دراسة : حرب باردة روسية أمريكية في القرن الأفريقي محورها إثيوبيا

- ‎فيعربي ودولي

رجحت ورقة بحثية لموقع "الشارع السياسي" على شبكة الإنترنت أن يظل التخوف الأكبر والهاجس الذي يقلق الولايات المتحدة والغرب هو حدوث تكتل روسي- صيني على حساب المصالح الأمريكية الغربية في منطقة القرن الأفريقي ، انطلاقا من إثيوبيا التي احتدمت بها المعارك من جديد على جبهتي المهرا وتحالف (الأورومو -التيجراي)، بما يُعقِّد بيئة التفاعلات وسط صراع محتدم للمصالح.

الصراع الأمريكي الروسي
وقالت الورقة التي عنونها باحثو الموقع بقراءة في التطورات الأخيرة في منطقة القرن الإفريقي إن "روسيا تعلب دورا موازيا للتحالف الأمريكي الغربي في المنطقة، ضمن مستويات الحرب الباردة، وأنها تسعى لتعظيم فرص نفوذها في مناطق العالم وأقاليمه الحيوية بخاصة في منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي".
وأشارت إلى أن روسيا تعتبر دولا مثل إثيوبيا وإريتريا والصومال حلفاء قدماء للاتحاد السوفييتي السابق، إذ كانت تربطهم علاقات سياسية وعسكرية ونفوذ بلا منازع.
وأن هذه الدول تشهد توترات عميقة بينها وبين الولايات المتحدة والغرب عموما، الأمر الذي يصب في مصلحة التقارب السياسي والتحالف العسكري بينها وبين موسكو.
وأوضحت الورقة أن "التزاحم الروسي سيشعل المنطقة المزدحمة أصلا بصراع القوى الدولية، إذ توجد بالمنطقة 19 قاعدة عسكرية، تديرها 16 دولة تتمركز 9 منها في جيبوتي وحدها، وتُعتبر جيبوتي الدولة الأكثر استضافة للقواعد العسكرية في العالم، وتتقاضى مقابل ذلك أكثر من 180 مليون دولار سنويا لاستضافة هذه القواعد على أراضيها.
وأبانت أن الوجود الصيني في المنطقة يُعَد الأقرب إلى موسكو منه إلى واشنطن، مما يشعل حدة التنافس ويُعمِّق حدة الخلاف والتوترات بين الولايات المتحدة وروسيا، المتنافستين على موارد وثروات المنطقة، وتأمين مصالحهما وشركائهما.

تحركات الصين
ورجحت الورقة أن الصين باعتبارها الشريك الحيوي للنظام الإريتري، ستعمل على تهدئة التوتر بين كل من أسمرا وأديس أبابا ، والحيلولة دون الوصول إلى حافة الحرب في حال نجاح المصالحة، مع تحوّل المنطقة إلى ساحة جديدة من ساحات الحرب الباردة القادمة في ظل التحولات التي يشهدها النظام العالمي مع تطاول أمد الحرب في أوكرانيا".
وأضافت أن كل تلك التفاعلات من شأنها أن تطرح تساؤلا حول مدى تأثير تلك التغيرات على مستقبل ملف المياه في المنطقة من جهة، وعلاقات مصر بدول حوض النيل من جهة أخرى.

سيناريوهات متوقعة
ولفتت الورقة إلى أن المشهد الإقليمي يبدو مرتبكا نتيجة حالة السيولة التي تمر بها المنطقة بحيث يصعب الوصول إلى نتائج قطعية تحدد الملامح المستقبلية، ورغم ذلك توقعت الورقة  تطور حالة الفتور بين إرتيريا وأديس أبابا إلى قطيعة، بعد استمرار إثيوبيا في عملية المصالحة مع التيجراي، وبهذا يكون تأخير عقد مؤتمر المصالحة إلى نوفمبر القادم لمنح الحكومة فرصة لمعالجة الملفات القانونية والسياسية والميدانية كتصفية مليشيات فانو والضغط على جيش تحرير أورومو.
وأشارت إلى أنه إريتريا التي تحتضن الأجنحة الرافضة للمصالحة من هذين التنظيمين دون الانخراط في حرب مباشرة مع إثيوبيا، سيتحول السودان إلى أكبر الرابحين حيث يبدو التحالف معه ضمانة استراتيجية للطرفين.

هجوم عسكري للتيجراي
واستنتجت الورقة استمرار قوات دفاع تيجراي من جهة والجيش الإثيوبي من جهة ثانية في الحشد، قد يكون الأوسع والأعنف، وتهدد فعليا بتفكك الدولة، لا ينفي ذلك التصريحات الإثيوبية عن العلاقات المتينة بين أديس أبابا وأسمرا.
وقالت إن "ذلك سيسفر عن ، إما هجوم قوات دفاع تيجراي على الجبهة الإريترية وهو يحمل مخاطر عالية بالنظر إلى الاستعدادات الإريترية خلال عقدين من الزمان على هذه الجبهة، والشراسة المُتوقعة نتيجة الرفض الإريتري شعبيا للتيجراي، ويصعب تصور هجوم كهذا دون توافق من نوع ما مع الحكومة الإثيوبية، أو دور ما عسكري للسودان، إذ إنه سيترك الإقليم مكشوفا أمام القوات الفيدرالية ويهدده بالوقوع بين فكي كماشة، وبناء عليه يكون التباين الحالي بين أسمرا وأديس أبابا مرتبطا بالسياسات المرحلية للأخيرة مع التوافق على الهدف الاستراتيجي المتمثل في تصفية الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي بشكل تام حتى لو تطلب الأمر شن عملية عسكرية جديدة".
وأضافت أن "الهجوم سيترافق مع محاولة اختراق الدفاعات الحكومية الإثيوبية والوصول إلى حدود السودان، أو هجوم قوات دفاع تيجراي على الجبهة الإريترية بتوافق مع الحكومة الإثيوبية، وهو ما يصعب تصوره إذ لا يتسق مع سياسة الحصار المُتبعة من قِبل أديس أبابا، وهي من أهم أوراق القوة بيدها الآن.
وأوضحت أن مصلحة آبي أحمد إضعاف الطرفين التيجراي وإريتريا، والسيناريو يحمل مخاطر عالية على إضعافه هو أيضا في حال حدث قبل الاتفاق النهائي على المصالحة في إثيوبيا.

هجوم معاكس
وتوقعت الورقة " هجوم شامل للقوات الإريترية على دفاعات التيجراي، حيث حصلت إريتريا على مُسيرات روسية وبناء قاعدة لموسكو في إريتريا، وهذا السيناريو مُرتبط بالتحولات الجارية على المشهد الدولي وبالتهديد بنقل الصراع بين القوى الكبرى من شرق أوروبا إلى شرق إفريقيا، لكن مدى إمكانية تحقُّق هذا السيناريو مرتبط بشكل أساسي بموقف أديس أبابا".

غاية إثيوبيا
وأشارت الورقة إلى أن "مصلحة أسمرا تتمثل في إرباك مسار العملية التصالحية والضغط على أديس أبابا للابتعاد عن مسارها الحالي، فإن السيناريو الأرجح هو الأول حيث تبدو الحرب الشاملة الآن مغامرة مُكلِّفة وخطيرة للجميع وغير مضمونة النتائج، كما أن هناك توافقا دوليا على المصالحة الإثيوبية،
وقد ذكر جيفري فيلتمان المبعوث الأمريكي الأسبق إلى القرن الإفريقي أن مصلحة كل من أمريكا والصين أن لا تنهار الدولة في إثيوبيا تحت وطأة الحرب، وأن التعاون مع الصين، الذي أعلنت عن مبادرة للسلام في القرن الإفريقي، ممكن لتحقيق هذا الهدف.
 

 

 

https://politicalstreet.org/5219/