“فورين بوليسي”: “إسرائيل” القوة العظمى الجديدة في العالم العربي لهذه الأسباب

- ‎فيعربي ودولي
A picture taken on August 31, 2020, shows an Emirati man, wearing a protective mask with the flags of the US, Israel and the UAE, upon the arrival of the first commercial flight from Israel, carrying a US-Israeli delegation to the UAE following a normalisation accord, at the Abu Dhabi airport. - A US-Israeli delegation including White House advisor Jared Kushner took off on a historic first direct commercial flight from Tel Aviv to Abu Dhabi to mark the normalisation of ties between the Jewish state and the UAE. (Photo by NIR ELIAS / POOL / AFP) (Photo by NIR ELIAS/POOL/AFP via Getty Images)

نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا سلطت خلاله الضوء على تعاظم قوة الكيان الصهيوني في الوقت الذي تتنافس فيه الدول العربية بشكل متزايد على تعميق علاقاتها مع عدوها السابق. وبحسب التقرير الذي ترجمته "الحرية والعدالة"، كان صموئيل بار، ضابط المخابرات "الإسرائيلية" السابق، مندهشا بشكل سار عندما تلقى مكالمة "واتس آب" من السعودية، وقال إن ذلك كان مستبعدا تماما، مضيفا أنه كان تأكيدا للتقدم التدريجي الذي تحرزه "دولة الاحتلال" في بناء العلاقات مع دول الخليج المعادية تاريخيا.

وكان بار قد خدم في المخابرات الصهيونية لمدة 30 عاما وأسس فيما بعد شركة IntuView، وهي شركة تدقق في محتوى وسائل التواصل الاجتماعي للتهديدات الإرهابية، ولديها تعاون مع وكالات المخابرات إنفاذ القانون في أوروبا والولايات المتحدة والهند، والآن، أصبح السعوديون مهتمين بتوظيف خبير البيانات "الإسرائيلي" للمساعدة في سياسات مكافحة الإرهاب وأكثر من ذلك.

السعودية والكيان الصهيونى

رسميا، تنفي الحكومة السعودية أنها تتعامل مع دولة الاحتلال، وتؤكد أن التطبيع يتوقف على موافقة الكيان على مبادرة السلام العربية التي تدعو إلى قيام دولة فلسطينية منفصلة، ولكن خلف الأبواب المغلقة، يزدهر التعاون بين الصهاينة والعديد من دول الخليج.

والآن، في الوقت الذي يتحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن عن إعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي مع إيران، تعزز دولة الاحتلال تحالفا لم يكن يخطر على البال مع شركائها العرب من خلال التعاون الإستراتيجي والتكنولوجي والتجاري.

وفي الشهر الماضي فقط، دعت دولة الاحتلال إلى تشكيل تحالف دفاعي مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين، مع وضع إيران نصب عينيها، ووقعت الشركة العديد من الصفقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ثاني أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط بعد المملكة العربية السعودية، في مجالات السياحة والصحة والزراعة وقطاع المياه، ووفقا لتقديرات أولية، من المتوقع أن ترتفع التجارة الثنائية بين دولة الاحتلال والإمارات من 300 ألف دولار إلى 500 مليون دولار سنويا.

تعزيز العلاقات مع الانقلاب

كما وافقت دولة الاحتلال على تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع مصر التى وقعت معها معاهدة سلام فى عام 1979 ونفذت معها تعاونا أمنيا متقطعا منذ ذلك الحين، وفي أواخر الشهر الماضي، في زيارة نادرة، زار وزير رفيع المستوى في حكومة الانقلاب القدس، على الرغم من وضعها المتنازع عليه، ووقع اتفاقا يربط حقل غاز ليفياثان في البحر الأبيض المتوسط بمنشآت الغاز الطبيعي المصرية المسالة من خلال خط أنابيب تحت الماء لتصدير الغاز إلى الدول الأوروبية.

وتحاول دولة الاحتلال تخفيف مواقف الدول التى مازالت معادية لها أيضا. فقد اشترت لقاح فيروس كورونا الروسي، الذي كان ظاهريا في إطار صفقة لتبادل الأسرى، لسوريا الحليفة الإيرانية وعضو ما يسمى "محور المقاومة" للكيان الصهيوني.

وأضاف التقرير أن دولة الاحتلال تعمل على تعزيز التعاون الإستراتيجي من خلال خلق جماعات ضغط ذات مصلحة خاصة في العلاقة من خلال علاقات تجارية طيبة، مضيفا أن دوائر الأعمال التجارية تعمل على زيادة حصة السلام والحد من فرص اندلاع الصراع، وتفهم دولة الاحتلال ذلك وتأمل أنه بدلا من أن ينظر إليها باعتبارها "أمة حرب"، كما كانت الحال بالفعل، فإنها قادرة على إثبات جدارتها كحليف وليس فقط ضد إيران، فدولة الاحتلال مستعدة للتعاون في المجالات التي قد لا تكون حتى الشركات الأمريكية حذرة من سجل حقوق الإنسان في الخليج، على سبيل المثال، مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي.

تراجع الهوية العربية

وثمة سبب إضافي للتعاون هو التعب العام للدول العربية إزاء القضية الفلسطينية وصعود الهويات الوطنية على قضية عربية موحدة، ويقول المحللون إن العديد من الدول فى الخليج أو على الأقل شرائح كبيرة من سكانها لا ترغب فى أن تكون رهينة للقضية الفلسطينية بعد الآن وترى أن العلاقات مع دولة الاحتلال ضرورية لتنويع اقتصادياتها.

وأشار التقرير إلى مدينة "نيوم"، وهي مدينة مستقبلية بقيمة 500 مليار دولار، وهي محور الخطة الاقتصادية لولي عهد السعودي محمد بن سلمان لعام 2030، يجري إنشاؤها على مقربة من منتجع إيلات السياحي الصهيوني، على طول البحر الأحمر وخليج العقبة.

وفي نوفمبر 2020، سرب مكتب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو تقارير عن اجتماع سري مع ولي العهد السعودي، ووزير الخارجية الأمريكي، السابق، مايك بومبيو بالقرب من نيوم، مما أثار تكهنات ليس فقط حول كيفية اعتزامها التعاون ضد إيران ولكن أيضا بأن الشركات الصهيونية قد تلعب دورا في بناء المدينة.

وقال عزيز الغشيان المحلل في العلاقات السعودية الصهيونية إن "نيوم" تعتبر الساحة الجديدة التي قد تتعاون فيها الدولتان بعد ذلك، مضيفا "بشكل عام، تتجه السعودية نحو تحويل اقتصادها وجعله أكثر اعتمادا على التكنولوجيا بدلا من النفط، ويمكن لدولة الاحتلال أن تساعد في ذلك، ما تدل عليه نيوم هو أن الحافز الذي يدفع المملكة العربية السعودية ودولة الاحتلال إلى التعاون علنا يتزايد، كما يشير إلى أنه إذا كانت المملكة العربية السعودية ودولة الاحتلال ستحظى بعلاقات طبيعية أو علاقات مفتوحة من نوع ما، فإن ذلك سيكون بدافع الازدهار السعودي بدلا من مواجهة إيران".

وقال يوئيل جوزانسكي، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في دولة الاحتلال، لـ"فورين بوليسي"، إنه في حين أن العديد من الصفقات لا تزال سرية، فإن العلاقات أصبحت الآن أكثر انفتاحا من ذي قبل، "إن دولة الاحتلال تحصل على الشرعية، وهو طابع وقح إن شئتم، من الخليج"، مضيفا أن "إسرائيل الآن في الخليج، ولا ينبغي لها أن تختبئ كما كانت عليه".

الخوف من حماس

وأوضح التقرير أن عداء بايدن لمحمد بن سلمان بشأن مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، وبشكل عام بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة وكذلك الإمارات العربية المتحدة ومصر، يعزز في الواقع العلاقات، "تؤدي العلاقات المتوترة بين واشنطن والرياض إلى عقد لجنة رباعية جديدة – "إسرائيل" والسعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين، قد نراهم يقتربون بينما يدير بايدن البيت الأبيض".

وأشار إلى أن الشرق الأوسط منقسم حاليا بين هذه الكتلة السعودية وإيران وتركيا، ولا تتعارض إسرائيل بشكل خاص مع تركيا، لكنها منزعجة من دعمها لحماس، كما أن الكتلة السعودية منزعجة من دعم تركيا لجماعة الإخوان المسلمين، التي لها فروع محلية في الخليج، ويخشى قادة تلك البلدان أن تكون لهم شعبية كافية لتقويض حكمهم الملكي، ومن المقرر أن تستفيد دولة الاحتلال من هذا التنافس أيضا.

وقال كوبي هوبرمان، المؤسس المشارك لمركز أبحاث صهيوني يعمل على التعاون الإقليمي: "تركز سياسة دولة الاحتلال على إضعاف قدرات قوات العدو المتطرف – بدءا من إيران إلى حزب الله وحماس وأكثر من ذلك، ولكن في حين أن نتنياهو يرغب في تسويق تحسن العلاقات باعتبارها إنجازا خاصا به في الانتخابات المقبلة في 23 مارس، وهي الرابعة في العامين الماضيين، إلا أن هناك خطر من أن حدوث تعاون كبير للغاية، في وقت مبكر للغاية، قد يحقق نتائج عكسية.

الضغط على إيران

وقال بسام بارباندي الدبلوماسي السوري السابق الذي يعيش حاليا في المنفى في الولايات المتحدة إنه بينما يسعد العرب برؤية دولة الاحتلال تضغط على إيران إلا أنهم مازالوا يعتبرون الكيان دولة عدوة تسرق أراضيهم .

وقال أحمد، طبيب أسنان في دمشق، بسوريا ومن منطقة شهدت أسوأ انتشار لفيروس كورونا لـ"فورين بوليسي" شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه لا يفكر كثيرا في السخاء الصهيوني في شراء سبوتنيك الخامس، لقاح الفيروسات التاجية الروسي، للسوريين، مضيفا أن " الروس أول شيء قذفونا بالقنابل، والآن يعطوننا اللقاحات، فمن سيثق بهم"؟

وأعرب محللون صهاينة آخرون عن قلقهم من أن تفقد دولة الاحتلال نفوذها في الخليج في ظل رئاسة بايدن، وعلى مدى عقود، خففت الدول العربية علاقاتها مع دولة الاحتلال للحصول على عفو أمريكي عن تجاوزاتها في الداخل، ولكن بما أن دولة الاحتلال نفسها تحت الماسح الضوئي لـ بايدن الآن، فإنها لا تستطيع أن تنطق بكلمة لهم.

 

Israel Is the Arab World’s New Soft Power