6 أزمات تواجه القضاة قبل انتخابات “النادي”.. وتيار الاستقلال يمتنع عن المشاركة

- ‎فيتقارير

قرر تيار استقلال القضاء مقاطعة انتخابات مجلس إدارة نادي القضاة، التى تجري في 20 ديسمبر المقبل، احتجاجًا على هيمنة نظام الانقلاب الدموي، بقيادة عبد الفتاح السيسي، على النظام القضائي، وتوجيهه لتبرير الجرائم التى يرتكبها العسكر ضد المصريين .

وأكد التيار أنه لن يُرشح أيًّا من أعضائه سواء لمقعد الرئاسة أو العضوية، مشيرا إلى أنه قرر الامتناع بشكل كامل عن دعم أي عضو أو قائمة انتخابية .

يُشار إلى أنَّ هذه تعد الدورة الثانية على التوالي التى يقاطع فيها التيار انتخابات مجلس إدارة نادي القضاة، سواء على صعيد المنافسة على مقعد رئيس النادي، أو على عضوية مجلس إدارته، وتأكد موقف التيار بعد إغلاق باب الترشح والإعلان عن كشوف أسماء المرشحين.

من جانبه، كشف مصدر قضائي بارز في “تيار الاستقلال” عن أن التيار قرر هذه المرة الامتناع عن ترشيح أيٍّ من أعضائه سواء لمقعد الرئاسة أو العضوية، كما قرر الامتناع بشكل كامل عن دعم أي عضو أو قائمة انتخابية.

وقال المصدر، إن التيار اختلف على مسألة “المقاطعة” الكاملة للانتخابات، أو ترْك الحرية لكل عضو في المشاركة أو عدمها، إلا أنه استقر في النهاية على منح الحرية لكل عضو بالنسبة للتصويت، وأن يختار ما يراه مناسبًا في حالة مشاركته في الانتخابات.

وأوضح أن سبب قرار الامتناع عن الترشح أو دعم مرشحين في الانتخابات، هو أن المناخ “غير موائم”، وأن سلطة العسكر وعلى رأسها عبد الفتاح السيسي، قادت خطة للنيل من “استقلال القضاء” بعد محاربته لسنوات عدة.

وأشار المصدر إلى وجود أزمات وتحديات كبرى تواجه القضاة، وانقسامات فيما بينهم حول كيفية مواجهتها، لذلك وجد التيار أن الأجدى له محاولة معالجة هذا الانقسام وحلّ الأزمات من دون خوض الانتخابات.

6  أزمات

يذكر أن أبرز رموز “تيار استقلال القضاء” في السنوات الأخيرة هما رئيس نادي القضاة الأسبق، المستشار زكريا عبد العزيز، الذي تمّ عزله من القضاء بحجة العمل في السياسة والتحريض على اقتحام مقر أمن الدولة، والرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، الذي تمّ حبسه من القضاء العسكري بتهمة التحريض ضد المؤسسة العسكرية.

ورغم ذلك، قد يجد المستشار محمد عبد المحسن، رئيس نادي القضاة الحالي والمنتهية ولايته، والمرشح لرئاسة النادي، صعوبة في الفوز بالمنصب مجددا، وذلك بعد “كشف الحساب” الذي رصده له عددٌ من القضاة خلال رئاسته النادي، والإخفاقات التي واجهها، وعدم تمكنه من تحقيق وعوده الانتخابية التي أغدقها عند انتخابه في 15 يوليو 2016.

وخلال فترة توليه منصبه، دخل عبد المحسن في ست أزمات، كانت الأولى مع وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب، وتقديمه بلاغًا للنائب العام ضد صفحة “الشرطة المصرية” والقائمين عليها، واتهامها بتعمد تشويه صورة القضاة أمام الرأي العام، وهو ما رفضته “داخلية الانقلاب” معلنةً تقديرها للقضاة، دون أن يتم الأخذ في البلاغ، بعدما تبين عدم صحته.

والأزمة الثانية عندما دخل عبد المحسن في صدام مع دولة العسكر؛ لأنه وصف القرارات الاقتصادية التي اتُخذت في الثالث من نوفمبر 2016، والخاصة بتحرير سعر الصرف للجنيه، ورفع الدعم الجزئي عن المحروقات البترولية وزيادة أسعارها، وقانون الخدمة المدنية وضريبة القيمة المضافة، بأنها قرارات “موجعة” للمصريين، خصوصا البسطاء. وتسبب وصفه هذا في توجيه اتهامات له بالحديث في الشأن السياسي المحظور على القضاة، وتكتم بعد ذلك على المقترح الخاص بتبرع القضاة للدولة، ولو بمبلغ 100 جنيه، كونهم لديهم “القدرة المالية”، على حد وصفه. ولم يعلن عن مصير المقترح خشية توجيه اتهام رسمي له بالعمل السياسي، بعدما نصحه مقربون بذلك، ليتراجع مجددا.

الأزمة الثالثة كانت الدخول في صراعات مع محكمة النقض بسبب إعداد مشروع من قبل المجلس الاستشاري لنادي القضاة، يقلل من صلاحيات هذه المحكمة، ويخل بالمبادئ الراسخة منذ تأسيسها في 2 مايو 1931. ويلغي المشروع “مركزية” محكمة النقض، بتشكيل دوائر مدنية وأخرى جنائية من دوائرها في كل محكمة من محاكم الاستئناف، وأن تعقد في أماكن أخرى بخلاف دار القضاء العالي، وهو ما رفضته المحكمة واصفة المشروع بأنه “فتوى قضائية”، ليتراجع رئيس نادي القضاة عنه بعد الأزمة.

قانون السلطة القضائية

أما الأزمة الرابعة فكانت أيضا مع محكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى، بعد تصريحاته بشأن تعديلات قانون السلطة القضائية، وقوله إنه صاحب القرار، ما دفع مجلس القضاء الأعلى لإصدار بيان خصيصًا للرد عليه، والتأكيد أن “الأعلى للقضاء” هو صاحب الاختصاص. كما رفضت محكمة النقض طلبه بعقد جمعية عمومية طارئة من قضاة محكمة النقض، للتحرك بشأن تعديلات السلطة القضائية.

وكانت الأزمة الخامسة عندما أقر مجلس نواب العسكر تعديلات قانون السلطة القضائية. وفشل عبد المحسن في مواجهة هذه الأزمة والدفاع حتى عن استقلال القضاء، لدرجة دفعته إلى وضع استقالته أمام أعضاء مجلس إدارة النادي وأمام أندية الأقاليم نتيجة الإخفاقات المتتالية، والفشل في التصدي لمعركة برلمان العسكر واستقلال القضاء، إلا أن استقالته رُفضت إثر تدخّل مقربين منه.

الأزمة السادسة حدثت على خلفية سعي السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة المالية بحكومة الانقلاب، إلى تطبيق “ضريبة الدخل” على القضاة وفقًا لمفردات راتب درجاتهم القضائية، ليخرج عبد المحسن داعيا الجسم القضائي إلى جمعية عمومية طارئة لمواجهة الأمر. وردا على ذلك، تدخل مجلس القضاء الأعلى رافضا طلبه، ليفشل مجددا في حشد القضاة ومواجهة الأزمة  .

وتشهد علاقة السيسي بالقضاء والقضاة مرحلة غير مسبوقة من التهميش، والتدخل الصارخ في كل مفاصل العمل القضائي الحساسة والمهمة، بما فيها تعيين رؤساء الهيئات القضائية. ورغم الانصياع التام لقرارات وقوانين تفرضها الدائرة المقربة من السيسي، إلا أن ذلك لم يجعل السيسى يبدي تقديرًا واحترامًا للقضاة في مناسبات عدة. وتجلّى ذلك برفض المشاركة في الاحتفال الذي أقامته أخيرا المحكمة الدستورية العليا، بمناسبة مرور نصف قرن على إنشائها. وبدلا من تلبية دعوة المحكمة لزيارتها وحضور المؤتمر الدولي الذي أقيم بهذه المناسبة، طلب السيسي من رئيس المحكمة الذي عيّنه أخيرا، سعيد مرعي عمرو، الحضور إلى قصر الاتحادية بصحبة الضيوف القضاة والقانونيين من الدول الأجنبية والعربية، وعقد معهم جلسة تعريفية قصيرة بدور المحكمة، وبحضور مستشارين فقط من أعضائها.

شقيق السيسي

وكشفت مصادر قضائية رفيعة المستوى عن حالة من الغضب في صفوف القضاة ورؤساء الهيئات القضائية، وهو ما بدا واضحاً في أحاديث القضاة على “الجروبات” المغلقة الخاصة بهم، نتيجة توسُّع نفوذ المستشار أحمد السيسي، نائب رئيس محكمة النقض وشقيق قائد الانقلاب

وبحسب المصادر فإن “شقيق السيسي بات هو صاحب الكلمة العليا في أمور القضاة”، مشيرة إلى أن “ذلك النفوذ يبدو أنه توجّه رسمي، وليس مجرد استغلال لنفوذ شقيقه“.

وقالت المصادر، إن “اجتماعات أسبوعية منفصلة تتم بين المستشار أحمد السيسي ورؤساء هيئات قضائية، ونائب عام الانقلاب المستشار حمادة الصاوي، يطلع خلالها شقيق السيسي على كافة المواقف الخاصة بالقضايا المهمة والشؤون القضائية، ثم يوجّه بالإجراءات التي تتخذ بشأنها“.

وأكدت أن أحمد السيسي أدى دورًا كبيرًا في اختيار رؤساء الهيئات القضائية أخيرًا، والذين كان من بينهم رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس محكمة النقض، المستشار عبد الله عصر، والذي حصل على المنصب متجاوزًا أربعة من القضاة الأعلى منه لجهة الأقدمية.