اتفاقات بمليارات الدولارات.. اليونان وقبرص تربحان من الغاز المصري والصهاينة المستفيد الأول

- ‎فيعربي ودولي

ذكرت تقارير دولية معنية بالطاقة أن اليونان وقبرص فازتا بمناقصات بترولية للتنقيب عن الغاز في شرق المتوسط بلغت مليارات الدولارات. ومنذ توقيع المنقلب عبد الفتاح السيسي على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع اليونان، التي اعتبر سياسيون وخبراء أنها أضاعت على المصريين مساحات واسعة غنية بالغاز الطبيعي، فإنها تجني مبالغ طائلة من الغاز المصري دون أن يستفيد منها الشعب المصري شيئا. 

ضياع الثروات
كان السيسي وقع عام 2014 الاتفاقية الإطارية لترسيم الحدود البحرية المصرية مع كل من قبرص واليونان (برغم رفض حكومة الانقلاب توقيعها منذ 2006)، وبدون الأخذ في الاعتبار حقوق القبارصة الأتراك، كما انتقص ذلك الترسيم من المياه الاقتصادية لتركيا لحساب اليونان، الأمر الذي قابلته تركيا بعدم الاعتراف بتلك الاتفاقية التي اعتبرت أنه تم توقيعها لأغراض سياسية واضحة.
وأسفر الترسيم عن تنازل مصر عن مساحة تعادل ضعف مساحة دلتا النيل في مصر، كما صرح الدكتور نايل الشافعي المحاضر في معهد ماساتشوستس للتقنية وأحد المهتمين بقضايا الغاز، حيث أوضح أن حقول ليفياثان الإسرائيلي وإفروديت القبرصي يقعان ضمن المياه الاقتصادية المصرية الخالصة، وبتوقيع السيسي على الاتفاق مع قبرص يكون قد اعترف بالتنازل عن حقوق مصر في تلك الثروات، كما أسفر ذلك التنازل عن منح اليونان منطقة اقتصادية خالصة لجزيرة كاستلوريزو (المتنازع عليها مع تركيا)، فيتحقق بذلك تلامس حدود اليونان مع قبرص، ويؤدي هذا الإجراء لتلاصق الحدود البحرية لكل من إسرائيل وقبرص واليونان، بما يسمح بتمرير أنبوب للغاز الإسرائيلي والقبرصي لأوروبا دون أن تدفع إسرائيل وقبرص أي رسوم لمصر.

اكتشافات الغاز في شرق المتوسط
وكانت بداية الألفية شهدت تمكن شركات الحفر الأوروبية من تطوير تكنولوجيا الحفر بما يسمح بالنزول لأعماق أكثر من ألفي متر تحت سطح البحر، الأمر الذي يمكن من استخراج كميات كبيرة من غاز شرق المتوسط، حيث تعتبر تلك المنطقة أحد أكبر مناطق الغاز في العالم، بعد الخليج العربي وبحر قزوين وشرق سيبريا، إلا أنها تتميز عنهم بقربها من السوق الأوروبي، حيث الاستهلاك الكثيف للغاز.
ومع توالي الاكتشافات وضخامتها، اتفقت أوروبا مع الدول العربية على إنشاء خط غاز يمتد من مصر إلى أوروبا عبر الأردن وسوريا وتركيا، فيما سمي بخط الغاز العربي، إلا أن الخط وصل إلى حمص في سوريا عام 2010، ومن ثم توقف بسبب اندلاع الثورة السورية، فضلا عن الدعم الروسي للنظام السوري لحماية مصالحه المتمثلة في منع مرور خط الغاز العربي لأوروبا عبر سوريا، ومنافسته للغاز الروسي في السوق الأوروبي.

الرابح الأكبر
وبعد توقيع الاتفاقية صفعت اليونان وقبرص السيسى؛ عبر توقيع اتفاقية مع إسرائيل لمد خط أنابيب تحت البحر بطول 1900 كيلومتر لنقل الغاز الطبيعي من شرق البحر المتوسط إلى أوروبا.
وبعد خيانتهم للسيسي؛ اتفقت الأطراف الثلاثة "اليونان وقبرص وإسرائيل" على التوصل إلى قرار نهائي بشأن تفاصيل الاستثمار في المشروع وإكماله بحلول 2025. واتفقت حكومات أوروبية مع إسرائيل العام الماضي على المضي قدما في المشروع المعروف باسم "إيست-ميد" أو مشروع شرق المتوسط الذي تبلغ تكلفته نحو ستة مليارات دولار، ومن المتوقع أن تبلغ طاقته المبدئية عشرة مليارات متر مكعب من الغاز سنويا. وسيمتد الخط من إسرائيل عبر المياه الإقليمية القبرصية مرورا بجزيرة كريت اليونانية إلى البر اليوناني الرئيسي وصولا لشبكة أنابيب الغاز الأوروبية عبر إيطاليا.

غباء انقلابي
الباحث المصري خالد فؤاد، المتخصص في العلاقات الدولية وقضايا الشرق الأوسط، قال: " إسرائيل جادة في تنفيذ خط غاز (East Med)، مع اليونان، وقبرص، وهو ما يعني خسارة مصر لدورها المستقبلي كمنصة إقليمية لتصدير الغاز الطبيعي، وليس من مصلحة مصر أبدا إنشاء هذا الخط، وهذا يعني أن مصر على أقل تقدير، لا يجب عليها أن تقوم بتسهيل إنشاء الخط الذي سيقضي على أحلامها مستقبلا.
وأردف الباحث: النظام المصري (الانقلابي) لا يعتمد في سياسته لإدارة ملف شرق المتوسط، على رؤية تحقق الأمن القومي، أو المصالح الاقتصادية، بقدر ما يعتمد على توافقات مع حلفائه وداعميه الدوليين والإقليميين خاصة إسرائيل وقبرص واليونان، وهو ما تكون محصلته عدم استقلالية القرار السياسي والتبعية التي تؤدي في النهاية إلى اتخاذ قرارات بعيدة عن المصلحة العليا للوطن.
مما سبق يتضح أن تنازلات السيسي عن جزء من المياه الإقليمية المصرية ليس مجرد تنازل عن جزء من الثروات النفطية لشركات عالمية أو لإسرائيل كما حدث في عهد مبارك، وإنما يعتبر جزءا من مؤامرة إقليمية الغرض منها اقتطاع جزء من المياه الاقتصادية التركية لصالح اليونان (بعد اعتراف السيسي بسيادة اليونان على جزيرة كاستيللو ريزو المتنازع عليها بين تركيا واليونان)، بهدف منع تركيا من التنقيب عن الغاز أو استخراجه، فضلا عن التخطيط لإنشاء خط غاز بحري لتصدير الغاز الإسرائيلي والقبرصي لأوروبا، يمر بالمياه المصرية المتنازل عنها لليونان وقبرص.