“الصحف الغربية” : تتابع صدى فوز أردوغان ومُقرّة بشعبيته ومُلتفتة لتحذيراته

- ‎فيعربي ودولي

اهتمت صحيفة “ديلي تليجراف” البريطانية بفوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفترة رئاسية ثالثة للبلاد غير مسبوقة، على حد قول الصحيفة.
 

وأبرزت حديث أردوغان خارج منزله في إسطنبول، حيث أشاد أردوغان بـعيد الديمقراطية،  مضيفا “سنكون معا في السراء والضراء” مشيرا إلى استمرار السياسة الخارجية الحازمة حيث قال: “لا أحد يستطيع أن يهز أصابعه على تركيا”.
 

ولكن الصحيفة زعمت أن كلا المعسكرين صوّر الانتخابات على أنها لحظة محورية في تاريخ البلاد، يمكن أن تعزز ميل أردوغان المحافظ والسلطوي، أو تمنح تركيا فرصة لإعادة بناء مجتمع ديمقراطي.
 

وقالت: إن “أنصار أردوغان توافدوا على مراكز الاقتراع ، وحققوا إقبالا إجماليا مثيرا للإعجاب بلغ 84 %”.
 

وأهتمت الصحيفة البريطانية بترحيب “فلاديمير بوتين” بالنتيجة ، حيث كتب في رسالة إلى صديقه العزيز السيد “أردوغان” أن نتيجة الانتخابات كانت النتيجة الطبيعية لعملكم المتفاني كرئيس للجمهورية التركية.

مثلما اهتمت بتهنئة مبكرة من رئيس إيران “إبراهيم رئيسي” و”تميم بن حمد آل ثاني” أمير قطر، ومن  “فيكتور أوربان”  رئيس وزراء المجر ، كأول زعيم أوروبي يهنئ أردوغان على ما وصفه بفوز انتخابي لا يرقى إليه الشك.

ومن التليجراف إلى الجارديان البريطانية التي قالت: إن “أردوغان حقق الفوز على منافسه كليجدار أوغلو بعد انتخابات الإعادة الرئاسية غير المسبوقة، وفي تصويت عكس الاستقطاب السياسي الحاد والمستمر في تركيا”.

 

ورأت أن “فوز زعيم تركيا الأطول بقاء في السلطة يمنحه فترة أخرى في منصبه كرئيس، وتأييدا لأسلوبه الشعبوي في السياسة”.

 

وأبدت الصحيفة تعجبا من حصوله على الدعم في العديد من المناطق الأكثر تضررا جراء الاضطرابات المالية في البلاد، وكذلك المناطق التي ضربها زلزالان في 6 فبراير الماضي أسفرا عن مقتل أكثر من 50 ألف شخص في جنوب شرقي البلاد.

 

ولفتت إلى قول أردوغان لمؤيديه من شرفة القصر الرئاسي: “لسنا الوحيدين الذين انتصروا، لقد فازت تركيا، لقد انتصرت ديمقراطيتنا”.

 

غير أن أردوغان في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية، سخر من زيادة سيطرته الاستبدادية، متسائلا باستنكار: “كيف يمكن لشخص يخوض جولة الإعادة، بدلا من الفوز بالانتخابات من الجولة الأولى، أن يكون ديكتاتورا؟ أي ديكتاتور هذا؟”.

شعبوي مثير للانقسام

وهاجمت صحيفة “لوموند” (Le Monde) الفرنسية أردوغان، وأشارت إلى خلافاته مع عواصم غربية بينها باريس، واصفة له بأنه “شعبوي مثير للانقسام”، بحسب الصحيفة.

 

ورأت الصحيفة، في تقرير بعنوان “أردوغان يفوز بجولة الإعادة التاريخية في تركيا” أن الفوز بفترة رئاسية جديدة سيمنحه يدا أقوى على الصعيدين المحلي والدولي.

 

وزادت “ستكون لنتائج الانتخابات آثار تتجاوز أنقرة بكثير، حيث تقف تركيا على مفترق طرق بين أوروبا وآسيا، وتلعب دورا رئيسيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)”، معتبرا أن الوضع الاقتصادي المأزوم سيكون الاختبار الأكثر إلحاحا لأردوغان.

قوة محورية

وقالت صحيفة واشنطن بوست: إن “فوز أردوغان سلط الضوء على قوة مؤيديه الأكثر ولاء، وكثير منهم من المسلمين المحافظين، كقوة محورية ودائمة في سياسة البلاد”.

 

وأضافت أن الفوز ترك المعارضة تتساءل، عما كان يمكن أن يكون لو اختاروا مرشحا أكثر جاذبية من كليتشدار أوغلو، وهو بيروقراطي تبنى خطابا أكثر تشددا في الأسابيع الأخيرة من حملته في محاولة فاشلة لجذب الناخبين القوميين.
 

وأشارت إلى أنه “على حلفاء تركيا في الخارج، وبينهم الولايات المتحدة، اجتياز فترة ولاية أخرى مدتها 5 سنوات مع أردوغان الزئبقي، وهو شريك شائك استفاد من علاقات حكومته مع كوكبة من الجهات الفاعلة الدولية، بينها روسيا، لتحقيق مكاسب سياسية محلية”.

رئيس رغم الأزمات

وأبرز تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” أن فوز أردوغان أعطى مؤشرات قليلة على أنه يعتزم تغيير المسار في الداخل، حيث يواجه أزمة اقتصادية، أو في السياسة الخارجية، حيث أثار حفيظة الحلفاء الغربيين.

 

وتحت عنوان “رغم التضخم والزلازل والسباق الشرس، أُعيد انتخاب أردوغان”، قالت الصحيفة إن “أردوغان زعيم زئبقي أثار حفيظة حلفائه الغربيين، بينما كان يشدد قبضته على الدولة التركية”.

 

ونقلت عن “جاليب دالاي” محلل الشؤون التركية في مجموعة “تشاتام هاوس” البحثية ومقرها لندن قوله : “أردوغان يعمل على أساس أن العالم قد دخل مرحلة لم تعد فيها الهيمنة الغربية أمرا مفروغا منه”.

 

وتابع أن “وجهة النظر هذه دفعت القوى الإقليمية مثل تركيا إلى الاستفادة من العلاقات مع الغرب حتى أثناء التعامل مع خصوم للولايات المتحدة مثل روسيا والصين، فالفكرة هي أن تركيا تعمل بشكل أفضل من خلال الانخراط في توازن جيوسياسي بين الخصوم”.

 

وأضافت الصحيفة الأمريكية، “فوزه يعني أنه يمكن أن يظل في السلطة لمدة ربع قرن على الأقل، ما يعمق بصمته المحافظة على المجتمع التركي، بينما يتابع رؤيته لبلد يتمتع بقوة اقتصادية وجيوسياسية متزايدة، وهو يعزز مكانة تركيا كقوة مسلمة تضم 85 مليون شخص”.

 

واعتبرت أن “أنصار أردوغان تجاهلوا التحديات التي تواجه تركيا، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية التي تلوح في الأفق، وأشادوا به لتطوير البلاد ودعم القيم الإسلامية المحافظة”.

 

مطالب الغرب

ونصحت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أردوغان “أن يتجنب إثارة المزيد من الصراع غير الضروري مع الغرب، إذ يظل الاتحاد الأوروبي إلى حد بعيد الشريك التجاري الأكبر لتركيا ومصدرا مهما للاستثمار، وانهيار العلاقات بسبب عدم مشاركة أنقرة في تطبيق العقوبات الغربية على روسيا جراء حربها في أوكرانيا، مثلا، سيكون قصير النظر”.

وزعمت أن “أردوغان سيقرأ بلا شك فوزه الانتخابي باعتباره تفويضا لمواصلة سياساته الخارجية والاقتصادية المشاكسة، لكن سيكون من الأفضل له وتركيا توجيه مسار أكثر واقعية”.

 

وأدعت أن “تغيير لهجة أردوغان المنتقدة نحو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتركيز بدلا عن ذلك على مجالات التعاون المحتمل، من التفاوض على إنهاء حرب أوكرانيا إلى الإنتاج الدفاعي ومشاريع التنمية المشتركة في أفريقيا، سيكون من شأنه أن يعمل على استقرار العلاقات وصقل أوراق اعتماد أردوغان كرجل دولة وسيكون مفيدا لإرثه، بل سيكون أفضل للأتراك”.

 

وأوضحت الصحيفة أن “أردوغان لعب دورا اكتسبه بشق الأنفس كمحاور بين المعسكرات المتعارضة، سواء في أوكرانيا حيث تفاوض على تبادل الأسرى واتفاق للسماح بتصدير الحبوب الأوكرانية، أو في الشرق الأوسط، لكن الميل أكثر من اللازم نحو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يقلص النفوذ العالمي للزعيم التركي”.

وطرح التقرير السؤال الرئيسي، وهو هل ستغير تركيا موقعها على الساحة العالمية، خلال الولاية الجديدة لأردوغان؟ ناقلا عن مدير الشؤون الأوربية في مركز أوراسيا للأبحاث السياسية، إيمري بيكر قوله: “من المتوقع أن يستمر بلعب دور هام، لكن غير مريح من المنظور الغربي”.

 

ونقل التقرير عن عضو الكونجرس، السيناتور روبرت مينديز، الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، ويعد من ألد المنتقدين لأردوغان قوله: “هل ستستمر تركيا بعد فوز أردوغان حليفا للناتو بالشكل الذي نريده، أم أنها ستتغير؟”، مضيفا في خطاب له الأسبوع الماضي، أن أحد أكثر الناس سرورا بإعادة انتخاب أردوغان سيكون هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

 

وختم التقرير بالقول: إن “البعض يعتقدون أن الدواعي الاقتصادية، والتضخم الذي تشهده تركيا، سيدفع أردوغان للتعويل على المساعدات الغربية، وبالتالي سيشكل ذلك مزيدا من الضغوط عليه لاتخاذ مواقف حيادية، والميل تدريجيا للغرب، لكن في المقابل يرى آخرون أنه لن يعول على الغرب، في سد العجز في موازنة البلاد، بل سيتجه لطلب الدعم من دول أخرى مثل روسيا وقطر والمملكة العربية السعودية”.

 

وأقرت الصحيفة الأمريكية في مقالها المعنون بـ”أردوغان بحاجة إلى محور ما بعد الانتخابات”، أنه على الرغم من التحديات، فإن أردوغان “انتصر بسهولة في جولة الإعادة ، ولا يزال يتمتع بشعبية حقيقية بين الأغلبية القومية المحافظة”.

 

ما قبل الانتخابات
 

 

لأن تركيا دولة محورية، تحوّلت انتخاباتها إلى حدث دولي، واتسعت رقعة الأطراف التي عبرت بوضوح عن رغبتها في خسارة رجب طيب أردوغان، حتى تجاوزت حدود المعقول، فحكومات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل وحكومات عربية كانت تنتظر التخلص من الرجل بشكل فج وبكراهية عالية.

 

جعل هذا الأمر الصحافي البريطاني ديفيد هيرست يصرح بأن تغطية وسائل الإعلام الغربية للرئيس التركي “عدائية بشكل واضح” وضرب أمثلة على ذلك بدير شبيغل وإيكونوميست ولوبوان وتليغراف، والسؤال هو لماذا عادت كل هذه الأطراف الرجل وحزبه، حتى كادت المسألة أن تنقلب إلى قضية شخصية وتنفيسا عن حقد تاريخي؟.