100 شهيد وعشرات المصابين.. من يقف وراء الهجوم الإرهابي على مسجد باكستان؟

- ‎فيتقارير

ارتفعت حصيلة الهجوم الإرهابي على مسجد للشرطة الباكستانية في مدينة بيشاور إلى "100" شهيد و221  جريحا؛ الأمر الذي يثير  كثيرا من الأسئلة حول الجهة الإرهابية التي نفذت هذه الجريمة النكراء. وكان محمد عاصم، الناطق باسم مستشفى ريدي ليدينك الرئيسي، قد قال في مؤتمر صحفي إن حصيلة الهجوم ارتفعت إلى 100 قتيل، وإن عددا من الجرحى في حالة خطرة، ما ينذر بارتفاع حصيلة القتلى.

وحشية الهجوم الإرهابي وعدد الضحايا يدفع الباكستانيين وكل المسلمين في العالم غلى التساؤل حول كيفية حدوث مثل هذا الهجوم الإجرامي وسط ثكنة تمتلئ برجال وعناصر الشرطة، وكيف وصل الإرهابي إلى هذه المنطقة الحساسة المحصنة أمنيا، لا سيما المسجد الذي كان يرتاده كبار الضباط والمسؤولين في الشرطة الباكستانية.

الإجابة على هذه الأسئلة قد تؤدي إلى كشف شيء من خيوط الحقيقة التي تشير بكل وضوح إلى وجود تواطؤ من قيادات نافذة بجهاز الأمن وراء هذا الهجوم الإرهابي، فما كان للانتحاري أن يصل إلى هذه النقطة بدون مساعدة من جهات أمنية نافذة تدين بالولاء لجهات أجنبية تستهدف أمن واستقرار باكستان.

ويعترف مسئولون باكستانيون بوجود ثغرات أمنية أفضت إلى وقوع الحادث. كما أن هناك تضارباً في تصريحات المسؤولين والجهات الأمنية حول كيفية وصول المهاجم إلى داخل المسجد، وحول الجهة التي قامت بتنفيذ الهجوم، بعدما تراجعت طالبان الباكستانية عن تبني العملية.  وكشف وزير الدفاع الباكستاني خواجه أصف، في تصريح لقناة "جيو" المحلية، الاثنين، أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن المهاجم الانتحاري حصل على مساعدة من داخل الشرطة، ووصل إلى موقع الهجوم نتيجة تلك المساعدة، مؤكداً أن التحقيقات أيضاً تشير إلى أن المهاجم وصل قبل يومين من الهجوم إلى داخل مجمع الشرطة، متحدثاً عن وجود ثغرات كبيرة في المنظومة الأمنية.

وحسب وكالة "رويترز" فقد جاء في التقرير الأولي للشرطة الباكستانية أن المهاجم عبر أربعة حواجز أمنية، وتمكن من الوصول إلى الصف الأول في القاعة الرئيسية للمسجد، الذي كان عدد المصلين فيه وقت التفجير ما بين 300 و350 من عناصر وضباط شرطة. كما جاء في تقرير الشرطة أن متفجرات قوية استخدمت في التفجير ما أدى إلى انهيار جزء من المسجد، وأن التحقيقات لا تزال مستمرة حول القضية. بينما قال وزير الداخلية الباكستاني رانا ثناء الله، في تصريح صحفي، إن الانتحاري والمساعدين له أدخلوا المتفجرات على دفعات، وأن الانتحاري كان موجودا منذ أيام داخل مجمع الشرطة قبل أن ينفذ الهجوم.

 

توريط طالبان

وحول الجهة التي نفذت الهجوم، قال رانا ثناء الله إن جناح خالد خرساني، من طالبان الباكستانية، نفذ الهجوم، وإن التحقيقات القادمة حاسمة في تأكيد ذلك. وهذه الاتهامات تؤكد أن هناك مخططا لصناعة فتنة كبرى داخل باكستان من جهة بين الحكومة حركة طالبان الباكستانية، وكذلك  صناعة فتنة بين باكستان وأفغانستان حيث تسيطر عليها حركة طالبان منذ أكثر من سنة بعد هزيمة الولايات المتحدة الأمريكية وخروج قواتها.

المسؤولية عن المجزرة حيرت المسؤولين، بعدما كثرت الجهات المتهمة، وبعد تراجع طالبان الباكستانية عن تبنيها، مؤكدة في بيان، أن الحركة لن تستهدف المساجد وأماكن العبادة. يقول رئيس شرطة إقليم خيبربختونخوا معظم جاه أنصاري، وهو مسؤول أمن مدينة بيشاور، إن لجنة شكلت للتحقيق في القضية، والجهة المسؤولة عن الهجوم قد تكون جيش الأحرار أو فرع خالد خراساني، من طالبان الباكستانية، كما أن طالبان الباكستانية نفسها تبنت المسؤولية قبل أن تتراجع عنها، مشيرا إلى أن تنظيم داعش أيضا تبنى المسؤولية، "من هنا علينا أن ننتظر نتائج التحقيق".

كما أكد المسؤول أنه بغض النظر عن طبيعة التفجير والجهة التي تقف وراءه، "علينا أن نعترف بأن هناك ثغرات أمنية أدت إلى وقوع المجزرة، ونحن نحقق في القضية من كل الجهات".

ويفسر المحلل الأمني الباكستاني محمد عرفان خان، تراجع طالبان عن تبني الهجوم بأن فروعاً مختلفة في الحركة تنفذ الهجمات من دون التنسيق في بعض الأحيان مع القيادة الرئيسية، واضطرت الحركة للتراجع عن تحمل المسؤولية بعدما أثار الهجوم الغضب الشعبي، كما لا يستبعد أن الأمر حصل بضغط من طالبان في كابول، لأن المسؤولين الباكستانيين يتهمون طالبان الباكستانية باستخدام الأراضي الأفغانية. ولم يستبعد خان أن تكون فروع من طالبان مرتبطة بـ"داعش" وراء الهجوم. ونفى كل من وزير الدفاع خواجه أصف، ووزير الداخلية رانا ثناء الله، شن أي عمليات كبيرة في شمال غرب باكستان ضد المسلحين، لكنهما شددا على ضرورة تكثيف العمليات المستندة إلى تقارير استخباراتية.

في الشأن نفسه، قال وزير الداخلية رانا ثناء الله، في حديث له مع قناة "جيو" المحلية، إن العمليات الكبيرة ضد المسلحين غير ممكنة ولا جدوى منها، "لأنهم يغيرون أماكنهم بين الحين والآخر، ولكننا سنكثف العمليات ضد المسلحين استنادا إلى تقارير استخباراتية، وهي قد تجري داخل البلاد أو خارجها"، في إشارة إلى أفغانستان، موضحا أن تلك العمليات جارية ومستمرة.