اليوم العالمي لحرية الصحافة.. مصر سجن كبير

- ‎فيتقارير

بكار النوبي
أثناء كتابة هذا التقرير عن اليوم العالمي للصحافة، الذي تحل ذكراه في الثالث من مايو من كل عام؛ جاءت الأخبار تؤكد أن الأجهزة الأمنية اقتحمت مقر النقابة، واعتقلت الصحفيين عمرو بدر رئيس تحرير "بوابة يناير"، ومحمود السقا الصحفي بالموقع، وذلك بعد أن حاصرت قوات أمن الانقلاب مقر النقابة بشارع عبد الخالق ثروت أكثر من 5 ساعات كاملة؛ لمنع انطلاق مظاهرات عمالية ضد النظام.

اليوم العالمي للصحافة يأتي لتأكيد الحق الإنساني الأساسي في حرية الصحافة والتعبير في مختلف أنحاء العالم، وفيه يتم التذكير دوما بأصحاب الأقلام الشجاعة الذين فقدوا حياتهم أو حريتهم من أجل الحقيقة، ونشر القيم الإنسانية بين الناس والتصدي للنظم المستبدة والفاسدة. ولكن عيد الصحفيين هذا العام يأتي وقد تحولت مصر إلى سجن كبير، حيث يقبع أكثر من 90 صحفيا وإعلاميا خلف قضبان العسكر، لا لشيء إلا لأنهم رفضوا أن يكونوا مطبلين أو مصفقين لانقلاب عسكري غاشم.

"مصر" المركز 159 عالميًّا في حرية الصحافة

ويأتي عيد الصحفيين هذا العام وقد تحولت مصر إلى سجن كبير في ظل حكم الجنرال العسكري عبد الفتاح السيسي، الذي قاد انقلابا في 30 يونيو 2013م. حيث كشف تقرير منظمة «مراسلون بلا حدود» الدولية المعنية بمراقبة حرية التعبير فى العالم، والذي صدر يوم 20 من أبريل الماضي، عن أن مصر تذيلت تصنيف مؤشر حرية الصحافة، واحتلت المركز 159 من بين 180 دولة يضمها التقرير السنوى للمنظمة.

وقال التقرير، إن الصحفيين يعملون فى مصر وسط بيئة تتسم بعداء متزايد لمنتقدى الحكومة، مضيفا أنه «فى سياق أمنى يطغى عليه التوتر، يجد الصحفيون المصريون أنفسهم أمام نظام يقمع الأصوات الناقدة تحت ذريعة الاستقرار والأمن القومى.. رغم المشهد الإعلامى الذى يشهد رواجا كبيرا، إلا أن وسائل الإعلام فى البلاد أصبحت مرآة لمجتمع يئن تحت وطأة الاستقطاب».

اعتصام أسر الصحفيين المعتقلين

ومنذ يوم 10 أبريل الماضي، يتواصل اعتصام أسر الصحفيين المعتقلين في مقر النقابة في القاهرة؛ احتجاجا على استمرار اعتقال أزواجهن، وما يمارس ضدهم من انتهاكات لا يتصدى لها مجلس النقابة بما يليق بمقام صاحبة الجلالة وأبنائها.

وتشكو أسر أكثر من تسعين صحفيا معتقلا من تعرض ذويهم للموت البطيء جراء الأجواء غير الآدمية داخل السجون المصرية، بعضهم يعاني منذ 3 سنوات. كما تعاني أسرهم من ألم فقدهم لمدد قاربت في بعض الأحوال ثلاث سنوات.

ورغم أن المادة 71 من دستور الانقلاب تمنع الحبس في قضايا النشر والإعلام، إلا أن سلطات الانقلاب لم تتوقف منذ 30 يونيو 2013 عن عمليات القبض على الصحفيين وحبسهم.

وتجاوز عدد من تم حبسهم منذ 30 يونيو، 150 صحفيا ومصورا، ظل منهم في السجن حتى الآن تسعون صحفيا، يتم حبسهم احتياطيا أو بأحكام قضائية، وفق الباحث بالمرصد العربي لحرية الإعلام أحمد أبو زيد.

قانون جديد مكبل لحرية التعبير

لم يقف الأمر عند حدود اعتقال الصحفيين وغلق الصحف والقنوات الفضائية المناهضة للانقلاب، بل إن سلطات الانقلاب تشرع حاليا في سن قانون جديد للصحافة، أثار حالة من الجدل في الأوساط الصحفية خلال الآونة الأخيرة، بعدما واجه القانون الكثير من الانتقادات على البنود الخاصة بتقييد حريات الصحفيين، فضلا عن اللغط الخاص بتعريف بعض التشكيلات الصحفية كالهيئة الوطنية للصحافة.

فهاجم بعض الصحفيين العديد من البنود التى وضعها القانون، واصفين إياها بـ"القيود المكبلة للصحفيين"، معربين عن قلقهم من تطبيق هذا القانون على المجتمع الصحفي وما سيؤول إليه واقع الصحف حال تطبيقه.

بشير العدل، مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة، يقول في تصريحات صحفية: إن مشروع قانون الصحافة والإعلام في حقيقته مشروع للصحافة القومية، ولم يتعرض على الإطلاق للصحافة الخاصة والحزبية.

وأضاف العدل أنه من ضمن البنود التي تم الاعتراض عليها، تعريف الهيئة الوطنية للصحافة، حيث جاء تعريفها ناقصا وغير شامل، لافتًا إلى أنه كان ينبغي أن تضُم كافة الصحفيين، إلا أنها جاءت شبيهة بالمجلس الأعلى الصحافة، ولم تأخذ في تكوينها تمثيلا للصحف الحزبية والخاصة.

وأوضح "العدل" أن القانون ما زال مليئا بالقيود المكبلة لحرية الصحافة، موضحًا أن القانون غير عقوبة الصحفيين بالغرامة بدلا من الحبس، إلا أن الغرامة وصلت في قيمتها إلى مبالغ باهظة، ضاربًا المثل بـ 500 ألف جنيه، وهو ما لا يستطيع الصحفي أو مؤسسته أن يوفره، وبالتالي فإن القانون جاء متضمنًا حبس الصحفيين.

ولفت مقرر لجنة الدفاع عن حرية واستقلال الصحافة إلى أنه لم يظهر في مشروع القانون ما يُسمي بحرية الصحافة، وكذلك حرية الحصول على المعلومات أو تداولها.

وطالب "العدل" الجماعة الصحفية بضرورة الانتباه إلى خطر هذا القانون، فإقراره سيكون يومًا أسود في تاريخ الصحافة المصرية.

كلنا في الغم والسجن سواء

«القمع لا يفرق بين الصحفيين على أساس معتقداتهم السياسية أو الدينية أو الجنسية أو العرقية، أو حتى على أساس موقفهم من الانقلاب العسكري. ففي السجن حاليا يقبع إبراهيم الدراوي إلى جوار إسماعيل الإسكندراني (الليبرالي)، وأحمد سبيع إلى جوار يوسف شعبان (اليساري)، وحسن القباني إلى جوار محمود شوكان (المستقل)، ومحمد البطاوي إلى جوار زميله في الأخبار أحمد ناجي (العلماني)، وهاني صلاح الدين إلى جوار زميله في اليوم السابع أيضا إسلام عفيفي (المعادي للتيار الإسلامي)» بحسب الكاتب الصحفي قطب العربي في مقاله "الصحافة الحرة لحوم مرة»، اليوم بموقع عربي 21.

ويضيف العربي «حين أغلق النظام صحفا لم يفرق بين جريدة الحرية والعدالة والشعب وجريدة وصلة الليبرالية، وحين منع برامج لم ينظر لأي دعم سابق من باسم يوسف أو محمود سعد أو يسري فودة، أو بلال فضل، أو علاء الأسواني، أو فاطمة ناعوت، بل لم يتذكر أن كاتب ديباجة دستوره هو الشاعر سيد حجاب، الذي منعت مقالاته في جريدة الأخبار مؤخرا، وهو ما تكرر مع آخرين»، بحسب العربي.

ويؤكد المقال أن «واجب الصحفيين والإعلاميين عموما هو التمسك بحريتهم والذود عنها بكل قوة، وعدم التمييز في تضامنهم النقابي بين الصحفيين على أساس انتماءاتهم السياسية، والتحرك القوي للإفراج عن الصحفيين السجناء، وإعادة القنوات والصحف المغلقة حتى لا نفاجأ بمزيد من الاعتقالات للصحفيين، ولا بمزيد من الصحف والقنوات المغلقة، ولنتذكر دوما: "أكلت يوم أكل الثور الأبيض"».

يشار إلى أنه تم اعتبار يوم ٣ مايو يوما عالميا لحرية الصحافة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٩٣، وذلك بعد تبنيه من قبل المؤتمر العام لليونسكو عام ١٩٩١. اليوم تم استلهامه من إعلان ويندهوك الذي تم تبنيه عام ١٩٩١، في ندوة لليونسكو في ويندهوك بناميبيا. البيان يدعم الصحافة المستقلة والتعددية في إفريقيا في مواجهة سنوات من العنف الحكومي والسلطوية في القارة.