في مشهد يؤكد مدى الألم والغضب الذي يسود في أوساط العاملين بشركة "يونيفرسال" للأجهزة المنزلية، ورغم التنكيل المتواصل بالعمال واعتقال بعضهم إلا أن عمال الشركة تحدوا الحصار الأمني المفروض على شركتهم وقرروا استئناف إضرابهم الذي بدأ الثلاثاء الماضي وفضته أجهزة الأمن حينها بالغاز المسيل للدموع واعتقال ثلاث قيادات عمالية، إثر انتحار زميلهم عاصم عفيفي بسبب تدهور حالته المادية وتضخم ديونه في ظل تعسف إدارة الشركة وعدم منحها العمال حقوقهم المشروعة.
وينقل موقع "مدى مصر" عن مصدرين عماليين أن قوات الشرطة حاصرت الشركة بعدد كبير من عناصر الأمن المركزي والكلاب البوليسية لمنع تنظيم أي احتجاجات من العمال خارج أسوار الشركة.
وينقل التقرير عن بعض العمال المشاركين في الإضراب أن عددًا من مهندسي ومديري الشركة حاولوا إقناع العمال في بعض قطاعات الشركة باستئناف العمل، وهو ما حدث بالفعل، قبل أن يتدخل عمال قطاع آخر ويقنعون زملائهم بالعودة للإضراب. ويعد الأحد هو أول أيام العمل في الشركة بعد إجازة نهاية الأسبوع التي لحقت بإجازة إجبارية مدفوعة الأجر يومي الأربعاء والخميس الماضيين، والتي أعلنت عنها إدارة الشركة يوم الثلاثاء الماضي في محاولة لوقف الإضراب، وهو ما وصفته وقتها مصادر عمالية بإنه قرار تم بإرادة جهات أمنية.
وقال عضو باللجنة النقابية في الشركة، فضل عدم ذكر اسمه إن إضراب اليوم الأحد 28 فبراير 2022، جاء على خلفية تعثر محاولات حل أزمة المتأخرات المالية في الشركة عبر وساطة وزارة القوى العاملة، موضحًا أن «اللجنة قابلت عددًا من قيادات الوزارة يوم الأربعاء الماضي في مقر الوزارة، وأتضح لنا أن الوزارة قررت الانسحاب نهائيًا من محاولة حل مشكلتنا، إذ قيل لنا إن الوزارة لم يعد بإمكانها تقديم حلول، وأن أي تدخل قانوني من قبل الوزارة لن يتخطى تحرير محضر ضد مالك الشركة يسري قطب، والذي لن يكلفه عمليًا أكثر من 500 جنيه عن كل حالة تأخير في صرف المرتب لكل عامل على حدة وفقًا لنص قانون العمل الحالي»، مضيفًا أن «بعض قيادات الوزارة رجحوا أن يكون مالك الشركة يسعى أًصلا لتصفيتها».
وبحسب عضو آخر باللجنة النقابية، فإن هدف الإضراب الآن هو صرف كل المستحقات المالية المتأخرة دفعة واحدة دون أي جدولة للمستحقات، مضيفًا: «مستحقاتنا حاليًا تشمل أجر شهر يناير الذي لم يصرف إلى الآن إلا لأقل من ثلث عدد عمال الشركة، بالإضافة لنصف أجر شهر سبتمبر الماضي، وصرف أجر ثلاثة أشهر بالنسبة لكل العمال الإداريين والعمال في قطاع الأمن والمهندسين لم تصرف إلى الآن»، كما تشمل المستحقات المتأخرة «حصيلة الحوافز الشهرية التي تسمى بحوافز الإنتاج في سبعة أشهر، بحد أدنى 175 جنيهًا -بناء على اتفاق سابق بخفض تلك الحوافز إلى هذا المستوى بدلًا من 750 جنيهًا- تمثل جانبًا من الأجر الثابت قرر رئيس الشركة فصلها في صورة حافز في محاولة للتهرب من المستحقات الضريبية والتأمينية عليها».
ومثلت الاحتجاجات الفئوية والعمالية حجر الزاوية في اندلاع ثورة 2011، في حين تعكس الاحتجاجات الفئوية والعمالية في الفترة الأخيرة حالة الغضب المتصاعد لدى المصريين ضد نظام السيسي، بسبب تردي منظومة الأجور في الحكومة والقطاع الخاص معاً، وعدم تناسبها مع الارتفاعات المستمرة في الأسعار. وفي المقابل، يركز الجنرال على بناء المدن والمنتجعات الجديدة الخاصة بالأغنياء، وتوجيه الجانب الأكبر من مخصصات الموازنة العامة للدولة لبناء الطرق والجسور الرابطة في ما بينها.
وكان مجلس الشيوخ قد وافق يوم الأحد 13 فبراير2022م، بشكل نهائي على مشروع قانون العمل الجديد، وإحالته إلى مجلس النواب لإصداره، عملاً بأحكام اللائحة الداخلية. وأعدت الحكومة المشروع للانتقاص من حقوق العمال في ما يتعلق بالأجور والحماية الاجتماعية، منها وضع شروط مجحفة للربط بين الأجر والإنتاج، ومنح صاحب العمل الحق في فصل العامل تعسفياً، وحظر الإضراب أو الدعوة إليه بالمخالفة لأحكام الدستور.
وكانت منظمة العفو الدولية قد قالت، في 25 نوفمبر2021، إن السلطات المصرية أخضعت عشرات العمال والنقابيين إلى محاكمات جائرة، بعضها في محاكم عسكرية، فضلاً عن الاعتقال التعسفي والفصل من العمل وإجراءات تأديبية أخرى، منذ وصول السيسي إلى الحكم عام 2014، وذلك لمجرد ممارسة حقهم المشروع في الإضراب، وتكوين نقابات عمالية مستقلة.