اشتعال الصراع بين أمريكا وروسيا في ليبيا.. لماذا؟

- ‎فيعربي ودولي

رُعاة الإرهاب في العالم هم أنفسهم من يتغنّون بالحرب عليه، وعلى رأسهم أمريكا وروسيا، بعد أن دخلتا على خط الأزمة الليبية بقوة، وتجسّد موقف واشنطن الجديد في لقاء عقده مسئولون في إدارة الرئيس دونالد ترامب، مع قائد مليشيات الانقلاب المدعوم إماراتيًّا اللواء خليفة حفتر.

واجتمع حفتر مع رعاة الإرهاب الأمريكيين لبحث تسريع الانقلاب على الشرعية في ليبيا، وعبّر خلاله الجانب الأمريكي عن قلقه البالغ من استغلال روسيا للنزاع على حساب الشعب الليبي، وعند الترجمة للعربية نجد أن العبارة الأمريكية تعني “مخاوف واشنطن من انتزاع الكعكة الليبية بثرواتها”.

نصف أمريكي

ومن المعروف أن “حفتر” كان أسير حرب في تشاد، وفي نفس الوقت كان عميلا للمخابرات الأمريكية، ثم المخابرات الروسية، أي أنه كان عميلا مزدوجا لتدمير طرابلس من أجل إعادة الإعمار.

يقول الناشط الليبي إبراهيم قصودة: “للذي يستغرب لماذا روسيا واقفة مع حفتر اليوم ولم تقف مع القذافي عام 2011، مهما اختلفنا مع القذافي.. القذافي له حدود في التنازل وكان لديه حس الاستقلالية والسيادة، عكس حفتر الذي هو مستعد أن يبيع ليبيا كلها من أجل حكم ليبيا وإثراء نفسه.. فهو مواطن أمريكي، وليبيا لا تهمه.. المهم هو مصلحته”.

ولا تزال الأزمة الليبية في آخر فصولها منذ أبريل الماضي، حيث شنت مليشيات حفتر هجومها على العاصمة طرابلس، مقر حكومة الوفاق المعترف بها دوليًّا، قبيل أيام من انعقاد مؤتمر وطني جامع لكل الليبيين.

ولم يتحرك حفتر إلا بعد الدعم الهائل الذي حصل عليه من دول عظمى وإقليمية، مثل روسيا وفرنسا والإمارات والسعودية وبالطبع السفيه السيسي، وعدم وجود تحرك أمريكي حقيقي سوى التنديد بعملية طرابلس بعد إطراء على جهود بمحاربة الإرهاب، إلا أنّ خطة حفتر والدول التي تسيّره لم تنجح، حيث تمكنت قوات الوفاق من صد هجومه على العاصمة ونقل المعركة إلى خارجها.

الجديد في مسار الأزمة هو التصريحات الأمريكية التي طالبت حفتر بإنهاء هجومه على طرابلس، على هامش حوار أمني بين وزارة الخارجية الأمريكية، ووفد من حكومة الوفاق تم في العاصمة واشنطن، بالإضافة إلى سعي روسي حثيث لاستعادة ما خسرته في ليبيا سابقًا.

كعكة العالم

يأتي ذلك في وقت نجحت فيه روسيا في اللعب داخل الحديقة الخلفية للولايات المتحدة، وهي دول أمريكية الجنوبية، فقد دخلت موسكو على خط النزاع الداخلي في فنزويلا، ونجحت في تثبيت الرئيس مادورو ضد زعيم المعارضة “خوان غويدا” المدعوم أمريكيا، وتعاقدات روسيا مع فنزويلا الغنية بالنفط، لتوريد طائرات ومدفعية وغيرها تحسبًا لاجتياح كولومبي بدعم من واشنطن، بحجة التصدي للمعارضة الكولومبية المسلحة التي تتخذ من فنزويلا مقرا لها، ويبدو أن المناورة الروسية تؤتي أكلها.

روسيا يمكن أن تستمر في دعم حفتر عسكريًّا لأجل محدود وبقدر محسوب، لا يمكن أن يصل إلى حجم تدخلها في سوريا، وذلك في حال دخلت واشطن على خط الحرب.

ولا يتصور عاقل أن موسكو قادرة على حرب واسعة وطويلة الأمد، ذلك أنها لا تملك موضع قدم كبيرة في البلاد، ولا يتوفر لها حليف إقليمي ينفق المليارات ويقدم عشرات الألوف من المقاتلين، كما فعلت إيران تنفيذا للخطة الروسية في سوريا.

وعندما تكون واشنطن جادة في مواجهة التوسع الروسي في ليبيا، فإنها ستمنع الإمارات والسعودية ومصر من تقديم التمويل والدعم اللوجستي لتنفيذ سيناريو مشابه لما وقع في سوريا.

ومع دعم مباشر لحكومة الوفاق، وتعاظم الضغوط السياسية وحتى القانونية والجنائية على حفتر من قبل دوائر مهمة في واشنطن، فإن النتيجة المحتملة هي وقف القتال والجلوس على طاولة التفاوض.

وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية، إحدى أبرز القوى الدولية المتواجدة في الساحة الليبية، حيث كانت على رأس قوات حلف الناتو التي قصفت ليبيا في العام 2011.لكن الحال تغير تمامًا بعد أبريل من نفس العام عندما قتل السفير الأمريكي في هجوم جماعة أنصار الشريعة على القنصلية الأمريكية في بنغازي، بعدها تم نقل السفارة وباتت تعمل من تونس، وأرخت أمريكا الحبل للدول الأوروبية الثلاث المؤثرة في الملف الليبي، وهي فرنسا وإيطاليا وبريطانيا، لقيادة الملف الليبي، واقتصر دورها على الضربات الجوية لتجمعات الثوار.

وبعد فوز دونالد ترامب بالرئاسة في أمريكا، التزمت الإدارة الأمريكية الجديدة الصمت حيال ما يحدث في ليبيا، وقال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في أبريل 2017، إنه لا يعتقد أن على الولايات المتحدة مواصلة القيام بدور في تحقيق الاستقرار في ليبيا.

وأضاف ترامب- خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإيطالي، باولو جينتيلوني، عقب اللقاء بينهما في البيت الأبيض- “لا أرى دورًا لأمريكا في ليبيا”، وأضاف ترامب “أعتقد أن الولايات المتحدة تقوم حاليًا بالعديد من الأدوار، بما فيه الكفاية، في أماكن مختلفة من العالم”.