في زمن السيسي.. القطاع الصحي مُنهار و«السنبلاوين» تُعلن الحرب على كوريا الشمالية!

- ‎فيتقارير

“السنبلاوين خط أحمر يا كوريا”.. سُخرية واسعة بعد تداول خطابٍ منسوبٍ لوزارة الصحة في حكومة الانقلاب بمنع عمالة كوريا الشمالية؛ تنفيذًا لعقوبات مجلس الأمن. ونشرت طبيبة مصرية على حسابها صورة من القرار، وقالت ساخرة: “والله مش ألْش.. إدارة العلاج الحر بالسنبلاوين وميت غمر أصدرت قرارًا بعدم تشغيل أي عمالة من مواطني كوريا الشمالية تنفيذا لعقوبات مجلس الأمن، لا تتعجب فأنت في دولة ما وراء العقل مصر.. السيسي حاليًا”!.

وبعيدًا عن الفكاهة في قرار الحرب على كوريا الشمالية، اتجه جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي إلى خصخصة الصحة ببيع عدد كبير من مستشفيات التكامل للقطاع الخاص، واتباع خطة تنتهج تقديم الخدمة الطبية في المستشفيات المملوكة للدولة بمقابل مادي، وتم تعميم القرار على جميع المستشفيات لتنتهي أسطورة العلاج المجاني.

لا للفقراء

وصدر قرار بضم ميزانية علاج وزارات كالدفاع والداخلية وهيئات أخرى مملوكة للدولة إلى ميزانية الصحة بالمخالفة للدستور، ومن ثم فإن الانخفاض الحالي في الإنفاق الصحي رقميًّا هو أقل من الانخفاض الفعلي بعد تضخم الرقم بفعل إضافة تلك الهيئات، وكذلك ارتفاع نسبة التضخم وأسعار المستلزمات والأدوية.

ورغم انتقادات سابقة لإسناد مناقصات شراء مستلزمات طبية وأدوية عبر مؤسسات وهيئات الجيش، أشار السفيه السيسي إلى أنه وجّه أوامره لتوفير الأجهزة والمستلزمات الطبية لوزارة الصحة عبر مناقصات مجمعة تقوم بتنفيذها القوات المسلحة.

وألمح السفيه السيسي إلى ضم المستشفيات التعليمية لتلك المناقصات، بزعم توفير الاحتياجات بأقل سعر وأفضل جودة وأطول فترة ضمان لصيانة الأجهزة، وحث المستشفيات على عدم الاهتمام بالفقراء ووقف علاجهم، عندما طالبها بإيجاد دخل يدعم الحفاظ على المعدات الحديثة وصيانتها.

ورغم التقارير المتوالية التي تشير إلى تدهور القطاع الطبي، وانهيار منظومة الصحة في مصر، بسبب ارتفاع أسعار الأدوية ونقص التجهيزات الطبية والمستلزمات التي تحتاجها المستشفيات، بعد انهيار العملة المصرية أمام الدولار، يفتح السفيه السيسي الباب أمام خصخصة المستشفيات التي تعالج الفقراء، والتي يصل عددها لنحو 540 مستشفى؛ حيث تم إعداد قائمة من 75 مستشفى متميزة من مستشفيات التكامل بالتعاون مع وزارة الاستثمار لطرحها للشراكة مع المستثمرين، خلال يوليو من العام 2016.

السيسي والكرش

ورغم الدعايات الإعلامية المستمرة حول مبادرات جنرال الخراب لمواجهة المشاكل الصحية، إلا أنها ترتكز في التمويل على القروض مثل مبادرة 100 مليون صحة والممولة بقرض 429 مليون دولار من البنك الدولي، أو على التبرعات مثل مشروع مكافحة العمى وتمويله من صندوق تحيا مصر، وهذه المصادر غير الحكومية للتمويل لا تضمن استدامة تقديم الخدمة الصحية المطلوبة بصورة جيدة.

كما أن تناول نتائج المسح الميداني حول السمنة أصبح مثارا للسخرية، بسبب حديث السفيه السيسي حول “الكرش” وتسطيح المشكلة رغم خطورتها وتعدد أنواعها، خاصة وأن أسباب السمنة من أهمها الفقر والذي يبلغ نسبته رسميًّا 28% من المصريين وينتج عنه سوء التغذية.

والسبب المهم الآخر هو قلة ممارسة الرياضة لعدم وجود ملاعب بالمدارس، ومحاولات الحكومة المستمرة نحو غلق الساحات الرياضية الشعبية، ومن المتوقع استمرار تدهور الوضع الصحي في مصر لعدم وجود أية مظاهر لخطوات جادة نحو مواجهة تلك المشاكل بصورة واقعية وبتمويل يضمن الاستدامة والاستمرارية.

وفي حين بدأت المادة 18 من دستور الانقلاب لعام 2014 بإقرار حق كل مواطن في الرعاية الصحية وفقا لمعايير الجودة، إلا أن مؤشر “إنديغو ويلنس” للرفاهية قد صنف كلا من مصر والعراق ضمن أسوأ عشرين دولة أداءً في تصنيف الصحة العالمية الذي أورد نتائجه موقع بيزنس إنسايدر، نقلا عن دورية “غلوبال بيرس بيكتيف” المعنية بأبحاث ودراسات الرعاية الصحية.

وحدد التصنيف العالمي الجديد لعام 2019 أفضل الدول التي يتمتع رعاياها بالصحة في مقابل دول لا يحظى مواطنوها برعاية صحية جيدة، ويعتبر مؤشر “إنديغو ويلنس” للرفاهية الذي جمع البيانات الخاصة بهذا التصنيف واحدا من أكثر المؤشرات شمولا، إذ يغطي 191 دولة حول العالم. وعزا المؤشر احتلال مصر لهذا المركز المتأخر إلى قلة إنفاق عصابة الانقلاب على الرعاية الصحية وارتفاع خطر الإصابة بداء السكري، ومعدلات البدانة.

هيمنة العسكر

ولم يعد خفيا على أحد في الأوساط العلمية أو حتى الشعبية هيمنة العسكر في مصر على الحياة المدنية وعلى المجتمع ككل، فمجلس الوزراء الحالي بكل وزاراته المدنية لم يعد مجرد واجهة مدنية للحكم العسكري فقط، بل تحول الأمر إلى إحكام قبضة العسكر على كل مناحي الحياة المدنية، والنزول إلى الحكم المباشر والإدارة المباشرة من خلال الضباط العسكريين المتقاعدين والنظامين.

وقد جاء إعلان هالة زايد، وزيرة الصحة في حكومة الانقلاب، في يوم 22 ديسمبر 2018، بأنَّ مدراء المستشفيات النموذجية التي سيتم تطويرها وعددها 48 مستشفى منها 29 تابعة لوزارة الصحة و19 تابعة للتعليم العالي، سيكونون من العسكريين.

وقال خالد مجاهد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة في حكومة الانقلاب، في بيان رسمي يوم 22 ديسمبر 2018: “إن وزيرة الصحة وجهت باختيار مدير إداري للمستشفيات النموذجية يكون له خلفية عسكرية، على أن يكون هناك إعلان بذلك في الصحف لشفافية الاختيار”!.