وكأنّ كثرة الاعتراضات التي صاحبت قانون الإجراءات الجنائية، وخصوصا التي صدرت من نقابتي المحامين والصحفيين والمنظمات الحقوقية وأحزاب المعارضة لم تثنِ حكومة الانقلاب عن موقفها، لتوافق اللجنة التشريعية في مجلس النواب نهائيا على مواد القانون، تمهيدا لإقراره في الدورة البرلمانية المقبلة، التي تبدأ في شهر أكتوبر المقبل.
وكانت نقابة الصحفيين قد جددت، مطالبها بضرورة وقف مناقشة مشروع القانون الذي وصفته بـ«الكارثي» والبدء في حوار مجتمعي حقيقي لوضع قانون جديد يستجيب لتطلعات المجتمع، ويراعي مطالب مختلف الأطراف، ويحافظ على ثقة المواطنين في نظام العدالة، ويكرس لحقوقهم وحرياتهم، أو الاستجابة للمطالب المرفوعة.
85 مادة تخالف الدستور
وفي مؤتمر صحفي لإعلان، أعلن خالد البلشي نقيب الصحفيين، موقف النقابة من المشروع، مؤكدا أن 41 من مواده تخالف أحكام الدستور، بالإضافة إلى حاجة 44 مادة لتعديلات جذرية، بينها مادتان على الأقل تتعلقان بعمل الصحافة.
النواب يتجاهل النقابات والمنظمات الحقوقية
وتجاهل مجلس النواب المذكرة القانونية التي صدرت من نقابة الصحفيين تتضمن ملاحظات النقابة على المشروع، أكد فيها النقيب على عدم كفاية ما أدخل من تعديلات على مشروع القانون ومنها حذف المادة 267 بناء على طلب النقابة.
وشددت المذكرة على ضرورة مراجعة المشروع من قبل لجنة من خبراء القانون الدستوري والقانون الجنائي والقانون الدولي العام وعدد معتبر من القضاة والمحامين وغيرهم من أصحاب المصلحة، قبل الاستمرار في مناقشته داخل اللجنة التشريعية أو عرضه على البرلمان.
وفي هذا السياق، أكد البلشي أن الاستجابة لمطلب النقابة بإلغاء تلك المادة أرسلت إشارة إيجابية، لكنه عاد وأكد أنه كان يتمنى أن يكون التعامل مع مشروع القانون والاعتراضات المثارة حوله بالطريقة نفسها، بحيث لا يتحول الأمر إلى استثناء يفتح الباب لتقديرات سلبية، بل قاعدة للتعامل يتسع معها الأفق للحوار مع مختلف الأطراف.
واعتبرت المذكرة أن المشروع لا يلبي أيا من المعايير الدستورية والقانونية الواجب توفرها فيه، على رأسها تقديم مصلحة المتهم، وتسهيل عمل المدافعين عنه، بل على العكس خالفت نصوصه الدستور بفجاجة، وغلبت سلطة الاتهام وحقوقها على ضمانات الدفاع عن المتهم وحقوقه وضماناته، عوضًا عن عدم إتاحة التظلم أمام القضاء من قرارات النيابة العامة بشأن سير التحقيق.
وعابت مذكرة النقابة على مشروع القانون أيضاً في اعتباره الأحكام الغيابية، وهي الآن أحكام تهديدية تسقط بمجرد تقدم المتهم بطلب لإعادة إجراءات محاكمته، أحكامًا واجبة النفاذ يتم على أثرها منع المتهم من إدارة أمواله والتصرف فيها، فضلاعن عدم النص في مواده على انتهاء النيابة العامة من التحقيقات في وقت مناسب، على نحو سيظل معه سيف الاتهام مرفوعًا فوق رأس المتهم لمدة غير محددة ويفتح الباب أمام استمرار خضوعه لإجراءات تحفظية لمدة غير محددة.
وحسب المذكرة التي شارك في إعدادها كلٌ من المحاميين نجاد البرعي وأحمد راغب، عضوي الأمانة الفنية للحوار الوطني المصري، لم يقدم مشروع القانون حلولاً جذرية لمشكلة الحبس الاحتياطي على مستوى الممارسات والقانون، واكتفى بتعديلات شكلية تُبقي على الممارسات كما هي دون وجود آليات رقابة ومحاسبة ونصوص تقيد الإجراءات والصلاحيات التي أدت إلى وجود أزمة في ملف الحبس الاحتياطي.
المطالبة بتعديل 1 مادة
وكانت نقابة المحامين طالبت بتعديل 21 مادة من مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، حسب نقيب المحامين، عبد الحليم علام.
وقال خلال مؤتمر صحافي في حزب الوفد: إن “مشروع القانون يضم بعض المواد التي تتعارض مع حق الدفاع والمتهم، وتم عرض هذه التعديلات على رئيس مجلس النواب واللجنة التشريعية”.
وأضاف أن النقابة أصدرت التعديلات المطلوبة بالحذف أو الإضافة وعرضها على اللجنة التشريعية، وأن هناك استجابة لهذه التعديلات، وننتظر اللجنة العامة للتصويت عليها، لكن ذلك لم يحدث.