أبرز دلالات تسويق الإشراف القضائي الكامل على “انتخابات” السيسي

- ‎فيتقارير

جهز السيسي مقترح الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات الرئاسية المقبلة، لادعاء نزاهتها، ومن ثم منح نفسه شرعية انتخابات يجهز فيها منافسوه  ضمن إطار صندوق يسيطر على قراره النهائي (اللجنة العليا) للانتخابات التي استبدلها اسما ب(الهيئة الوطنية) للانتخابات.

زعيم الانقلاب الذي اعتاد تقنين تجاوزاته مستندا للأحكام القضائية وغير القضائية مثل حكم أخير بعدم مساءلته أو أحد أفراد حكومته عن بيع الأصول والصفقات المستمرة، حيث سارع عبد الفتاح السيسي بإصدار أوامره للمحكمة الدستورية العليا في مصر بضغط من دول الخليج لتحصين العقود التي أبرمت أخيرا، بشأن بيع أصول الدولة، حيث بعد 8 سنوات عجزت عنه المحكمة في شأن عدم أحقية المواطنين بالطعن على عقود الدولة، لتصدر أخيرا قرارها الجاحف والذي يضر بأصول الدولة وتقضي بعدم أحقية المواطنين بالطعن على عقود الدولة.

 

ويقضي الحكم الصادر، بأن من لهم صفة قانونية فقط هم من يستطيعون الطعن على العقود التي تبرمها الدولة، ما يعني تحصينا لتلك العقود من الطعن عليها بالبطلان أمام محكمة القضاء الإداري.

 

وسابقا كان يحق لأي شخص أن يطعن ويوقف بيع الممتلكات المصرية أمام المحاكم لكن الآن سيتم وقفها، كما أن الحكم الصادر بشأن دستورية القانون 32 لسنة 2014 سيمنع المحاكم من تلقي دعاوى جديدة ممن ليس لهم صفة قانونية، تطعن على تعاقدات الحكومة ما يمنح السيسي في إبرام العقود دون مراجعة، ويجعل دول الخليج تقبل على الشراء دون خوف.

وبعد أكثر من 8 سنوات من اغتصاب السيسي للسلطة في مصر، يكتوي كثير من القضاة بنفس النيران التي ألهبوا بها ظهور المصريين وجباههم؛ حيث بدأ السيسي في الاستحواذ والسيطرة الغاشمة على مفاصل السلطة القضائية بالمخالفة للدستور الذي ينص على استقلال القضاء، ودون مواربة كما فعل مع جميع قطاعات وهيئات مصر، تجلى ذلك عبر سنوات حكم السيسي من قرارات وتدخلات غاشمة في الشؤون القضائية.

 

وأصدر المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية الذي يرأسه عبدالفتاح السيسي، قرارا للتحكم في جميع شؤون القضاة، من تعيينات ورواتب ودرجات وندب بصورة مركزية، من خلال المجلس الأعلى الذي تم استحداثه في التعديلات الدستورية الأخيرة في إبريل 2019، والذي كانت فكرة إحيائه قد ظهرت منتصف 2018، بمناسبة دراسة النظام لمشكلة ندب القضاة، التي فجرت وقتها خلافات بين الهيئات القضائية المختلفة ووزارة العدل.

 

ووجدت رئاسة الانقلاب وقتها أنه يجب العمل على توحيد آراء القضاة تجاه الملفات المختلفة التي قد تثير أزمات بين الهيئات وبين الدولة لتسهيل التعامل ومحاصرة مساحات المعارضة.

على هذا النحو تدرك عصابة الانقلاب ومحللوها القانونيون أن المادة 210 من دستور العسكر 2014، تتضمن الإشراف القضائي بوضوح تام، وأنها لا يمكن لتشريع مخالفتها إلا بتعديل الدستور.

وتدرك هذه الفئة بحسب مراقبين أنه ينتهي الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات العام المقبل 2024، وفقا لما تنص عليه المادة 34 من قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، التي نصت على أن يتم الاقتراع والفرز في الاستفتاءات والانتخابات في السنوات العشر التالية للعمل بالدستور الذي تم إقراره عام 2014  تحت إشراف كامل من أعضاء الجهات والهيئات القضائية، وبعدها تتولى إدارة الاقتراع والفرز في الاستفتاءات والانتخابات أعضاء تابعون للهيئة تحت إشراف مجلس إدارتها، ولها أن تستعين بأعضاء من الهيئات القضائية.

 

في أبريل من العام الماضي، دعا السيسي إلى إجراء حوار وطني تشارك فيه القوى السياسية باستثناء جماعة الإخوان المسلمين، ويفترض أن الحوار حول 3 محاور سياسية واقتصادية واجتماعية، بمجلس أمناء الحوار من 19 عضوا من أساتذة الجامعات وكتاب وصحفيين، تولي عقد اجتماعات متتالية لتشكيل اللجان الفرعية بكل محور، ودعوة ممثلي مختلف القوى السياسية والنقابية والخبراء للمشاركة في المناقشات، إلا أن الواقع النظري كان مخالفا للواقع العملي حيث ظل "الحوار" لشهور وأن مناقشته المزمعة ستكون في جلسات مقرر انطلاقها في 3 مايو المقبل.

 

وينص التعديل المقترح للمادة 34 من قانون الهيئة الوطنية للانتخابات على أنه يوجب إتمام الاقتراع والفرز في الانتخابات والاستفتاءات التي تجري في البلاد تحت إشراف كامل من أعضاء الجهات والهيئات القضائية بنظام قاض لكل صندوق.

هذه التعديلات التي يقترحها السيسي يرى أعضاء ما يسمى "الحوار الوطني" أن برلمان العسكر في انتظار التعديل التشريعي المقدم من الحكومة لتعديل قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، لأن يقر ذلك في أقرب وقت في ظل إدعاء أن هناك توافقا من القوى السياسية.

اللافت أيضا أنه قبل أن تعرض التعديلات، أيدت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية ببرلمان السيسي،  التوقعات بموافقة البرلمان على التعديل التشريعي على قانون الهيئة الوطنية للانتخابات؛ لضمان الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، بل ورجحت أيضا أن تكون انتخابات تشرف عليها "هيئة نزيهة تضمن حرية المواطنين وحقوقهم وأصوات الناخبين".
 

وتعقد الانتخابات الرئاسية  خلال عام 2024، بعد موافقة برلمان السيسي على تعديل تشريعي بمد بقاء عبد الفتاح السيسي في منصبه حتى العام المقبل، مع السماح بترشحه لفترة جديدة مدتها 6 سنوات.