كشفت الأزمة الأخيرة في الجزائر عن جهود استخباراتية تسببت في توقيف 4 جواسيس إماراتيين، علاوة على السفير الإمارتي في قلب البلد الشمال أفريقي كانوا يتخابرون لصالح جهاز الموساد.
والثلاثاء، 20 يونيو كشفت “صحيفة النهار” التابعة للمخابرات الجزائرية، عن أن الجزائر طلبت من السفير الإماراتي مغادرة التراب الوطني في غضون 48 ساعة.
وأوضحت الصحيفة أن “قرار طرد السفير الإماراتي جاء بعد توقيف 4 جواسيس إماراتيين، كانوا يتخابرون لفائدة جهاز الموساد لدولة الاحتلال”.
وأضافت “النهار” أن “الجواسيس الموقوفين حاولوا نقل أسرار ومعلومات عن الدولة الجزائرية”.
إلا أن موقع صحيفة النهار، عبر “فيسبوك” و”تويتر” حذفا الخبر بعد دقائق من نشره عبر صفحتيها الرسميتين.
وبغض النظر عن تدراك الدولة الجزائرية الأزمة بتداخلات أدت لإنهاء رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون مهام وزير الاتصال محمد بوسليماني، في الواحدة والنصف ليلا، بعد أقل من ساعة من نشر قنوات تلفزيونية ووسائل إعلام جزائرية خبر النهار، إلا أن الفضيحة الجديدة تضيف لرصيد طويل من عناصر الخسة الإماراتية عوضا عن كون أبوظبي عاصمة للتطبيع العربي والثورات المضادة وسرقة الشعوب وغسيل أموال عصابات الحكم الديكتاتورية عربيا وإقليميا.
جواسيس على تركيا
ومن أقرب ما أعلن عنه كان توقيف السلطات التركية في إسطنبول في أبريل 2019 مواطنين للاشتباه بتجسسهما لحساب استخبارات الإمارات، وهي تحقق في احتمال علاقتهما بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، على ما أفادت وكالة أنباء الأناضول الرسمية.
وقالت النيابة: إن “المشتبه بهما أحدهما صحفي يدعي أحمد الأسطل يحمل جواز سفر فلسطيني وكذا زميله الجاسوس، وكانا على اتصال مباشر ودائم مع القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، ووجهت النيابة إليهما تهمة الحصول على معلومات سرية خاصة بالدولة بغرض التجسس السياسي والعسكري”.
وأشار الإعلام التركي إلى دور المخابرات الإماراتية في الانقلاب الفاشل في تركيا منتصف يوليو 2016، وذكرت صحيفة يني شفق التركية أن الإمارات أنفقت 3 مليارات دولار للإطاحة بأردوغان والحكومة المنتخبة في يوليو 2016.
ووثقت وسائل إعلام تركية دور محمد بن زايد في تمويل فريق كانت مهمته تنظيف ومسح الأدلة والدلائل المتعلقة بجريمة الاغتيال، بإشراف القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان.
جواسيسي لتونس
وبدأت شبكة تجسس إماراتية العمل بتونس، في أعقاب سقوط نظام المخلوع زين العابدين بن علي، بفترة قصيرة، حيث تولى إدارتها الضابط في جهاز أمن الدولة الإماراتي برتبة عميد.
كان الهدف من الشبكة الإماراتية ضرب حركة النهضة التونسية في الانتخابات البلدية في مايو 2018.
وقال الموقع: إن “الشبكة عملت خلال الفترة من 2013 على اختراق حزب نداء تونس الحاكم واختراق الدائرة المحيطة بالرئيس الباجي قايد السبسي، إضافة إلى اختراق البرلمان، وشراء ولاءات وذمم رجال أمن ومسؤولين في الدولة، كما عملت على اختراق الأحزاب السياسية ومحاولة التأثير في عملها وخاصة حركة النهضة الإسلامية”.
كما ذكرت تقارير أن الإمارات ضخت مبالغ مالية ضخمة في تونس من أجل التأثير في الأحزاب والانتخابات وشراء الذمم والولاءات، وبحسب رسالة بريد إلكتروني مسربة فإن مبلغا ماليا ضخما تم تحويله من الإمارات إلى تونس.
ضابط تجسس ليبيا
وكشف شعبان هدية، القيادي في قوات فجر ليبيا، الموالية للمؤتمر الوطني العام في طرابلس، عن توقيف ضابط إماراتي بتهمة التجسس، في عام 2015، حيث نقلت قنوات تليفزيونية محلية حينها عن مكتب النائب العام بطرابلس، أن الضابط كان في مهمة استخباراتية داخل الأراضي الليبية.
وتنصل بن زايد من الجاسوس في بيان رسمي، حيث زعم إعلامه، أن الشخص المقبوض عليه مفصول من عمله بالشرطة الإماراتية منذ عام 2010 بسبب تورطه في قضية أخلاقية، إلا أن الرأي العام الليبي لم يقبل تلك الرواية، خاصة بعد أن ظهرت وثائق تفضح جاسوسا آخر في أعقاب الحديث عن الأول الذي ثبت تكريم السلطات الإماراتية له.
حتى غزة
ولم تسلم غزة من عملية التجسس الإماراتي لصالح الموساد ففي أغسطس 2017، رصدت كتائب القسام وفدا إماراتيا مكون من عناصر جهاز الأمن التابع لأبو ظبي قدم لغزة تحت غطاء جمعية الهلال الأحمر الإماراتية، وضم 50 طبيبا، والذي وصل إلى قطاع غزة بحجة تقديم مساعدات إنسانية غادر بعدها بأيام على نحو مفاجئ من خلال معبر رفح المصري، وترك كافة معداته دون سابق إنذار، مما آثار التكهنات حول دوره والغرض من زيارته للقطاع.
وكانت مهمته سرية تنفيذا لطلب تل أبيب بعد كشف عملائها في الداخل، وتجسس الوفد على كتائب القسام وكان يتحرى عن مواقع إطلاق الصواريخ، واهتم وفد التجسس أيضا بمعرفة حجم الدعم القطري الإنساني المقدم للقطاع.
يشار إلى الانقلاب في مصر كان له دور الشريك في تسهيل دخول الوفد للقطاع، وكان تدخل دحلان لاحتواء الأزمة وتأمين خروج الوفد.
كما كانت كتائب سرايا القدس -الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي- هي من أبلغت كتائب القسام أن مواطنا غزاويا أبلغ كوادرها، أن أحد أفراد طاقم الهلال الأحمر الإماراتي كان يجري تحريات ويبحث في معلومات عن أماكن إطلاق الصواريخ، وأنه كان يلمح إلى أنها تطلق من مناطق سكنية، وأن ذلك يعوق عملهم كطاقم إنساني، وذلك في محاولة منه لاستنطاق واستدراج معلومات من المواطن الفلسطيني عن أماكن إطلاق الصواريخ.
وأكد براء الرنتيسي نجل الشهيد عبد العزيز الرنتيسي على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” صحة المعلومات التي حصل عليها، وقال في تصريحات: إن “المقاومة أمسكت فعلا بشبكة تجسس إماراتية، وإن الوفد الطبي الإماراتي الذي وصل غزة غادرها، بعد تلقيه تحذيرا أمنيا من الجهات المختصة في القطاع”.
سلطنة عمان في الإطار
وفي نهاية يناير2011، كشفت سلطنة عمان عن شبكة تجسس لصالح الإمارات، وذكرت وكالة الأنباء الرسمية العمانية أن السلطات اكتشفت شبكة من الجواسيس تعمل لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأضافت السلطات العمانية أن الشبكة كانت تتجسس على الحكومة والجيش العماني، وأن مصادر رسمية عمانية قالت: إن “شبكة التجسس اكتشفت قبل عدة أشهر، وإن عددا من المواطنين العمانيين ألقي القبض عليهم”.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول أمني عماني قوله: إن “الجواسيس كانوا معنيين بشكل رئيسي بمسألة من سيخلف السلطان قابوس في حكم عمان، إلا أن آخرين رأوا أن شبكة الجواسيس ربما كانت معنية بمسائل إقليمية”.
ونقلت وكالة رويترز عن تيودور كاراسيك، من معهد التحليل العسكري للخليج والشرق الأدنى، قوله: “أحد الاحتمالات أن الإمارات تريد معرفة تفاصيل العلاقات العمانية الإيرانية، بسبب العلاقات العسكرية والأمنية التاريخية بين طهران ومسقط”.
وفي نفي بات، زعم بيان للخارجية الإماراتية أن “الإمارات تعرب عن كامل استعدادها للتعاون مع عمان في أي تحقيقات تجريها بشفافية كاملة، للكشف عمن يحاولون الإساءة للعلاقات بين البلدين”.
شبكة الموساد في المغرب
وفي 20 أغسطس 2010، قبل اندلاع ثورات الربيع العربي بقليل، ألمح أعضاء بالمخابرات المصرية ومنهم (سامح سيف اليزل) في تصريحات صحفية، عن تورط الإمارات في شبكات التجسس في دول المغرب العربي وتحديدا في المملكة المغربية.
وقال تقرير وقتئذ ل”اليوم السابع” إن “شكل تجسس الموساد في المغرب يختلف عن غيره من باقي الدول العربية، حيث اعتمد على تجنيد فتيات مغربيات سواء كن يهوديات أو مسلمات، فبحسب المعلومات الواردة في تقارير وخواطر عميلة الموساد جوزلين باينى، عملت مخابرات الكيان على هيكلة مجموعة بالمغرب ضمنها فتيات مغربيات جميلات، من عائلات مغربية، مسلمات المولد والتربية والعقيدة، وقد لعبت هذه المجموعة دورا كبيرا في استغلال الزواج العرفي أو زواج المتعة، لاصطياد شخصيات عربية ذات ثقل، خاصة من دول الخليج”.
وكانت هذه المجموعة تستغل الزواج العرفي أيضا في تهجير فتيات صغيرات السن وبيعهن لشبكات الدعارة بالخارج، بعد اختيار بعضهن للعمل لصالح الموساد دون أن يدرين بذلك.
وقد نشطت مجموعة المغرب في جلب بعض الفتيات المغربيات، وكان من بين هؤلاء واحدة تسمى «نبيلة. ف» التي كانت مهمتها مراقبة الأجانب القادمين إلى المغرب، لاسيما من يظن الموساد أنه يشكل خطرا على إسرائيل، وكان من بين مهامها أيضا الاقتراب من الأمريكيين من أصل عربي، ممن يدعمون جهود السلام بالشرق الأوسط فى الإدارة الأمريكية، وكانت «نبيلة. ف» تقدم نفسها كعميلة لمخابرات الإمارات العربية، وسبق لهذه المجموعة أن عملت في بانكوك وتايلندا في إطار مراقبة بعض الشخصيات الأمريكية من أصل عربي.
واستغل الموساد “نبيلة. ف” في جلب جملة من المغربيات إلى تل أبيب لممارسة الدعارة، ومن ضحاياها “وداد. أ” التي تم إدماجها ضمن مجموعة من العاهرات ترصد خطوات الشخصيات المهمة بأوروبا.
شركات الأمن بالخليج
وكشفت تقارير أن شركات خاصة لأمن المنشآت النفطية والاستثمارية الكبرى، غطاء جديد لعمل الموساد في الخليج العربي المفتوح اقتصاديا على العالم.
واعترفت “يديعوت أحرونوت”، الصهيونية في تقرير بوجود عشرات من ضباط الاحتياط التابعين لجيش الصهاينة وعناصر من جهاز “الموساد” يعملون في دول الخليج العربي، تحت مسمى “شركات خاصة للتدريب”.
وأضافت الصحيفة أن ضباط الجيش وعملاء الموساد من خريجي الوحدات القتالية في جهاز الأمن العام الداخلى “الشاباك” ووحدات الكوماندوز في جيش الاحتلال وتتراوح أعمارهم حول سن 25 عاما.
ونشرت الصحيفة صورا لمدربين صهاينة تحت أسماء أوروبية وغربية مستعارة مثل ألمانيا وأيرلندا وكذلك أسماء أسترالية، خشية انكشاف هويتهم الإسرائيلية وتعريض حياتهم للخطر، وتكمن مهمة شركة التدريب الأساسية في تدريب عناصر للجيش من دول الخليج في وحدات خاصة للعديد من المهام، منها طرق حماية آبار النفط، والمنتشرة في جميع أنحاء الخليج العربى، وإعداد مجموعات لملاحقة من تصفهم بـ”الإرهابيين” وكيفية التعامل معهم، خاصة في المناطق المأهولة بالسكان وعمليات المطاردة وجمع المعلومات، بالإضافة إلى تدريبات عسكرية على العديد من أنواع السلاح.