ما بين “ترامب وبايدن” انقلابات عسكرية وكيانات إرهابية تصنعها أمريكا.. فهل نفيق قبل الذبح؟

- ‎فيتقارير

“إلى متى سيرتبط العرب بمصير الانتخابات الأمريكية إلى متى هذه التبعية؟ ألم يحن الوقت لاتخاذ القرارات المصيرية بنفسنا ولا نكون تابعين إلى أحد”..؟ يتساءل الشارع العربي بينما توقع المرشح الديمقراطي المفترض لانتخابات الرئاسة الأمريكية جو بايدن أن يحاول الرئيس دونالد ترامب تأجيل انتخابات نوفمبر المقبل، في مسعى للفوز بولاية ثانية.

وبعد موجات الربيع العربي، تغيرت الأوضاع وبات حكام الخليج يدفعون المزيد والمزيد من الأموال مقابل تأمين عروشهم التي اهتزت كثيرا وأصبحت مهددة، من هنا بدأت أمريكا تلعب على هذا الوتر  ليقول ترامب علنًا: عليكم أن تدفعو لأننا نحن من نؤمّن لكم عروشكم، ولم يعد سرًّا الحديث عن علاقة الولايات المتحدة الأمريكية غير الطبيعية بكيان العدو الصهيوني، وبات القاصي قبل الداني يتحدث عن خدمات تبادلية بين إسرائيل وبين من صنعوه وفرضوه على الفلسطينيين والعرب والمنظمة الدولية والعالم أجمع.

وإذا كان المحللون والمتابعون قد خلصوا إلى نتيجة، مفادها أن إسرائيل تفرض سياساتها ورؤاها واستراتيجياتها منذ عدة عقود على صانع القرار الأمريكي عبر مراكز النفوذ واللوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة وذراعها الأقوى الايباك، فإن هؤلاء أنفسهم عادوا اليوم إلى الحقيقة الثابتة والبدهية الواضحة التي تقول إن إسرائيل هي مجرد “كشك” متقدم للصهيونية الأمريكية الغربية في المنطقة ليحافظ على مصالحها ويحمي شركاتها وقواعدها المتقدمة.‏

الطريقة الوحيدة

وقال بايدن – خلال حفل جمع تبرعات جرى عبر الإنترنت، أمس الخميس -: “تذكّروا كلامي، أعتقد أنه سيحاول تأجيل الانتخابات بطريقة ما، وطرح مبرر يمنع إجراءها”، وأضاف نائب الرئيس السابق باراك أوباما أن “هذه هي الطريقة الوحيدة التي يعتقد ترامب أن بإمكانه الفوز من خلالها”.

من جهة أخرى، قال بايدن (77 عاما) لأنصاره: إنه “متحمس لمناظرة دونالد ترامب”، وأضاف “أنا مستعد لمناظرته.. عبر زوم، أو سكايب، أو سلاك، أو هانغ آوتس، أو شخصيا، في أي وقت وأي مكان يرغب فيهما”.

وجرت آخر مناظرة بين بايدن والسيناتور بيرني ساندرز خلال السباق للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي يوم 15 مارس الماضي، بدون حضور الجمهور؛ نظرًا لانتشار وباء كورونا المستجد.

وبينما لا يزال الفيروس متفشيا في الولايات المتحدة، طرحت تساؤلات بشأن التفاصيل اللوجستية المتعلقة بالمناظرة المرتقبة بين بايدن وترامب قبيل الانتخابات، ويقول الدكتور محمود رفعت: “ينتظر العرب أمرا جللا بعد ٦ شهور من الآن؛ حيث انتخابات الرئاسة في #أمريكا.. إعادة انتخاب #ترمب تعني إفقار المنطقة وإغراقها بمزيد من الحروب العبثية، بينما انتخاب #بايدن يعني إعادة تأسيس كيانات إرهابية كالفصائل التي أسسها #أوباما في #سوريا بمال عربي وإعلام عربي.. فهل نفيق قبل الذبح؟”.

ويرى كثير من السياسيين أنّ الولايات المتحدة قد فوجئت بالثورات العربية، بل إنّها وضعت خططًا تجاه تلك الثورات بما يتناسب مع كل بلد، ففي الوقت الذي استطاعت الدولة العميقة أو دولة العسكر قيادة الثورة المضادة في مصر، فإن ذلك لم يكن متاحًا في سورية، لهذا دعمت النظام الطائفي، وسمحت لقوى إقليمية بالتدخل وقوى كبرى كذلك ثم صنعت حلفًا لحرب “داعش” في حين تركت النظام ومن معه بل مدّته بأسباب البقاء حين أبقت له الشرعية كنظام قائم، علمًا أنّه سقط بالشرعية الثورية بوصف الشعب مصدر السلطات، وقيام الائتلاف واعتراف 125 دولة به ممثلًا شرعيًا وحيدًا كان يكفي لإنهاء وجود النظام بشكل قانوني وسياسي.

لم تكن أمريكا راغبة بالتغيير في العالم العربي، بل نستطيع أن نقول بكل ثقة – نتيجة الأحداث التي جرت – إن أمريكا تحارب الديمقراطية في العالم العربي، وتحرص على النظم المستبدة، كما تحارب التجارب النهضوية التي مرّت على المنطقة ومنها – العراق – فالديمقراطية تأتي بحاكم يستمد شرعيته من الشعب، وأمريكا تريد حكامًا شرعيتهم بمقدار رضاء عنهم.

وجود إسرائيل

هددت الثورات العربية – كما أسلفنا – البناء الرسمي العربي، وهذا يعني أن خللًا سيحصل في هذا البناء المحكم، وأن وجود إسرائيل بات مهددًا بالبقاء، فانتقلت إلى أمرين؛ الأول: العمل على الانقضاض على ثورات الربيع أو ما بات يُعرف بالثورات المضادة.

والثاني: تحريك إيران لتعبث بالمنطقة وترتكب أبشع الجرائم مما يكسر الحاجز النفسي تجاه الصهاينة والذين سيبدون حمائم سلام أمام جرائم إيران، وتحويل الصراع مع الصهاينة إلى صراع سني شيعي، وصناعة تنافر مجتمعي سيؤدي إلى كانتونات طائفية ومذهبية هشّة في المنطقة.

ويذهب عدد من الخبراء والسياسيين إلى أنّ الثورة المضادة بدأت بعد سقوط الرؤوس الهشّة في الأنظمة القوية، وأنّ هذه الثورات المضادة كانت تتحين الفرصة فقط للانقضاض على الثورة وأن ثمة تمويلًا قد تلقته تلك الفئات من أنظمة دعمت – فيما بعد – دموية تلك الثورات المضادة، ومنها نظام أبوظبي، فقد دعمت إمارة أبوظبي مُبكرًا قوى الثورة المضادة في مصر وليبيا واليمن، علي سبيل المثال، من خلال الأذرع المالية والأمنية والعسكرية والسياسية للأنظمة التي ضربتها أمواج الثورات، حيث آوت عددًا هائلًا من القيادات التابعة للنظام القديم بدول الثورات العربية، وشكّلت بشكل سريع غرف عمليات معقّدة لإجهاض تلك الثورات وضرب المسارات الانتقالية، وإعادة المنظومات القديمة إلى سدة الحكم.

وبهذا فإن احتلال فلسطين كان نقطة الانطلاق فقط ونقطة الارتكاز وإجراء التجارب لمعرفة أفضل السبل للانقضاض على سورية ولبنان ومصر والعراق وليبيا بل على الأمة بأسرها.

واليوم وبعد كل الجهود التي بذلت لقضم أرض فلسطين كلها وتهجير أهلها العرب جميعًا وبعد تقسيم السودان واستنزاف العراق وخلق مشكلة الصحراء بين المغرب والجزائر وتحطيم ليبيا وتدمير اليمن وشل مصر منذ سيناء وترهيب الخليج واستنزافه ليقع في أحضان إسرائيل ويمول حربها، أولم يصبح واضحاً أن ”صفقة القرن” لا تستهدف فلسطين وحدها بل تستهدف العرب برمتهم ونحن لا نتحدث عن الغد المباشر بل عن العقد أو العقدين القادمين.

وعود الربيع

تداعيات الربيع العربي واستخلاص العبر التاريخية من إجهاضه في كل البلاد التي أزهرت حدائقها بأزهار الحرية فكان البديل عن الربيع خريف عاصف وأنواء مزلزلة أرادتها قوى الردة نكوصا عن وعود الربيع واستعادة أعتى للاستبداد، وها نحن نعيش آخر إرهاصات ليبيا بعودة العسكر تحت نفس الشعار وهو مقاومة الإرهاب باحتلال طرابلس والقضاء على حكومة شرعية.

واقعنا العربي اليوم رغم مصيبة كورونا العالمية ينتظر تأثير الانتخابات الرئاسية القادمة على طبيعة العلاقات الدولية واقتراب موعد 18 نوفمبر 2020 الذي سيحدد فيه الناخب الأمريكي مصير البيت الأبيض.

وحتى أدرك خفايا تحول متوقع في الاستراتيجيات الأمريكية تجاه العرب وربيعهم المهدد بل ومصيرهم المجهول، ويتفق “جاك شوميناد” المرشح للرئاسيات الفرنسية 2012 والمحلل الاستراتيجي القيم، مع باسكال بونيفاس رئيس المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية أنه في حال فوز “جو بايدن” نائب الرئيس أوباما ضد ترامب الجمهوري بالرئاسة بعد أشهر قليلة فإن موقف واشنطن من العالم العربي سوف تعاد صياغته على أسس مختلفة تفرضها فلسفة الحزب الديمقراطي الجديدة إزاء الحفاظ على المصالح العليا للشعب الأمريكي.

وهي سياسة عبرت عنها المرأة الحديدية رئيسة الكونجرس “نانسي بيلوسي” وهي فلسفة مناقضة تماما للرؤية الترامبية للعالم العربي والإسلامي عموما، والتي عبر عنها في خطاب المؤتمر الأمريكي العربي بالرياض 22 مايو 2017 وهي رؤية بدأت بالسلام عليكم ورسم خطة أمريكية عربية لمقاومة الإرهاب، بالمعنى الأمريكي والإسرائيلي لا بالمعنى العالمي المتفق عليه، لا حتى بالمعنى اللغوي للكلمة وخطة للتعاون الاقتصادي واعتراف بأن لا دولة يمكن أن تفرض الديمقراطية على دولة أخرى.

هنا كان ترامب يريد طمس معالم المقاربة الأوبامية للعلاقات الأمريكية مع العالم العربي والتي رسمها أوباما في خطابه أمام جامعة القاهرة، وخطة الرئيس ترامب هذه المرة تعتمد إعلان حرب باردة ضد إيران ومراجعة المعاهدة التي وقعها أوباما مع القوى العالمية وإيران في الملف النووي بجعل العرب يعوضون العداء لإسرائيل بالعداء لإيران ثم بفرض ما سمي بصفقة القرن الرامية الى تصفية القضية الفلسطينية تماما ومعاقبة الأطراف العربية التي ترفضها!

والسؤال: لماذا يسعى كل حكام العرب الى رضا أمريكا مهما اختلفت وجهتهم ورأيهم، سواء كان من الإمارات إلى السعودية إلى مصر والقائمة تطول، علما أن هذا كان أكبر أسباب الربيع العربي، وما زالت هذه الحكومات حتى الآن على نفس النهج؟ ولماذا تدفع الشعوب العربية حياتها ثمنا لذلك؟.. نحن في انتظار المجهول القادم من أمريكا في شهر نوفمبر 2020 لنفهم ما تخبئه لنا الأيام؛ لأن مصيرنا خرج من أيدينا أحببنا أم أبينا ولا ننسى أن العلاقات الدولية بعد كورونا ستصاب بانقلابات عميقة ستغير وجه أمريكا والعالم!