دراسة: العاهل المغربي وأحزابه و”الثورة المضادة” أفشلوا “العدالة والتنمية”

- ‎فيعربي ودولي

خلصت دراسة بعنوان "انتخابات المغرب.. الدلالات والارتدادات المستقبلية ولماذا أفشل العدالة والتنمية؟" إلى أن "حزب العدالة والتنمية جرى إفشاله لأهداف داخلية وإقليمية، فقدأدار عملية الإفشال تحالف سياسي، قاده القصر وأحزاب المخزن القريبة من القصر ورجال أعمال بجانب أطراف إقليمية".
ولفت إلى أن "أطراف الثورة المضادة تعاملت بهدوء مع المشهد المغربي، مراعاة للوضعية السياسية للنظام الملكي، الذي لا يقبل التغييرات الدراماتيكية، وبدعم من الأعيان والقيادات الجهوية التي لعبت دورا في عرقلة مسار الإنجازات التي استهدفها العدالة والتنمية".

دلالات النتائج
وعن دلالات نتائج الهزيمة غير مسبوقة للعدالة والتنمية، رغم أن المغرب البلد الوحيد في المنطقة الذي استمر فيه وجود الإسلاميين في السلطة عشرة أعوام بعد الربيع العربي قالت قيادة الحزب إن "النتائج المعلن عنها غير مفهومة وغير منطقية ولا تعكس حقيقة الخريطة السياسية ولا موقع الحزب ومكانته في المشهد السياسي وحصيلته في تدبير الشأن العام المحلي والحكومي".
– ومن أول الدلالات التي رأتها الدراسة، توقف حراك 20 فبراير نحو حقوق وحريات المغربيين، حيث كانت هزيمة الحزب انكسارا للمد الثوري في المغرب، وفق ما ذهب إليه موقع “ميديا بارت” الاستقصائي الفرنسي أمام واجهة مؤسسية ديمقراطية تحت سيطرة القصر الملكي الصارمة".
– تراجع دور الأحزاب والسياسيين في مواجهة دور الأعيان، موضحة أن سيطرة الأحزاب القريبة من السلطة “المخزن” وأحزاب رجال الأعمال على المشهد السياسي تدفع بقوة نحو موت السياسة في مقابل تنامي دور المال، والتربيطات الجهوية والقبلية ومعها تعالي الترضيات المالية والتوظيف وتقديم الخدمات الخاصة، بدلا من إنجاز إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة كما هي سياسة العدالة والتنمية".
– تعبر النتائج عن قدرات كبيرة لمؤسسة الملك، لاستيعاب التطورات الإقليمية والداخلية واحتواء الفاعلين السياسيين، وتحميلهم ضريبة تصدرهم للمشهد وهو ما جرى مع حزب العدالة والتنمية، الذي دُفع خلال فترة قيادته للحكومة الأخيرة تحديدا إلى قرارات أثارت خلافات داخلية وأغضبت قاعدته المحافظة، مثل قوانين لتقنين زراعة الخشخاش من أجل الأغراض الطبية وفرنسة التعليم والتطبيع مع إسرائيل".
– احتواء الملك للحزب الأقوى على الساحة المغربية، مما جعل الحزب بعد تمرير القضايا  السالفة، أمام مؤيديه متخاذلا،  ومسؤولا عن القصور في العمل الحكومي، بينما يُنسب للقصر والتجمع الوطني للأحرار كل الإنجازات".
واستشهدت بمقولة عمر عياصرة الكاتب والإعلامي وعضو مجلس النواب الأردني، بمقاله ”انتخابات المغرب.. الاحتواء المُميت” في صحيفة السبيل فإن احتواء النظام المغربي للإسلاميين كان من النوع المميت، قتل بالسم البطيء، فالهبوط من السماء إلى الأرض ليس هينا، وإخبارات العلاقة مع إسرائيل كان لها تأثير أيضا".


أسباب الخسارة
وأشارت الدراسة إلى أنه "وفق تقديرات إستراتيجية وقعت الخسارة الكبيرة إثر العديد من الأسباب، منها ظروف محيطة بالمشهد السياسي وأخرى لأسباب داخلية متعلقة بالحزب، وثالثة متعلقة بأجندات سياسية للدولة المغربية، وتذهب نفس التقديرات إلى أن العدالة والتنمية لم يسعَ إلى الخروج من الصف، امتثالا للقرارات والتوجيهات الملكية والسياسات النيوليبرالية، عندما كان السكان يعتمدون عليها لمحاربة التفاوتات المتزايدة والبطالة والفساد، ليستقر على كرسي حزب الحكومة، مُراكما الإخفاقات في صورة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في أكتوبر عام 2020، مقابل اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء الغربية، ويمكن تفصيل أبرز الأسباب المُفضية لهزيمة العدالة والتنمية".
وأوضحت الدراسة من جانب المشهد الانتخابي أن "إقرار القاسم الانتخابي الجديد، هدفه تغيير الخريطة السياسية بما يتلاءم مع أهداف السلطة وأطراف سياسية بإبعاد العدالة والتنمية عن قيادة الحكومة المغربية".
وأبانت أن "تحالفا غير معلن بين ثلاثة أحزاب هي: الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة، تفاهموا فيما بينهم على محاصرة حزب العدالة والتنمية في المدن الكبرى، للحيلولة دون عودته لرئاستها".
وأشارت الدراسة إلى تجاوزات أثرّت على نزاهة الانتخابات وتحدث الحزب في بيان، عن استمرار عدد من الاختلالات والتجاوزات بالحملة الانتخابية، مثل الاستعمال الكثيف للمال، وكل أساليب استمالة الناخبين بالوعود والمنافع، في خرق سافر للمقتضيات القانونية المنظمة للحملات الانتخابية ولشروط التنافس الديمقراطي".

الارتدادات المحلية
وقالت الدراسة إنه "من المتوقع أن يكون لنتائج الانتخابات المغربية تأثيرا على حزب العدالة والتنمية، تمثل مبدئيا في استقالة سعد الدين العثماني مشيرة إلى أن الحزب معرض لهزات داخلية عدة، قد تؤثر على مستقبله السياسي والاجتماعي بالمغرب".
ومن ارتدادات النتائج على الشارع المغربي، تراجع قدرة البرلمان المغربي على معارضة سياسات وسلطات مؤسسة الملك، لما يتمتع به رئيس الوزراء المكلف أخنوش من صداقة وقرب من الملك محمد السادس، رأتها مجلة التايمز البريطانية أن تغيير الحزب الحاكم في المغرب لن يغير الأوضاع بالضرورة، لأنه مهما كانت نتائج الانتخابات، فسيظل الملك السلطة السياسية والأمنية والعسكرية والدينية العليا".
ورجحت الدراسة تعثر مسار الاصلاحات السياسية، وأن عزيز أخنوش رئيس الحكومة المرتقب سيدفع نحو مزيد من الخصخصة وتقليص المكتسبات الاجتماعية للمغاربة، وهو ما يعني قفزات في الأسعار، لا يستطيع المغاربة مقاومتها، كما فعلوا في العام 2018.

تداعيات إقليمية
وعلى المستوى الإقليمي رجحت الدراسة "تسريع وتيرة التطبيع، ما يتماشى مع سياسات إقليمية غير بعيدة عن مشروع الإمارات لإقصاء الإسلاميين عن المشهد السياسي في المنطقة العربية، وهو ما بدا جليا في المشهد التونسي والمصري والليبي والسوداني".
وأضافت أن "هزيمة العدالة والتنمية تصب في ارتفاع أسهم الاتجاه الإقليمي المعادي للإسلاميين في المنظومة العربية، ويرى محللون أن تجربة «المخزن» المغربي معهم كانت الأكثر دهاء في التعامل مع صعودهم بالتناظر مع موجة الربيع العربي".

https://politicalstreet.org/4362/?fbclid=IwAR1btS7zUFPGNrcWCWxLyClLk848ML9xAXb9Hnc_5N5YLIfFhAE0IStnn_0