خبراء يفندون مزاعم السيسي.. الديون ليست في الحدود الآمنة ومصر على طريق الإفلاس

- ‎فيتقارير

انتقد خبراء اقتصاد تصريحات عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموى والتى زعم فيها أن الدين الخارجي لمصر تحت السيطرة وفى الحدود الآمنة، وأن مصر مضطرة للتمويل الخارجي للمشروعات الكبيرة التى يتم تنفيذها، وقال الخبراء إن سياسات العسكر والديون التى ورطوا البلاد فيها دون توجيهها لمشروعات إنتاجية حقيقية وإنفاقها على السفه والمصالح الخاصة ستقود مصر إلى إعلان إفلاسها قريبا.

كان عبد الفتاح السيسي قد زعم أن الدين الخارجي لمصر تحت السيطرة، وأننا مضطرون للتمويل الخارجي للمشروعات التي نقوم بها حتى نستطيع تحقيق الأهداف الاستراتيجية التي نسعى إليها لتحسين حياة المواطنين وتوفير الخدمات التي يحتاجونها وفق تعبيره، كما زعم السيسي خلال افتتاحه، يوم السبت، مجموعة من المشروعات بمحافظة الإسكندرية أن القروض التي يتم الاتفاق عليها تكون بشروط ميسرة للغاية، مشيرا إلى أن قضية الدين الخارجي البعض ينظر إليها على أنها أزمة، لكن هناك جهودا مكثفة لضبط الدين، وجعله في الحدود الآمنة وفي ذات الوقت الحفاظ على معدلات نمو كبيرة وفق تصريحات.

وقال السيسي إنه لولا تداعيات فيروس كورونا التي أصابت العالم كله، لكنا قد حققنا معدلات كبيرة في النمو ولا نحتاج إلى الاقتراض من الخارج.. بحسب زعمه، وواصل ادعاءاته قائلا إن الاقتصاد المصري بخير ويتطور وفق الرؤية التي تم وضعها، مشيرا إلى أن مصر حافظت على تصنيفها وفقا لتقييم كبرى المؤسسات التقييم الدولية مما يؤكد سلامة إجراءات الإصلاح الاقتصادي الذي تنتهجه مصر بحسب تصريحاته.
يذكر أن الدين الخارجي كان قد ارتفع من 42 مليار دولار عام 2014 إلى 112 مليار نهاية العام الماضي، ويتوقع أن يصل الى 130 مليار دولار نهاية العام الجارى ويبلغ الدين الخارجي الحكومي نحو 61.42 مليار دولار بنهاية العام الماضي وكل الدين الحكومي الخارجي البالغ 61.42 مليار دولار مصنف طويل الأجل وفقًا لبيانات البنك الدولي.

أزمة كورونا
من جانبه واصل محمد معيط، وزير مالية الانقلاب التطبيل للسيسي وقال إن دولة العسكر حينما بدأت برنامج الإصلاح الاقتصادي كان حجم الدين من الناتج المحلي الإجمالي يصل إلى 108% من قيمة الناتج المحلي. وزعم أن مصر تقترض لتحقيق النمو وخلق فرص العمل وتحقيق حياة أفضل، وبمجرد نهاية أزمة كورونا ممكن على العام القادم نستعيد معدلات النمو 6.5% مع هذه البنية التحتية الضخمة في مدة صغيرة.
وقال معيط فى تصريحات صحفية إن الخطة هي الوصول بالدين للمراحل الآمنة تحت 80% وكانت الخطة 79% في العام المالي الحالي، ونزلنا عام 2019 إلى 90.4% وكانت الخطة في 30 يونيو 2020 نكون 82% ولما جاءت كورونا حصل إن قطاعات كاملة توقفت على رأسها السياحة والفنادق والطيران والمطاعم والمحلات والمسارح والسينمات وكانت النتيجة حجم الناتج في حدود 6% ومع بعض الأرقام قولنا نوصل لـ5.8% ولكن كنا هنحقق المستهدفات ويكون الدين العام خلال العام المالي المنتهي 82% وفي العام القادم 79% وصولا لمرحلة الأمان وفق تعبيره.

وأضاف: لما نخفض الدين للأرقام المقدرة حجم الدين انخفض ونفس الدين نتيجة إن بقسمه على قيمة أقل طلع بينا إلى 87%، العالم كله عنده دين لكن القضية هي الإنتاج والناتج المحلي كل ما يزيد الدين وخدمته يقل، العالم لا ينظر إلى قيمة الدين ولما بييجي يحاسبنا بيقول حجم الدين على حجم الإنتاج نسبته كام، لولا كورونا كمنا هنقول في 3 سنوات نزلنا بنسبة الدين من 108% إلى 82% ولا توجد دولة في العالم قدرت تحقق هذا المستوى. بنعمل أرقام في النمو والإصلاح ونحقق فائض أولي 2% وكل تقديرات المؤسسات الدولية مع كورونا هنحقق 1.3% وحققنا 1.8% فائض أولي بحسب زعمه .
وواصل معيط مزاعمه قائلا : يا نعمل نمو ونموله يا نتوقف ونقول مفيش عندنا فلوس نعمل، مع العلم أن النمو يعطي ثقة في الاقتراض، إحنا الدولة الوحيدة في أفريقيا والشرق الأوسط حافظت على التصنيف بتاعها والنظرة المستقبلية مستقرة، دول ذات شأن اقتصادي نظرتها المستقبلية انخفضت لسالب على حد تعبيره.

إفلاس مصر

فى المقابل حذر يحيى حامد، وزير الاستثمار في عهد الرئيس محمد مرسي، من إفلاس مصر قريبًا وفشل كامل لدولة العسكر، مشيرًا إلى أن سوء الإدارة تسبب في ارتفاع الدين الخارجي وجعل 60 في المائة من المصريين يعيشون تحت خط الفقر ما ينذر بمخاطر كبيرة،.
وقال حامد في تصريحات صحفية، إن الاقتصاد المصري ينهار على عكس ما يروّج له نظام الانقلاب من ازدهار، لافتًا إلى أن السيسي سوّق بلده على أنه وجهة للاستثمار بمساعدة صندوق النقد الدولي، إلا أن مستويات المعيشة لعموم المصريين تتهاوى بينما تملأ النخبة جيوبها بالمال.
وأضاف: بينما يروّج النظام أن مصر وجهة للاستثمار العالمي، فإنّ خبراء المال والاقتصاد يصفونها بأسخن الأسواق الناشئة في العالم، حيث تدفق المستثمرون على البلد أملًا في جني الثروة، في إشارة إلى شراء أدوات الدين الحكومية ذات الفائدة المرتفعة لتحقيق مكاسب سريعة. واكد حامد ان سوء الإدارة المزمن لحكومات الانقلاب والإهمال العام، تسبب في ارتفاع الدين الخارجي بصورة غير مسبوقة، متوقعا أن يستمر هذا في المستقبل المنظور.

وكشف أن حكومة الانقلاب تخصص حاليًا 38 في المائة من موازنتها لسداد الفائدة على ديونها المستحقة فقط، وبإضافة القروض والأقساط فإن أكثر من 58 في المائة من الميزانية يذهب للقروض.
وأوضح حامد أن النصيب الأكبر من الموارد العامة في مصر يذهب إلى تسهيل المدفوعات على الدين بدلًا من تعزيز ودعم المجتمع المدني، في بلد يقطنه 100 مليون شخص، محذرًا من أن الإنفاق الضئيل على الصحة والتعليم والبنية التحتية ينذر بالخطر.
وتوقع أن تفلس مصر قريبًا إذا استمر الاتجاه الحالي، مؤكدا أن الأمر لا يتعلق بالتشاؤم أو التفاؤل بل بحقائق وأرقام مزعجة وحالة تدهور غير مسبوقة منذ أزمة الدين العام في ستينيات القرن 19، التي انتهت باحتلال بريطاني لمصر لمدة 70 عامًا.

الانقلاب الدموى
وأكد مصطفى عبد السلام خبير اقتصادى أن كل المؤشرات الاقتصادية تشير إلى أن الانقلاب الدموى يسير بمصر ويدفعها حتما نحو الإفلاس.
وقال عبد السلام فى تصريحات صحفية إن مصر على وشك الإفلاس، وإن الاقتصاد المصري على وشك الانهيار وهذه حقائق يدعمها الواقع وليس مجرد استنتاجات أو تكهنات. وأوضح أن المسألة ليس انتماءات سياسية والتي يجب أن تتنحى جانباً عند مناقشة مثل هذه الأمور الاقتصادية الخطيرة مؤكدا أن مصر بالفعل على وشك الإفلاس، والاقتصاد المصري على وشك الانهيار والأرقام الحالية ستقود حتماً إلى الإفلاس.
وأشار عبد السلام إلى أن الأوضاع التى يعيشها المصريون اليوم من فقر وتدنى مستوى معيشى وتراجع الدخول والحياة البائسة التى يعيشونها هى نفس الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي عاشتها بعض الدول ومواطنيها عقب الإعلان عن إفلاسها.

الأرجنتين
وتوقع أحمد سليم، نائب المدير العام للبنك العربي الأفريقي تكرار وضع الإرجنتين عام 2002 الكارثي لمصر وللاقتصاد الوطني.
وقال سليم فى تصريحات صحفية، إن الخطر سيكون أشد ضراوة في مصر عنها في الإرجنتين خاصة مع الوضع السياسي الحالي ومع وجود أعداء كثيرين لمصر، مضيفًا أن دولة العسكر ليس لديها ما تسدد به فوائد السندات والقروض خاصة مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وشدد على رفضه التام للجوء للحصول على قروض أو طرح سندات، مشيرًا إلى أن نسبة 3% كفائدة على السندات التى تطرحها مالية الانقلاب كثيرة جدًا ناهيك عن 6.5% كفائدة لبعض الطروحات.
ولفت سليم، إلى وجود احتمالات كبيرة باتجاه مصر إلى الإفلاس في حالة عدم قدرتها على سداد هذه الفوائد الدولارية إلى جانب قروض صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مؤكدا أن الدول الدائنة لن تتنازل عن سداد أموالها في الوقت المحدد وهو ما قد يضع الدولة في مآزق خطير
وطالب بأن يكون اللجوء إلى طرح السندات هو الحل الأخير أمام حكومة الانقلاب بعد البحث عن البدائل الأخرى محذرا من تكرار السيناريو الذي تعرضت له مصر خلال حكم الخديوي إسماعيل عام 1882 قائلا: " قد يتكرر الأمر في الوقت الحالي بصورة أكبر تحد من استقلال مصر.

ميزان المدفوعات

وأوضح الدكتور إيهاب الدسوقي رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن إفلاس الدول يعني عجز دولة ما عن الوفاء بديونها، واقتصاديًا هو "الأزمة في ميزان المدفوعات"، الذي يقيس دخول وإنفاق الدولة. وأوضح فى تصريحات صحفية أن إعلان أكثر من دولة إفلاسها خلال الفترة الأخيرة وعدم قدرتها على سداد الديون جعل هناك تغييرا في النظام الدولي الاقتصادي، فكثير من الدول أحجمت عن منح الدولة النامية قروضًا وأصبح السائد في التمويل الدولي هو الاستثمار الاجنبي المباشر.

وقال إن من أهم أسباب إعلان الدول إفلاسها:
1- عدم قدرة الدولة على دفع ديونها كليا أو جزئيا أي أنها تدفع الديون اللازمة لتشغيل الدولة ولا تدفع فوائد الديون مثلا وتحدث في نهاية سنوات طويلة من الإستدانة والعجز في الميزانية، ويرجع ذلك إلى تعاظم الديون أو انخفاض الضرائب بسبب البطالة أو قوانين جديدة تخيف الأسواق المالية فتنسحب رؤوس الأموال من البلد.
2ـ انهيار الدولة بسبب خسارتها لحرب ـ ما قد يعرضها لاستعمار بالأساس أو لوصاية دولية ـ أو انقسامها لأكثر من دولة.
3ـ سقوط النظام القائم وتولي نظام جديد لا يلتزم بديون سابقيه مثلما حدث في الثورة الفرنسية لفساد النظام السابق.

وأشار إلى أن من أهم المؤشرات الاقتصادية لمعرفة قوة اقتصاد الدول هو الناتج المحلي الإجمالي، وهو إجمالي قيمة كل السلع والخدمات التي تم إنتاجها داخل الدولة خلال عام مالي أي كل تم إنتاجه من القطاع الخاص والعام وغيره خلال هذه السنة، موضحا أن من المعايير المهمة في تقييم مقدار الملاءة المالية هو مقارنة نسبة ديونك بنسبة الناتج المحلي الإجمالي لديك أي عندما تكون ديون الدولة تساوي 75% من الناتج المحلي الإجمالي فيها فهذه تعتبر نسبة مرتفعة. لكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الدولة نفسها.