك بتأهيلهم وتوظيفهم، بدلاً من تصنيفهم مبكراً، مثلما حدث مع آلاف الطلاب الذين انتهى مستقبلهم الدراسى بين جدران هذا السجن أو ذاك، أو آلاف الصبية الذين فقدوا أى أمل لهم فى حياة أفضل".


واختتم مقاله قائلا: " منذ أن قرأت قبل أيام الموافقة على البدء فى إنشاء أحد السجون بمدينة العبور، وتحديداً فى المنطقة الصناعية، وأنا أردد: حسبى الله ونعم الوكيل، بدلاً من تشييد مصنع ضخم بالمنطقة الصناعية يجذب آلاف الشباب، اتجه التفكير لجذب آلاف المساجين، هذه السياسات التى لن نجنى منها سوى الخراب والدمار، ولنقرأ تاريخ الأمم من حولنا، كان المواطنون يهرعون مع كل استفاقة إلى حيث هذا السجن أو ذاك، لهدمه بالمعاول، بمباركة النظام الجديد، لم تصمد السجون أبداً فى مواجهة حركة الجماهير، من أقصى الكرة الأرضية إلى أقصاها".