السر وراء اتفاق الاحتلال واليونان وقبرص على إنشاء خط الغاز في هذا التوقيت

- ‎فيعربي ودولي

انعقدت في العاصمة اليونانية أثينا قمة ثلاثية، ضمت زعماء اليونان وقبرص والكيان الصهيوني، لتوقيع اتفاق إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا. يأتي الاتفاق في خضم خلاف حول مصادر الطاقة شرقي المتوسط، لا سيما بعد الاتفاق التركي الليبي على الحدود البحرية.

ما دلالة مسارعة تل أبيب وأثينا ونيقوسيا للاتفاق على مشروع خط نقل الغاز إلى أوروبا في هذا التوقيت؟ وما فرص تنفيذ هذا المشروع على ضوء الصراع الراهن بشأن الغاز والنفط في شرق المتوسط؟

بالتزامن مع موافقة البرلمان التركي على تقديم دعم نوعي لحكومة الوفاق الليبية يتضمن إرسال قوات عسكرية، يجتمع في أثينا زعماء كل من الكيان الصهيوني واليونان وقبرص اليونانية لتوقيع اتفاق على مشروع خط أنابيب لنقل الغاز من المتوسط إلى أوروبا.

وحسب تقرير بثته “الجزيرة”، فالقمة الثلاثية التي لم تكن مدرجة على جداول أعمال أعضائها تطرح الكثير من التساؤلات بشأن دوافع توقيتها، وتأثيراتها المتوقعة على مسار الصراع حول الغاز في منطقة شرق المتوسط.

رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، استعجل الوصول إلى اليونان في ثاني أيام العام الجديد، بعد اتفاق رسم الحدود البحرية بين أنقرة وحكومة الوفاق الليبية. هذا الاتفاق جعله فيما يبدو يسرع الخطى لتنفيذ مشروع قديم مثير للجدل داخل إسرائيل وفي المنطقة. وغضبُ الثلاثي في تل أبيب وأثينا ونيقوسيا من خطوة الأتراك يترجم بالتوقيع على اتفاق جديد لتدشين أنبوب الغاز “إيست ميد” أو “شرق المتوسط”، ما تعتبره الدول الثلاث ردًّا قد يستدعي ردودًا مضادة واحتمال مواجهة بحرية لا يمكن تحديد شكلها أو حجمها في مياه المتوسط.

بموجب الاتفاق ستبدأ أعمال مد أنبوب يفترض أن ينقل الغاز من إسرائيل، وتحديدًا حقل ليفاثان إلى أوروبا يبلغ طول الخط نحو 2000 كيلومتر، وتقدر تكلفته بأكثر من 6 مليارات دولار، يمتد الأنبوب من دولة الاحتلال ثم المياه الإقليمية لقبرص اليونانية، مرورا بجزيرة كريت، ثم البر اليوناني، وصولا إلى شبكة الغاز الأوروبية عبر إيطاليا.

تركيا التي يتيح لها اتفاقها الأخير مع طرابلس فرض السيطرة على مناطق واسعة غنية بالغاز في المتوسط، خاصة وأن خصومها قد أبدوا قلقهم لدى توقيع اتفاقها مع ليبيا من بسط هيمنتها على المياه التي سيعبرها مشروع الأنبوب، وجعل المسئولين اليونانيين والقبارصة اليونانيين يذهبون إلى بنغازي ثم القاهرة للتنسيق مع عدوي حكومة الوفاق الليبية.

لكن الأنبوب وقبل أن ينقل الغاز قد ينقل المنطقة إلى صراع من نوع آخر، حسب مراقبين، مسرحه مياه شرق المتوسط، صدفة أم عمدا وطبقا لحسابات السياسة تزامن التوقيع على الاتفاق في أثينا مع تصويت البرلمان التركي لصالح إرسال قوات عسكرية لدعم حكومة الوفاق الوطنية الليبية.

قرار قد يسرق الفرحة من قمة كان هدفها تقليص تداعيات اتفاق أردوغان والسراج، ما بعد الآن تصعيد دبلوماسي محتمل بين الدول الثلاث وتركيا، وأسماء جديدة قد تضاف إلى قائمة الداعمين لحفتر، ليس حُبًّا فيه بل من أجل ضمان طريق أنبوب بحري في منطقة عمْق الأزمات فيها مخيف وخطير جدا.