بعد توسط أمريكا بأزمة سد النهضة.. هل نحن أمام “كامب ديفيد” جديدة حول مياه النيل؟

- ‎فيتقارير

تستضيف العاصمة الأمريكية، اليوم الأربعاء، اجتماعًا مهمًّا بشأن سد النهضة، إثر توجيه الإدارة الأمريكية دعوة لكل من مصر وإثيوبيا والسودان لبحث الخلاف المتصاعد حول السد الإثيوبي .

وأعلنت الدول الثلاث المشاركة في مفاوضات واشنطن عن أن الرئيس دونالد ترامب تحدث مع عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب قبيل الاجتماع، وأشاد السيسي بدور ترامب، معتبرا أنه رجل من طراز فريد.

فهل ينجح اجتماع واشنطن فيما فشلت فيه اجتماعات القاهرة والخرطوم لحل نقاط الخلاف بشأن السد؟.

وتطفو أبرز نقطة خلاف بين مصر وإثيوبيا على السطح، وهي ما يتعلق بسنوات ملء السد وتشغيله، فالخزان الذي تبلغ سعته 74 مليار متر مكعب من المياه سيقلص حال ملئِه حصة مصر التاريخية من مياه النيل المقررة بـ 55مليار متر مكعب، لكن إثيوبيا لا تزال رافضة لمقترح القاهرة بشأن ملء الخزان وتشغيله على مدار 7 سنوات.

وبالنظر إلى مواقف أطراف الأزمة، نجد أن القاهرة تعول على اللقاء لإنهاء الخلاف، معتمدة على حقها التاريخي وعلى حقيقة أن النيل هو مصدر الحياة الوحيد لديها، واستبق السيسي اللقاء بتصريحات تمتدح الرئيس الأمريكي.

أما أديس أبابا فتعتمد للترويج لموقفها على البعد الإنساني الذي تدعمه تقارير دولية رسمية، تشير إلى حاجتها الماسة للكهرباء، في حين أن الخرطوم اختارت منذ البدء الاصطفاف مع إثيوبيا، معززة وجهة النظر التي تعتبر منافع السد أكبر من أضراره.

أما واشنطن التي دخلت على خط الأزمة خشية قيام روسيا بذلك، فتبدو وفق مراقبين أكثر ميلا للمنطق الإثيوبي، فالاستراتيجية الأمريكية للمياه الصادرة عام 2017 تضع إثيوبيا ضمن قائمة الدول ذات الحاجة الشديدة للمياه، في حين أنها لا تصنف مصر في هذه الخانة رغم أنها تعيش تحت خط الفقر المائي منذ سنوات.

وبالنظر إلى الجهة المكلفة بإدارة التفاوض في الولايات المتحدة، أي وزارة الخزانة الأمريكية وليس الخارجية، فإن ذلك يطرح مزيدا من علامات الاستفهام. معطيات تدفع كلها لسؤال: هل ستؤدي الرعاية الأمريكية إلى تعزيز الموقف المصري أم أنها تضع صعوبات جديدة تزيد من عمق الأزمة؟.

من جانبه قال الدكتور أحمد المفتي، العضو المستقيل من اللجنة الدولية لسد النهضة: إن دخول أمريكا على خط أزمة ملف سد النهضة يتوقف على مستجدين: الأول تصريح وزير الخارجية المصري سامح شكري بأن مصر تطالب بقانون جديد يتعلق بالحقوق المائية، وهذا تطور جديد يحدث لأول مرة منذ عام 2011، وكل الكلام كان منحصرا في الملء الأول والتشغيل، والثاني دخول الولايات المتحدة كوسيط من خلال وزارة الخزانة .

وأضاف المفتي، في مداخلة هاتفية لبرنامج “المسائية” على قناة “الجزيرة مباشر”، أن دخول أمريكا بوجهة نظر محددة معينة، يجعل المفاوضات تسير وفق وجهة نظر تلك الدولة، وكان ينبغي دعوة الـ13 جهة دولية من بينها الولايات المتحدة والبنك الدولي التي وقعت على اتفاقية “عنتيبي” لمصلحة كل دول حوض النيل.

وأوضح أن الاستراتيجية الأمريكية تقوم على بيع المياه وسوق المياه وبورصة المياه، وهي تجربة لها أكثر من 100 سنة، وهذه إشارة إلى ما تريده أمريكا، والآن تمثيل وزارة الخزانة لواشنطن في المفاوضات يصب في ذلك الاتجاه.

وأشار إلى أن تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا قبل بدء المفاوضات بأنها ستشارك بوزير الخارجية فقط، وأنها تعتبرها مشاورات، ولن تكون ملزمة بمخرجات المشاورات، تؤثر سلبا على سير المفاوضات.

من جانبه قال الكاتب الصحفي وائل قنديل: إن دخول أمريكا كوسيط في ملف سد النهضة لا يعد إنجازًا لسلطات الانقلاب؛ لأن السيسي يطرح نفسه على أنه أحد مساعدي ترامب .

وأضاف قنديل، في مداخلة هاتفية لبرنامج “المسائية” على قناة “الجزيرة مباشر”، أنه في اجتماع اللجنة الفنية والاتفاقيات الخاصة بالملء والتخزين وافق عليها السيسي كلها في مؤتمرات معلنة، والحديث عن إعادة النظر في الحقوق المائية بعد أن قطعت هذا الشوط في التفريط بسهولة شديدة جدا كان يجب أن يحسم قبل أن نذهب إلى مرحلة ملء الخزانات.

وأوضح أنه رغم ما يمثله سد النهضة من تهديد خطير للأمن القومي المصري، إلا أن السيسي يتعامل مع الأمر بصورة طبيعية، ولا يمثل له السد أي تهديد، مضيفا أن من فرط في الجزر المصرية لن يكون معنيا بمياه النيل.