أقرّت محكمة العدل الدولية بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية، وفق رئيستها، التي أشارت إلى أن الوضع في القطاع يتدهور نحو كارثة، وأن الوضع الإنساني في غزة في خطر مزيد من التدهور قبل أن تصل المحكمة إلى قرارها النهائي في دعوى جنوب أفريقيا.
وأشارت رئيسة محكمة العدل الدولية جوان دونوجو إلى أن المنظومة الصحية تنهار في قطاع غزة، ولا مكان آمناً فيه، وأن الشروط اللازمة لفرض التدابير المؤقتة متوفرة، وأن إسرائيل مطالبة باتخاذ إجراءات لمنع القتل بحق مجموعة بشرية أو التسبب في ضرر جسيم لها.
وقالت إن الفلسطينيين مجموعة تخضع للحماية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.
إجراءات طارئة
قرّرت محكمة العدل الدولية فرض عدد من الإجراءات الطارئة على إسرائيل في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها ضدها جنوب أفريقيا، وهي:
تأكد إسرائيل على الفور من أن جيشها لا يرتكب أي إجراءات موصوفة تندرج ضمن إطار الإبادة الجماعية.
على إسرائيل اتخاذ كل الإجراءات من أجل معاقبة التحريض على ارتكاب الإبادة الجماعية ضد مجموعة الفلسطينيين في قطاع غزة.
على إسرائيل أن تقوم فوراً باتخاذ إجراءات من أجل ضمان توفير الحاجات الإنسانية والمساعدات الملحة للفلسطينيين قطاع غزة.
على إسرائيل اتخاذ إجراءات فورية لمنع تدمير والتأكد من الحفاظ على الأدلة المتعلقة بمزاعم ارتكاب جرائم إبادة جماعية.
على إسرائيل رفع تقرير خلال شهر بشأن التدابير الفورية التي تتخذها وتسلّمه أيضاً لجنوب أفريقيا.
وقالت المحكمة إن 15 قاضياً صوّتوا لصالح اتخاذ إسرائيل تدابير لمنع أي أفعال تتعلق بالإبادة الجماعية مقابل رفض اثنين، في وقت أيّد 16 قاضياً إلزام إسرائيل باتخاذ تدابير لمنع التحريض على الإبادة الجماعية مقابل رفض قاضٍ واحد، كما صوّت 15 قاضياً مقابل اثنين لصالح إلزام إسرائيل بمنع تدمير الأدلة المتعلقة بالإبادة الجماعية.
قبول الدعوى
وكانت المحكمة أكدت، في جلستها اليوم، قبول دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، وأنه لا يمكن للمحكمة قبول طلب إسرائيل ردّ الدعوى في قضية الإبادة الجماعية.
وعقدت محكمة العدل الدولية بمدينة لاهاي في 11 و12 يناير الجاري، جلستي استماع علنيتين في إطار بدء النظر بدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب “جرائم إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث رفعت جنوب أفريقيا الدعوى في 29 ديسمبر الماضي.
ونص التماس جنوب أفريقيا المؤلف من 84 صفحة، على أنّ “الأفعال والتجاوزات التي ارتكبتها إسرائيل، والتي اشتكت منها جنوب أفريقيا، تمثّل إبادة جماعيّة في طابعها، لأنها تهدف للقضاء على جزء كبير من المجموعة الوطنية والعرقية والإثنية الفلسطينية، في انتهاك لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948”.
وأكدت جنوب أفريقيا أنّ أعمال إسرائيل تشمل “قتل الفلسطينيين في غزة، وإلحاق الأذى الجسدي والنفسي الخطير بهم، وإخضاعهم لظروف معيشية تهدف إلى تدميرهم جسدياً”، مطالبة المحكمة بأن تأمر بتعليق طارئ للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، متهمة إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.
ترحيب جنوب إفريقيا
من جانبها رحّبت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور بالإجراءات المؤقتة التي فرضتها محكمة العدل الدولية على إسرائيل، قائلة في المقابل: “أعتقد أنه كان يجب أن يكون هناك قرار لوقف إطلاق نار، وللأسف لم تفعل المحكمة ذلك، ولن أقول إن أملي خاب، لكن هناك دعوات لإيصال المعونات الإنسانية واتخاذ إجراءات لتخفيف الضرر على المدنيين”.
واعتبرت باندور أن الحكم انتصار حاسم لسيادة القانون، ومنعطف هام في البحث عن العدالة للشعب الفلسطيني، مضيفة: “في اتصالاتنا المستمرة مع شركائنا الدوليين نؤمن أن هذه هي اللحظة المناسبة لتكون هناك مفاوضات لحلّ الدولتين لحلّ الصراع بشكل نهائي”.
وأشارت إلى أن إسرائيل لها حلفاء أقوياء يحمونها، وجنوب أفريقيا فعّلت أداة قانونية دولية كان يجب اللجوء إليها في قضية الحرب على غزة، معتبرة أن أوامر محكمة العدل الدولية لن تنجخ بدون وقف إطلاق النار في غزة.
كما شدّد فريق الادعاء الجنوب أفريقي على أن أيام الإفلات من العقاب ولّت، داعياً كلّ الدول لضمان تطبيق القرار الصادر عن المحكمة اليوم، وعدم مساعدة حكومة الاحتلال على ارتكاب المزيد من الجرائم، وخصوصاً تزويد إسرائيل بالسلاح.
واعتبر أن الحكم اليوم هو رسالة لإسرائيل بأن لا أحد فوق القانون