استعرض الباحث الدكتور صالح النعامي المتخصص في الشؤون الصهيونية كيف أجمعت كل محافل التقدير الإستراتيجي في تل أبيب، في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، على أن مصر باتت أكثر خطورة من إيران على إسرائيل، وأصبح البحث في كيفية مواجهة تبعات الثورة الشغل الشاغل لمراكز التفكير الصهيونية حتى جاء انقلاب السيسي الذي نظرت إليه تل أبيب كمعجزة.
وتحت عنوان "مسوغات القلق الصهيوني من ثورة 25 يناير.. ودور "إسرائيل" في التآمر عليها" قال "النعامي" في سلسلة تغريدات عبر حسابه: "خشيت إسرائيل أن تمثل ثورة 25 يناير، نقطة تحول فارقة في العلاقة مع مصر".
واشار إلى أن النخبة الحاكمة في تل أبيب انطلقت من افتراض أن هذا الحدث التاريخي المهم ،ثورة يناير، يمهد لتحول درامتيكي في نسق العلاقة بين الجانبين، وقد يعيد إسرائيل إلى المربع الأول من حيث اعتراف العالم العربي بها.
رفض وتعاطي أكبر
وأضاف النعامي أن قرار لجنة الشؤون العربية في مجلس الشعب المصري (برلمان الثورة برئاسة الدكتور سعد الكتاتني) بتاريخ 12/ 3/ 2012، الذي دعا المجلس العسكري برئاسة المشير طنطاوي في حينه إلى اعتبار إسرائيل "العدو الرئيس" لمصر، وإنه يتوجب التعامل معها على هذا، مضيفا أن ذلك كان إشارة إلى إمكانية تدهور العلاقة، وتعاملت معه "إسرائيل" بشكل فاق التعاطي المصري معه.
ولفت إلى ما كشفته صحيفة "ذي ماركر" الصهيونية، في حينه، من أن إسرائيل طلبت من أمريكا مساعدات إضافية لها بقيمة 20 مليار دولار، لمواجهة تبعات ثورة 25 يناير على أمنها القومي، لأنها خشيت أن تتعاظم نفقاتها الأمنية لدرجة لا تتمكن من دفع مخصصات الضمان الاجتماعي للطبقات الضعيفة.
وأشار إلى ما ذكره الباحث الصهيوني عومر جندر بقوله: نجاح ثورة 25 يناير كان سيحول إسرائيل إلى عبء على الغرب، وسيمس باستقلالية قرارها السياسي، لأنها كانت ستزداد ارتباطا بالمساعدات التي يقدمها الغرب وتحديدا أمريكا، على اعتبار أن نجاح هذه الثورة سيكون مقترنا بزيادة النفقات الأمنية.
وأضاف إليه ما كتبه الكاتب الإسرائيلي حجي العاد: "إسرائيل شيطنت الثورات العربية، سيما ثورة 25 يناير، لأنها أكبر المتضررين من "دمقرطة العالم العربي" وحذرت من أن يفضي الربيع العربي إلى خريف إسلامي، لأنها لا تريد أن يصدق العالم بأن العرب يقدرون على إدارة شؤونهم بشكل ديمقراطي".
كبار القادة
وعن نظرة كبار قادتهم لثورة يناير اشار إلى مقولة "أفيغدور ليبرمان"، وزيرا الخارجية الصهيوني عند اندلاع ثورة 25 يناير: مصر باتت أخطر من إيران النووية بكثير، وهذا ما يوجب تعزيز قيادة الجبهة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي استعدادا لمواجهة المخاطر من الجنوب.
وأضاف أن القائد في الموساد دان إلدار قال: "ثورة 25 يناير، مثلت خطرا وجوديا على إسرائيل، لأن نجاحها كان سيسمح بالتعبير عن العداوة الراسخة عميقا في الوعي الجمعي للمصريين".
أما وزير القضاء الصهيوني الأسبق يوسي بيلين فقال: "فضلت إسرائيل التعامل مع الطغاة العرب لأنهم "برغماتيون يكتفون بالبحث عن مصالحهم، ونحن نرى في دمقرطة العالم العربي خطرا، لأنها تضمن رفع مكانة الرأي العام المعادي لنا".
ولفت إلى ما كتبه عاموس جلعاد جنرال الجيش الصهيوني السابق في كتابه "المنذر" في الفصل الثامن منه، معتبرا أن ما حدث في 30 يونيو 2013 معجزة لإسرائيل، لأنه منع كابوس الرعب الذي فزعت منه إسرائيل في أعقاب ثورة 25 يناير، والمتمثل في أن تمهد الثورة لولادة تحالف بين مصر وتركيا يغير وجه البيئة الإقليمية بشكل جذري.
ولفت أيضا إلى ما قاله وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق بنيامين بن إليعاز من أن "سيطرة العسكر على مقاليد الأمور في مصر يمثل أحد أهم متطلبات الأمن القومي الإسرائيلي".
تعهد صهيوني
وفيما يبدو أنه تعهد صهيوني مستمر أمام حكومات الغرب وإن تغير قادتها، اعتبرت كارولين كليج، المستشارة السابقة لنتنياهو أن: محاسبة نظام السيسي على انتهاكاته لسجل حقوق الإنسان في مصر يضر بالأمن القومي الإسرائيلي"
وكانت مجلة "ISRAEL DEFENSE" كشفت أن وحدة التجسس الإلكتروني الصهيونية المعروفة بـ "الوحدة 8200"، تتجسس بشكل رتيب على مصر، من منطلق أن فرص حدوث تحول على منظومة الحكم في القاهرة قائمة بشكل كبير، لذا يتوجب على تل أبيب ألا تفاجأ بتبعات هذا التحول.
وفي مقاله المعنون بـ "يا له من انقلاب رائع"، كتب المعلق الصهيوني "جون لينستر" أن أحد أسباب دعم إسرائيل لما حدث في 30 يونيو 2013 بمصر، حقيقة أنها ترى أن أي نظام حكم ديموقراطي سيرى النور في مصر، سيكون متعاونا مع المقاومة الفلسطينية بالضرورة.
ورأى الباحث الصهيوني سافي ريخلفسكي أن: إسرائيل كانت مرتاحة لدور الأنظمة الديكتاتورية في تآكل الطبقة الوسطى في العالم العربي، من منطلق الافتراض أن حضورا قويا ومؤثرا لهذه الطبقة يقلص من ناحية فرص بقاء الاستبداد، ومن ناحية أخرى يمثل أحد عوامل تحقيق النهضة العربية.