ظاهرها مكافحة داعش وباطنها الاحتلال.. لماذا تتمسك أمريكا بوجودها العسكري في سوريا؟

- ‎فيعربي ودولي

كانت الحرب على سوريا – وما زالت – معركة من أجل السيطرة على النظام الاقتصادي والسياسي العالمي، وهي آخر فصل في حرب الولايات المتحدة الطويلة على قوى القومية العلمانية العربية؛ لإحباط التحول الحالي نحو توازن عالمي جديد للقوة.  

أكد البيت الأبيض، أن الولايات المتحدة لن تتراجع عن انتشارها المستمر منذ ما يقرب من ثماني سنوات في سورية، حيث تقاتل فلول تنظيم “داعش” الإرهابي، على الرغم من الهجمات على القوات الأمريكية هناك، الأسبوع الماضي، من فصائل تدعمها إيران.

وضربت طائرة مسيّرة هجومية أحادية الاتجاه قاعدة أمريكية في سورية في 23 مارس الجاري، ما أدى إلى مقتل متعاقد أمريكي، وإصابة متعاقد آخر ومعه خمسة جنود أمريكيين.

وردت القوات الأمريكية بضربات جوية وتبادل لإطلاق النار، قالت جماعة معنية بمراقبة الحرب السورية، إنها “أدت إلى مقتل ثلاثة جنود سوريين، و11 مقاتلا سوريا في فصائل مؤيدة للنظام السوري، وخمسة مسلحين غير سوريين موالين للنظام”.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي إن “الولايات المتحدة لم تشهد أي هجمات أو ردود فعل أخرى خلال 36 ساعة مضت في سورية، مضيفا سنظل يقظين، وفقا لـرويترز”.

وأشار كيربي أيضا إلى تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الجمعة، التي حذر فيها إيران من أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات قوية لحماية الأميركيين.

وقال كيربي “لم يطرأ أي تغيير على الوجود الأميركي في سورية نتيجة ما حدث في الأيام القليلة الماضية” مضيفا أن المهمة ضد داعش ستستمر، وأضاف “لن تردعنا هجمات تلك الجماعات المسلحة”.

وتنتمي قيادات نظام الأسد إلى أقلية من الطائفة الشيعية العلوية في بلد حيث يمثل العلويون 10% فقط من السكان، ويمثل المسلمون السُنّة 75%، والمسيحيون 10%، وتمثل طوائف أخرى، بما في ذلك الدروز، 5% من السكان، وتشمل القوى الإقليمية التي تناصر نظام الأسد إيران، وروسيا التي لديها قاعدة بحرية على ساحل البحر الأبيض المتوسط في سوريا.

في حين كان هدف أمريكا من السعي إلى إسقاط نظام الأسد في الأساس تقويض النفوذ الإيراني والروسي، كان دافع تركيا يتلخص في توسيع نفوذها في أراضي الإمبراطورية العثمانية السابقة، ثم في وقت لاحق، التصدي للطموحات الكردية في الحصول على الحكم الذاتي الإقليمي، إن لم يكن الدولة المستقلة في سوريا والعراق.

وكانت المملكة العربية السعودية راغبة في تقويض نفوذ إيران في سوريا وتوسيع نفوذها، في حين كانت إسرائيل أيضا تسعى إلى مقاومة إيران، التي تهدد إسرائيل من خلال حزب الله في لبنان، وسوريا بالقرب من هضبة الجولان، وحماس في غزة، في الوقت نفسه، كانت قطر راغبة في جلب نظام إسلامي سُنّي إلى السلطة هناك.

احتشدت الجماعات المسلحة المدعومة من قِبَل الولايات المتحدة وحلفائها منذ عام 2011 تحت راية الجيش السوري الحر، والواقع أن الأمر لم يقتصر على جيش واحد، بل كانت جماعات مسلحة متنافسة مختلفة باختلاف داعميها وإيديولوجياتها وأهدافها، وتراوح المقاتلون بين سوريين منشقين وأكراد ساعين إلى الاستقلال وجهاديين سُنّة تدعمهم المملكة العربية السعودية وقطر.

على الرغم من تخصيص موارد هائلة للإطاحة بالأسد، فشلت كل الجهود في نهاية المطاف، ولكن بعد أن تسببت في إراقة أنهار من الدماء، وتشريد الملايين من السوريين، كما فر كثيرون إلى أوروبا، الأمر الذي أدى إلى إحداث أزمة لاجئين في أوروبا وطفرة في الدعم السياسي لليمين المتطرف المناهض للمهاجرين هناك.

يرجع الفشل في الإطاحة بالأسد إلى أربعة أسباب رئيسية، فأولا، كان نظام الأسد يحظى بالدعم ليس فقط من جانب العلويين، بل أيضا من قِبَل المسيحيين السوريين وغير ذلك من الأقليات التي كانت تخشى قيام نظام إسلامي سُنّي قمعي.

وثانيا، لاقى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة مقاومة إيرانية روسية، وثالثا تشكيل تنظيم الدولة المخابراتي (داعش) حولت الولايات المتحدة قدرا كبيرا من الموارد لإلحاق الهزيمة به، بدلا من الإطاحة بالأسد.

وأخيرا، كانت القوى المناهضة للأسد منقسمة بشكل عميق ومزمن؛ على سبيل المثال، تخوض تركيا صراعا مفتوحا مع المقاتلين الأكراد الذين يحظون بدعم الولايات المتحدة.