يواصل نظام الانقلاب العسكري سياساته المعادية للمصريين خاصة الفئات الفقيرة والمهمشة في المجتمع وتحت مزاعم التطوير والقضاء على التلوث ومواجهة البلطجة، قررت حكومة الانقلاب منع سير التوك توك في الشوارع ووقف تجميعه وتصنيعه في عدد من المصانع.
يشار إلى أن “التوك توك” ظهر في مصر لأول مرة منذ ما يقرب من 18 عامًا، كوسيلة مواصلات رخيصة وسريعة وشعبية في القرى والنجوع والمدن، والمناطق المحرومة من وسائل النقل العام، وأصبحت لتلك الوسيلة القدرة على الدخول إلى الشوارع والحواري الضيقة لنقل الأهالي، خاصة كبار السن وذوي الحاجة.
ووفق إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن متوسط عدد مركبات التوك توك داخل المحافظات وصل إلى ما بين 2.5 و3 ملايين مركبة، وتؤكد الإحصاءات أن الـ”توك توك” فتح آفاقًا جديدة للعمل أمام الشباب الذين عانوا لسنوات عديدة من البطالة.
ويعد التوك توك وسيلة لكسب الرزق لمئات الآلاف من الأسر والشباب العاطلين، كما يعد وسيلة مواصلات بديلاً عن “التاكسي”، خاصة في الأماكن الشعبية.
ولا تهتم حكومة العسكر بالنتائج السلبية التي ستنتج عن تطبيق هذا القرار؛ حيث سيتسبب في قطع أرزاق ملايين الغلابة وحرمانهم من الحصول على لقمة العيش.
كان مصطفى مدبولي، رئيس حكومة الانقلاب، قد وجه قبل أيام، أوامره إلى عدد من المصانع، والهيئة العامة للتنمية الصناعية، بمنع تجميع وتصنيع “التوك توك” داخل البلاد، وذلك في إطار توجهات بمنع بيعه في المعارض والأسواق الخارجية.
وطالبت حكومة الانقلاب أصحاب ومالكي “التوك توك” باستبداله بسيارة ميني فان أو ما يطلق عليها في المناطق الشعبية “التمناية”، وهو ما أثار غضب وسخط العاملين على تلك الوسيلة لنقل الركاب، لعدم معرفة مصيرهم بعد قرار نظام الانقلاب.
بيزنس العسكر
وتؤكد مصادر مطلعة أن بيزنس العسكر يقف وراء هذه القرارات؛ لأنها ستحقق أرباحا بالمليارات لمجموعة معدودة من الجنرالات مشيرة إلى أن سيارات الفان والسيارات الكهربائية ستنتجها المصانع الحربية ولولا هذه القرارات لما نجحت في بيع سيارة واحدة.
وقالت المصادر إنه سيتم بيع هذه السيارات بأكثر من 4 أضعاف تكلفتها دون مراعاة للبعد الاجتماعي أو أن الفئات التى تعمل على التوك توك هي فئات فقيرة لا تستطيع دفع هذه الأموال واستبعدت أن يكون الهدف من المشروع القضاء على التلوث أو مواجهة البلطجة مؤكدة أن البيزنس والأرباح هي الهدف والأساس ولفتت إلى أن التقسيط بالنسبة لمن يستبدل التوك توك بالسيارة الفان يضاعف الأعباء أكثر من الدفع الفوري.
مليارات الجنيهات
في سياق متصل كشف مصدر مطلع بمجلس وزراء الانقلاب عن مكاسب متوقعة للجيش بمليارات الجنيهات، جراء استبدال مركبات “التوك توك” التي يستقلها الفقراء، بسيارات “ميني فان”.
وقدر المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته التكلفة الإجمالية للمشروع، الذي شرعت السلطات في تنفيذه، بنحو تريليوني جنيهـ مؤكدا أن الهيئة العربية للتصنيع التابعة للجيش ستتولى تنفيذ الخطة، التي تهدف للتخلص من قرابة 3 ملايين “توك توك”.
وأكد أن مشروع استبدال الـ”توك توك” بسيارات الـ”فان” التي تسع 7 ركاب، يثير مخاوف من غضب الطبقات الفقيرة التي تعتمد على الـ”توكتوك” كمصدر للدخل، مشيرا إلى أن تقسيط ثمن السيارات الجديدة والتي تقدر بـ170 ألف جنيه لن يقنع أصحاب سيارات الـ”توكتوك” بشرائها.
مزاعم وأكاذيب
من جانبهم استنكر مالكو التكاتك قرارات مجلس وزراء الانقلاب نادر باستبدال “التوك توك”، الذي وصل سعره إلى ما بين 30 و40 ألف جنيه، بالسيارة الميني بعد تحويله خردة، مع دفع صاحبه باقي الأقساط، علمًا بأن ثمن السيارة الميني يزيد على 170 ألف جنيه، وذلك مثلما حدث عند استبدال التاكسي الأسود بالأبيض.
وتسود مخاوف لدى أصحاب التوك توك من عدم القدرة على سداد أقساط الحافلات الصغيرة التي سيجري تمويل شرائها عبر البنوك.
وبين ليلة وضحاها، تكثف حكومة العسكر جهودها لمنع تلك الوسيلة، بعدما أصبحت أمرا واقعا في المجتمع المصري، وأصحابها من المؤهلات العليا والمتوسطة مسئولين عن حياة مئات آلاف الأسر في ظل ظروف البطالة وعدم وجود فرص عمل، كما أن هناك أطفالاً نتيجة ظروف اجتماعية واقتصادية يعملون على “التوك توك”، سواء من كان مالكا لتلك الوسيلة أو عاملاً بأجر يومي، وهناك من يقوم بتأجيره مقابل مبالغ مالية.
كما كثّفت حكومة العسكر قبل تطبيق القرار من خلال وسائل الإعلام المختلفة التابعة لها والإعلاميين المطبلاتية محاولات تشويه صورة التوك توك، وترويج مزاعم وأكاذيب بأنها أصبحت وسيلة للفوضى في الشوارع، وأحد أسباب أزمة المرور، خاصة في شوارع القاهرة الكبرى والزعم بأنها تسير عكس الاتجاه، وتتسبب في إعاقة الطريق لعدم التزامها خطوط سير محددة، وبأنها وسيلة لانتشار السرقات وتجارة المخدرات والخطف والقتل، ويقودها أطفال صغار وبلطجية، وأنها شبح مخيف، وتشوّه المظهر الجمالي للشوارع والمدن، ما يتطلب تقنين الأوضاع الخاصة بها بحسب ادعاءات حكومة العسكر.
مصانع التجميع
وكشف مصدر مسئول عن أن وزير التجارة بحكومة الانقلاب عمر نصار، أصدر أوامر فورية إلى الهيئة العامة للتنمية الصناعية التابعة للوزارة بوقف مصانع تجميع وتصنيع التوك توك في المدن الصناعية، ووقف جميع التراخيص الخاصة بها، والتي يصل عددها إلى 7 مصانع حاصلة على موافقات من الهيئة، ووقف 15 مركزًا للصناعات المغذية للـ”توك توك”.
وأكد المسئول أن هناك حالة من الغليان بين أصحاب المصانع والعاملين في هذا القطاع الذين يصل عددهم إلى ما يقرب من 1500 عامل، وهو ما يعد أزمة جديدة، في إطار غلق المصانع وتشريد الآلاف من العمالة وانهيار الاستثمارات.
وأوضح أن هناك مطالب بضرورة عقد اجتماع عاجل لأصحاب تلك المصانع مع الهيئة العامة للتنمية الصناعية، خاصة أن الأجهزة الصناعية الموجودة في تلك المصانع معظمها حديثة ولا يمكن استغلالها في أنشطة جديدة مثل صناعة السيارات، كما تدّعي حكومة الانقلاب في الوقت الذي تطاردهم البنوك بالقروض التي تم أخذها مقابل الاستثمار في صناعة “التوك توك”.
الميني فان
وقال المهندس حسين عبد الباقي، خبير صناعة سيارات: إن سيارات “الميني فان” التي تتسع لسبعة ركاب والتي تسعى حكومة العسكر إلى طرحها في الأسواق خلال الأيام المقبلة، مصنّعة في الصين، وتواجه الكثير من الأعطال اليومية .
وحذر من أن هذه السيارات ستؤدي إلى “خراب بيوت” العاملين عليها، بسبب سعرها المرتفع، والذي يستلزم قرضا مصرفيا لدفعه، والمشكلات التصنيعية التي ستزيد من الإنفاق على تصليحها.
مشكلة البطالة
وتوقع الخبير الاقتصادي مصطفى شاهين أن يؤدي قرار حظر سير الـ”توك توك” إلى حالة من الغضب والانفجار بين غالبية السائقين؛ لخطر ما تقوم به الأجهزة المسئولة ضد هؤلاء.
وأكد شاهين أن الـ”توك توك” يشكل مصدرا مهما للكثير من الشباب والعاطلين، ومصدر دخل إضافيا للكثير من الموظفين، محذرا من اصطدام ميلشيات الشرطة بتلك الشريحة الواسعة من السائقين، خاصة بعدما أصبحت تلك المركبة واقعا فعليا في المحافظات المصرية.
وطالب الخبير الاقتصادي حكومة العسكر بتقنين أوضاع مالكي وسائقي التوك توك، مشيرًا إلى أن الـ”توك توك” أصبح مصدرا للرزق، وأن تقنينه سيساعد في حل مشكلة البطالة، خاصة أن أغلب سائقي التوك توك يعولون أسرًا، وهو مصدر دخلهم الوحيد.