“رويترز”: السيسي يتحكّم في محتوى الأعمال السينمائية والتلفزيونية

- ‎فيأخبار

نشرت وكالة “رويترز” تقريرًا، سلَّطت خلاله الضوء على الانتهاكات والتضييق الشديد الذي تمارسه سلطات الانقلاب على المنتجين والفنانين للتحكم في محتوى الأعمال السينمائية والتلفزيونية.

وقال التقرير، إن لجنة الدراما التابعة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أصدرت تعليمات مشددة بألا تتناول المسلسلات التلفزيونية السياسة ضمن موضوعاتها، وتقديم رجال الشرطة وأي شخصيات أخرى تمثل السلطات في صورة إيجابية.

ونقلت الوكالة عن أحد مؤسسي شركة “العدل جروب”، جمال العدل، قوله إنه كان يظن أن بوسعه تسيير الأمور بالابتعاد عن أكبر القضايا الممنوع تناولها، لكنه عدَّل رأيه عندما سمع أن الشرطة داهمت موقع تصوير فيلم ينتجه أحد منافسيه، العام الماضي، وذلك لعدم الحصول على تصريح ضروري.

وأضاف “العدل” أنه أوقف على الفور العمل في مسلسلين تلفزيونيين كان يصورهما خوفًا من أي مشاكل قد يواجهها لعدم حصوله على تصريح.

وتابع: “أنا حسيت إن ده مناخ ما أقدرش أشتغل فيه.. أنا مش بأعمل حاجة غلط”. لافتًا إلى أن الإنتاج الفني أصبح يمثل وجهة نظر واحدة، ورؤية واحدة، في إشارة إلى وجهة النظر الرسمية فقط. واستطرد: “السلطات الآن هي التي تحدد من يعمل في الإنتاج الفني ومن لا يعمل”.

التقرير أورد شهادات لعدد من القائمين على إنتاج أعمال تلفزيونية ومسئولين تنفيذيين في القطاعات الإخبارية، هاجموا خلالها فرض حكومة السيسي رقابة أشد صرامة من وسائل الرقابة في عهد المخلوع حسني مبارك، الذي حكم مصر بقبضة قوية إلى أن أطاحت به ثورة 25 يناير 2011.

وأضاف التقرير أنَّ من هذه الوسائل حجب تصاريح التصوير، وإعداد قائمة بالموضوعات المحظور تناولها في المسلسلات يتعين على القائمين على العمل الموافقة عليها، كما أنشأت الحكومة مجموعتين على تطبيق “واتساب” لتوجيه تعليمات، بما تنشره وسائل الإعلام الإخبارية وعينت رقباء في القنوات التلفزيونية للإشراف على ما يذاع.

وشكا أكثر من عشرة مصادر في صناعة التلفزيون وفي الحكومة من سيطرة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التابعة للمخابرات المصرية، على منافذ إخبارية وشركات للإنتاج التلفزيوني وقنوات تلفزيونية، لا يقل عددها حتى الآن عن 14، الأمر الذي أتاح لها سيطرة لا مثيل لها على توقيتات بث الأعمال التلفزيونية.

وكشفت “رويترز” عن أن اثنين من أعضاء مجلس إدارة الشركة، على صلات بجهاز المخابرات العامة المصري، أحدهم يدعى “ياسر سليم”، كما كان مدير المخابرات (عباس كامل) يرأس في السابق إحدى الوحدات التابعة للشركة.

المخرج السينمائي “خالد يوسف”، عضو برلمان الانقلاب السابق، قال في تصريحات لـ”رويترز”: إن “الحكومة بدأت تتدخل في المحتوى الدرامي نفسه، ودفعت شركات الإنتاج الخاصة إلى التوقف عن العمل لفرض سيطرتها”، مضيفا “هما مش عايزين حد يفكر”.

ونقل التقرير عن مخرج آخر قوله: إنه اضطر لتوقيع وثيقة يتعهد فيها بعدم إدراج أي مشاهد في أعماله تنطوي على إساءة للشرطة، كما طلبوا منه عدم تصوير أي مشاهد لتبادل إطلاق النار يموت فيها ضباط الشرطة حتى لا يؤثر سلبًا على معنويات رجال الشرطة.

وقال رئيس تحرير إحدى الصحف الكبرى: إن الناشرين في عهد “مبارك” لم يواجهوا ترهيبًا إلا إذا تناولت المقالات ضباط المخابرات أو الجيش.

وأضاف أن “لمدير المخابرات العامة عباس كامل وضباطه سيطرة محكمة ومباشرة على ما تنشره وسائل الإعلام”، لافتا إلى إطلاق الصحفيين عليهم وصف “رئيس تحرير مصر”.

وذكر التقرير أن الأجهزة الأمنية أنشأت مجموعتين على تطبيق “واتساب” لنقل التعليمات إلى المؤسسات الإخبارية عن كيفية تغطية الأحداث، وتسمى إحداهما “رؤساء التحرير” ويديرها جهاز المخابرات العامة، أما المجموعة الثانية فتديرها وزارة الداخلية.

وجاء في رسالة على مجموعة واتساب: “رجاء عدم نشر أي تقارير إخبارية عن محمد علي”.

عاملون بقناة “دي.إم.سي” التلفزيونية التابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، كشفوا عن فضيحة من العيار الثقيل، حيث يوجد ضباط مخابرات بملابس مدنية في أستوديوهات القناة على الدوام، ولا بد من حصول رؤساء التحرير على ضوء أخضر قبل إذاعة أي برامج إخبارية أو رياضية أو ترفيهية.

وأكد موظف سابق بالقناة: أن “الشبكة يديرها ضباط المخابرات فعليا، إذ يحضرون كل الاجتماعات التنفيذية. وتمت بعض التعيينات في مناصب كبرى بالقناة بقرارات من عباس كامل، مدير جهاز المخابرات العامة، وهو أيضا الذي حدد رواتب من شغلوا تلك المناصب”.

الممثل المصري “عمرو واكد” انتقد اضمحلال صناعة الترفيه في مصر، قائلا: “كأن المسلسلات كتبها ضابط شرطة”.