هل يمهد لإلغاء مواد الشريعة .. لماذا أمر السيسي بإعداد قانون أحوال شخصية جديد بعيدا عن الأزهر؟

- ‎فيتقارير

لماذا كلف السيسي 11 قاضيا بإعداد قانون الأحوال الشخصية الجديد وتجاهل الفقهاء رغم إعداد الأزهر لمشروع قانون العام الماضي؟ 

 

 

بعد حملة تمهيد إعلامي وهجوم على مواد بالشريعة الإسلامية تتعلق بالأحوال الشخصية، خاصة بعد مسلسل فاتن أمل حربي، واشتراط المجلس القومي للمرأة منع الزواج الثاني ومنع الطلاق الشفوي الذي اختلف السيسي بسببه مع شيخ الأزهر وغيرها، أمر المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي وزير العدل بتشكيل لجنة تضم 11 قاضيا لإعداد قانون جديد للأحوال الشخصية رغم أن وزير العدل زعم أنه سيتم مراجعة الأزهر، ما يعني عدم الالتزام برأيه، والمتخصصين من علماء النفس والاجتماع وكل المسائل الشرعية تؤخذ في الحسبان ومراعاة كل المصالح.

 بدأت صحف تنشر تسريبات تشير لأن القانون سوف يتضمن موادا تتعارض مع الشريعة مثل منع الطلاق الشفوي ومنع الزواج الثاني وغيرها، وقبل اجتماع السيسي 4 يونيو 2022 مع عمر مروان وزير العدل، وأمره بقيام وزارة الداخلية والنيابة العامة وهيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بإمداد لجنة إعداد القانون بالمعلومات والبيانات الدقيقة اللازمة لدعمها في مشروع القانون، كان قد صرح أبريل 2022 بنيته تغيير قانون الأحوال الشخصية بعد الجدل الذي أشعلته قصة مسلسل «فاتن أمل حربي» ومؤلفه إبراهيم عيسى وفي مايو 2022 قال السيسي إن "قانون الأحوال الشخصية في مصر يحتاج للتغيير ، زاعما نحن سنحاسب أمام الله أننا ظالمون كمسؤولين كل في مكانه  قضاة أو رئيس أو حكومة أو برلمان أو أزهر كل واحد سيكون معني بشكل أو بآخر يبقى في رقبتنا شكل المجتمع خلال المرحلة القادمة، كي يعد الأجواء لعدم رفض قانونه المعادي للشريعة.

قضاة موالون للسيسي

 وكان ملفتا أن السيسي تعمد تعيين لجنة من القضاة الموالين للسلطة تماما مثلما اختار قضاة مجرمين متهمين بالاختلاس لمحاكمة معارضيه خاصة من جماعة الإخوان، فقد تضمن القرار أن اللجنة برئاسة القاضي عبد الرحمن محمد عبد الرحمن حنفي، رئيس محكمة استئناف طنطا عضو مجلس القضاء الأعلى، ومعروف أن غالبية قضاة الاستئناف يعينهم السيسي وهم موالون له، وتضم اللجنة في عضويتها 10 قضاة من محاكم النقض والأسرة ومساعدي وزير العدل والمحامي العام لنيابة الأسرة ووكيل إدارة التفتيش بوزارة العدل. 

وقد استغربت المحامية ومديرة مؤسسة «قضايا المرأة» عزة سليمان، من استبعاد الأزهر ضمنا مؤكدة لموقع مدى مصر، إنه من غير المقبول أن تُشكل لجنة ذات صفة قضائية فقط لصياغة مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية حتى لو كانت تضم في عضويتها قاضيتين، مضيفة أن العبرة هُنا هي بالخلفية والقناعات التي يعتنقها أعضاء اللجنة وهو أمر غير واضح طبعا، فالكثير من القضاة ينتمون لمحاكم الأسرة مما يسهل استنتاج رفضهم للطلاق من حيث المبدأ على نحو يميلون معه لعرقلة تطبيق إجراءات تمهد السبيل للحياة بعد الطلاق، ومن هذا المنطلق لا يمكن الاعتماد فقط على أعضاء من القضاة.

المشروع الجديد المنتظر يأتي على خلفية مسارات تعديل معطلة سابقا والتي لم تصل إلى محطة مناقشتها في مجلس النواب، وكان آخرها مشروع قانون أعدته الحكومة العام الماضي ولم تتقدم به رسميا لمجلس النواب وجرى التراجع عنه بعدما أثارت مسودته المسربة جدلا واسعا بسبب ما تضمنه من السماح للولي بطلب فسخ عقد زواج المرأة التي تزوجت دون ولي وذلك إذا رأى الولي أن الزواج يتسم بـ«عدم التكافؤ» وهو الأمر الذي أثمر عن حملة «الولاية حقي» التي أُطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجا على ما جاء في نصوص ذلك المشروع من انتقاص لولاية النساء على أنفسهن وأطفالهن. 

أين الأزهر؟

في 2019، أعدت مؤسسة الأزهر مشروعا بتعديل «الأحوال الشخصية» والذي سبق مشروع الحكومة في تبني حق الولي في فسخ الزواج مع اقتراب مصر من سن قانون جديد للأحوال الشخصية بعد 100 عام من القانون القديم  المعمول به منذ عام 1920، وقيام هيئة كبار العلماء بمشيخة الأزهر بصياغة النسخة الجديد، وتقديمها للبرلمان لمناقشته وإيجازه، تصاعد الجدال بين مؤيدي ومعارضي القانون، وانتقد كُتّاب ونواب ليبراليون، قيام الأزهر بإعداد مواد القانون الذي ينظم أحوال العلاقات دخل الأسرة المصرية والزواج والطلاق، وسخروا مما أسموه "الدولة الدينية" وعدم أحقية الأزهر بالتشريع.

بالمقابل، انتقد علماء ونشطاء، الحملة ضد الأزهر، مشيرين لرغبة معارضي القانون في إدخال مواد تتعارض مع الشريعة على الطريقة التونسية، ورد شيخ الأزهر على معارضيه قائلا "لن نترك الأمر لمَن هَبَّ ودَبَّ".

قصة القانون

في 18 أكتوبر 2017، أصدر شيخ الأزهر قرارا، بتشكيل لجنة لإعداد مقترح مشروع قانون لتعديل بعض أحكام القوانين المصرية المتعلقة بالأحوال الشخصية، لتقديمه للبرلمان، ثم أحالت اللجنة الدينية في البرلمان مشاريع القوانين المعروضة عليها إلى الأزهر لاستطلاع الرأي الشرعي فيها، باعتباره الفيصل في الرأي الشرعي فيما يخص مسائل الزواج والطلاق والنفقة وغيرها.

 ولأن مشروعات القوانين والمقترحات قدمها نواب البرلمان ومنظمات نسائية جاءت مخالفة للشريعة الإسلامية، قرر شيخ الأزهر أن تتكلف هيئة كبار العلماء بوضع مشروع قانون متكامل من جانب الأزهر وتجاهل المشاريع الأخرى، وقد صاغت لجنة خاصة بقرار من شيخ الأزهر القانون بعد قرابة 30 اجتماعا، ثم تم الإعلان عن مشروع القانون هذا الشهر أكتوبر 2019، وبعدما أطلق معارضون للأزهر تصريحات تنتقد مشروع الأزهر بدعوى أن دور الأزهر ليس سن القوانين ورأيه استشاري غير ملزم وتجاوز دوره، رد شيخ الأزهر قائلا "لن نترك الأمر لمن هبَّ ودبَّ".

وقال الدكتور أحمد الطيب، في تصريحات لجريدة صوت الأزهر إن "الأزهر أعد مشروع قانون الأحوال الشخصية للأسرة انطلاقا من واجبه الشرعي، وحقه الذي يخصه وحده في هذا الأمر ، ومن يقولون ماشأن الأزهر بذلك؟ فحين يكون الوضع متعلقا بقوانين مصدرها القرآن والسنة والشريعة الإسلامية،  فلا يصح أبدا ولا يُقبل أن يترك الحديث فيها لمَن هَبَّ ودَبَّ، ويجب عُرفا ودستورا وقانونا أن يُترك الأمر للعلماء الشرفاء الذين لا تغريهم الأضواء أو البحث عن أعراض الدنيا الزائلة، وشدد على أنه حين يتصدى الأزهر لمشروع قانون الأحوال الشخصية كمشروع قانون فهو يزاول عمله أو واجبه الأول بحكم الدستور وبحكم القانون وحتى بحكم العامة، لأن العامة لا تقبل أن يقنن لها مَن لا علم له بشريعته أو بأمور الأسرة من زواج وطلاق وميراث وغيرها. 

وقد أيد نواب وفقهاء دستور وحقوقيون قانون الأزهر للأحوال الشخصية مؤكدين، في تصريحات صحفية، أنه الجهة الوحيدة المخولة بذلك في بلد الأزهر، وأنه إذا لم يؤخذ برأيه في مسائل الأحوال الشخصية المتعلقة بالشريعة ، وهذا ثابت دستوريا فمتى يؤخذ به؟ ويتكون مشروع قانون الأزهر الذي تم تجاهله وركنه في مجلس النواب منذ عامين للأحوال الشخصية من 192 مادة، تناولت قضايا الأحوال الشخصية في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية، وبما يواكب العصر الذي نعيش فيه ومستجداته، وفق المذكرة الإيضاحية للقانون، وأن يكون الإيجاب والقبول في الزواج مشافهة بالألفاظ التي تفيد معناه، بأية لغة يفهمها الطرفان.

وهي مادة اعترض عليها البعض بدعوى أنها تلغي توثيق الزواج رسميا من قبل الدولة، برغم استحالة ذلك قانونا في مصر، ويتيح مشروع القانون لزوجة المحبوس بحكم نهائي بـ 3 سنوات فأكثر أن تطلب من المحكمة التطليق.