“إسرائيل في الجامعة العربية”.. هل صدقت نبوءات جولدا مائير؟

- ‎فيعربي ودولي

لن تجد عصابة "أبناء الحرام" في المنطقة العربية أفضل من هذا الوقت للترويج لانضمام كيان العدو الصهيوني إلى جامعتهم العربية، حتى إن السفيرة مشيرة خطاب، مرشحة عصابة الانقلاب العسكري السابقة لانتخابات اليونيسكو، لم تجد حرجاً أو خجلا من إعلان ذلك على الملأ، بل إنها زعمت أن انضمام الصهاينة إلى الجامعة سيعود على العرب بالنفع والسمن والعسل!.
من غير شك فإن "دولة الإمارات العبرية" تقف بثقلها خلف هذا الأمر برمته، ولا تكاد تجد عدوانا غادرا على المسلمين ودولهم وشعوبهم، كما في حالة مصر والانقلاب على الرئيس الشهيد محمد مرسي، وكما في ليبيا واليمن، أو على مستوى الأقليات، كما في حالة الإيجور، أو إقليم كشمير، وكما هو الحال مع التطبيع إلا والإمارات ضالعة فيه، وأموالها حاضرة بقوة؛ سرا وعلانية.
سياسة التمرير
وتحاول "مشيرة" العسكر تمرير فكرة انضمام كيان العدو الصهيوني إلى جامعة الدول العربية عبر "حشر" اسمي إيران وتركيا في قائمة من يرغبون بالانضمام، وحقيقة الأمر أنه لا تركيا ولا إيران عرضتا ذلك ولا ترغبان فيه؛ لأن الجامعة العربية عبارة عن كيان ميت بلا تأثير حقيقي. وتدعي "مشيرة" أن انضمام أى دولة لأى منظمة إقليمية أو عالمية يتطلب البرهنة على الالتزام باحترام الدول أعضاء المنظمة ونظمها وقيمها، والرغبة في العيش في سلام معها، وعدم التدخل في شئونها، كما يتطلب البرهنة على احترام أهداف المنظمة والعمل على تحقيق الغايات التي أنشئت من أجلها، مثلما يرجع الى موافقة الدول أعضاء هذه المنظمة. وأضافت: "فى حال رغبة تركيا أو إسرائيل أو إيران، في الانضمام إلى منظمة مثل جامعة الدول العربية، فإن الأمر يتطلب أن تعقد الجامعة العربية اجتماعًا إما على مستوى القمة أو ينعقد مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية ويتم اتخاذ قرار بشأن رغبة الدولة أو الدول الراغبة فى الانضمام إلى الجامعة العربية".
وتابعت "خطاب": "هنا أتوقع أن تقوم أمانة الجامعة بعمل تقييم لأهمية انضمام الدولة طالبة العضوية، والفائدة التي ستعود على الجامعة من انضمامها، وفي حالة الدول الثلاثة، فإن انضمامها سيغير من اسم الجامعة ولغة العمل بها خلاف أمور أخرى، ولهذا فإن الأمر يتضمن تكلفة كبيرة وجوهرية على الجامعة، ومن هنا فإن الالتزام المتوقع من جانب الدولة طالبة العضوية بأحكام الميثاق ينطوي على أمور عديدة، وفي النهاية فإن الدول أعضاء الجامعة تتمتع بحقها السيادي في الموافقة أو الاعتراض على قبول أي عضو جديد. وأردفت: "هناك حقائق يجب استيعابها جيدا حول مطالبات انضمام إيران وتركيا وإسرائيل إلى الجامعة العربية، خاصة أننا نعيش في عالم تغيرت فيه التوازنات بوتيرة متسارعة، وبشكل كبير جدا على المستويين العالمي والدولي".
فهم الفلسطينيون من خلال تصريحات "مشيرة خطاب" الناطقة بلسان العسكر والإمارات والسعودية، أنه لا يمكن وقف مسار التطبيع من خلال الجامعة العربية، وأنه لا يمكن منع التحالفات الجديدة في المنطقة من خلال الجامعة العربية، وأن الجامعة العربية لم تعد مكانا داعما لقضيتهم، ما الداعي إذاً من الاستمرار في الوجود فيها؟..لماذا لا يتم مغادرتها لعل العرب يقررون دعوة إسرائيل للانضمام إليها؟
من عربية إلى عبرية!
المدقق والمتابع والباحث في جوهر الفكرة التأسيسية لما سمي جامعة الدول العربية في أربعينيات القرن الماضي, يدرك الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي صاغها الغرب الاستعماري وتحديدا البريطاني , لما كان يحضر حينها لفلسطين شعبا وأرضا, وهذا ما يمكن استقراؤه بصورة جلية عندما ألقى وزير الخارجية البريطانية آنذاك أنتوني إيدن وتحديدا في 29 مايو من العام 1941م. إذ مضى إيدن يقول : " إن العالم العربي قد خطا خطوات عظيمة منذ التسوية التي تمت عقب الحرب العالمية الماضية، ويرجو كثير من مفكري العرب للشعوب العربية درجة من درجات الوحدة أكبر مما تتمتع به الآن, وإن العرب يتطلعون لنيل تأييدنا في مساعيهم نحو هذا الهدف ولا ينبغي أن نغفل الرد على هذا الطلب من جانب أصدقائنا".
في البداية ما يدحض المزاعم والأهداف البريطانية التي قدمها إيدن, أن بريطانيا لم تقدم أي نوع من الثناء والتقدير للعرب لجهة وقوفهم مع بريطانيا في الحرب العالمية الأولى التي أفضت إلى الإطاحة بالإمبراطورية العثمانية, بل شرعت قدماً وعلى العكس تماما لتنفيذ وعودها التي قطعها بلفور لحاييم وايزمان الأستاذ الجامعي الصهيوني الذي أصبح فيما بعد أول رئيس للكيان الصهيوني. ولعب وايزمان دورا مهما في استصدار وعد بلفور عام 1917 الذي منح فلسطين كوطن قومي لليهود , من جهة أخرى ما شكلته اتفاقية سايكس بيكو في العام 1916من طعنة غادرة في الصدر العربي لجهة تقسيم المنطقة لدويلات ضعيفة تأسيسا لإكمال مشروع دولة إسرائيل والحفاظ على أمنها واستمراريتها.

وترسخت العلاقات بين "الصهاينة العرب" بقيادة الإمارات وإسرائيل، في ظل الحراك الشعبي وثورات الربيع العربي الذي بدأ العام ٢٠١١، عندما رفضت أمريكا أن تدعم أنظمة مبارك وبن علي في مصر وتونس، وعندما طلبت أمريكا في ظل إدارة أوباما من الجيش المصري ألا يتدخل لقمع الثورة المصرية، أدركت عصابات "الصهاينة العرب" التي تحكم الممالك العربية أن عالمهم يتغير، ينهار أمامهم، وأن ملاذهم الوحيد هو (إسرائيل) التي لا تريد لهذا العالم العربي أن يتغير؛ لأنها بذلك ستكون في مواجهة مباشرة مع شعوب المنطقة. في هذه اللحظة بالضبط حدث التحالف الإستراتيجي بين "الصهاينة العرب" وبين إسرائيل، كل شيء يباع لحساب بقاء "الصهاينة العرب" في مواقعهم، والفلسطينيون ليسوا أهم من شعوب المنطقة، وبالتالي تم بيع فلسطين مقابل الحصول على الدعم الإسرائيلي، والسؤال ما الذي يشمله الدعم الإسرائيلي لـ"الصهاينة العرب"؟

الصهاينة العرب
أولا، إسرائيل توفر الشرعية الدولية لـ"الصهاينة العرب" وتتوسط لهم في أمريكا والغرب عموما، الأبواب المغلقة بسبب غياب الديمقراطية وحقوق الإنسان والفساد تفتحها لهم إسرائيل، لأن الأخيرة لا يُرد لها طلب في العواصم الغربية والكل يعمل على إرضائها وتدليلها، وهي ظاهرة تستحق الدراسة المكثفة لأنه لا يوجد لهذه الظاهرة مثيل في التاريخ.
ثانيا، التحالف مع إسرائيل يوفر لـ"الصهاينة العرب" معلومات استخبارية وتقنيات تجسس على خصومهم يصعب الحصول عليها من الأسواق الغربية بسبب القوانين المعمول بها في هذه الدول والتي لا تسمح بالتنصت على الناس بشكل عام وإنما فقط على أشخاص محددين وبقرار قضائي.
ثالثا، التحالف مع إسرائيل مفيد لـ"الصهاينة العرب" في مواجهة إيران، لأن "الصهاينة العرب" يريدون رسم خرائط جديدة للصراع في المنطقة بين "العرب وإسرائيل" من جهة وإيران من جهة أخرى، وبين "العرب وإسرائيل" من جهة وتركيا من جهة أخرى.
فلسطين وفق الرؤية الجديدة للصراع في المنطقة مانع لهذا التحالف العلني، وبالتالي يجب إزالتها من جدول أزمات المنطقة أو إعادتها للصفوف الخلفية لازمات المنطقة حتى يمكن للتحالف العربي الإسرائيلي أن يولد دون معيقات. وإسرائيل في كل ذلك ركن أساسي في مشروع "الصهاينة العرب" للحفاظ على بقائهم ولضخ الحياة فيه بعد أن سقط أو كاد يسقط في العام ٢٠١١، بكلمات أخرى، إذا كانت المفاضلة بين تحالفات جديدة يساعد "الصهاينة العرب" للحفاظ على وجودهم، وبين دعم حقوق الشعب الفلسطيني، فإن الأفضلية هي لحفاظ "الصهاينة العرب" على كياناتهم وليس لفلسطين وأهلها. لا تشكل هذه المقولة اكتشافا، وإنما إقراراً بواقع جديد، بعالم عربي جديد، الفلسطينيون لا يمكنهم، وبفعل احتلال إسرائيل لأرضهم وتهجيرها لهم، أن يكونوا جزءاً من هذا النظام الصهيوني الجديد، هذا نظام يُبنى على حساب قضيتهم ومصالحهم ومشروعهم الوطني، وبالتالي فهم مطالبون بأن يتخذوا موقفا، أنصاف الحلول بإمساك العصا من المنتصف لن تفيدهم.