قال عضو قيادة حماس في غزة، وزير الصحة الفلسطيني الأسبق د.باسم نعيم: “مهما حاول العدو محو العار الذي أصابه في 7 أكتوبر فلن يستطيع، وبعد عام من الحرب لم يستطع نتنياهو تحقيق أي هدف بل لا تزال المقاومة تلقنه الدروس.” مؤكدا أن “المعركة التي فُتحت في 7 أكتوبر لن تنتهي إلا بزوال الغدة السرطانية “إسرائيل”.
وأضاف أنه “في ذكرى 7 أكتوبر أؤكد أن المبادرة انتقلت إلى أيدي أهل الأرض الأصليين”، حيث “السابع من أكتوبر يوم سيظل في الذاكرة.. وأن معركة طـوفان الأقصى كانت باسم الشعب الفلسطيني من أجل الدفاع عن حقوقه الثابتة”.
وقال: “مهما حاول العدو محو العار الذي أصابه في 7 أكتوبر فلن يستطيع ذلك” مستطردا أنه “بعد عام من الحرب لم يستطع نتنياهو وحكومته تحقيق أي هدف من أهدافه بل ما زالت المقاومة تلقنه الدروس”.
جبهة لبنان
وأشار إلى أن الاحتلال باغتيال السيد حسن نصر الله وقادة في المقاومة سيكتشف فشله عندما ينزل إلى أرض المعركة في جنوبي لبنان.
وشدد عضو قيادة حماس في غزة: نتنياهو حاول وفشل بإضعاف جبهة الإسناد اللبنانية، حيث قدمت المقاومة في لبنان الغالي والنفيس من أجل استمرار الوفاء بوعدها ومواصلة إسناد غزة.
وأكد أن “التصعيد الذي بدأه الاحتلال ضد حزب الله يكشف عن نواياه، ووجود هذه الجبهات أو تعدد هذه الساحات والجبهات المفتوحة ضد الاحتلال يخدم المشروع الكلي وليس طرفا واحدا”.
وشدد على أن “تعدد الجبهات يكشف ضعف إستراتيجية هذا الاحتلال، ويظهر حجم مساحة المناورة على المستويين البشري والجغرافي نوعيا وكميا، وبالتأكيد هذا ليس في صالحه وسيخدم المعركة الشاملة لصالح الشعب الفلسطيني”.
وكمثال، قال: “إسرائيل” عندما دخلت معركة غزة جاءت بنحو 350 ألفا إلى 400 ألف جندي، وجزء كبير من هؤلاء سُحبوا من الاقتصاد ومن الجامعات ومن المستشفيات ومن البنوك والشركات، وعندما قرر جيش الاحتلال الذهاب للشمال للتصعيد لم يتمكن في ذروة المعركة في القطاع، رغم أن قرار التصعيد كان موجودا منذ وقت مبكر”.
وكان باسم نعيم ضيف برنامج وجهات نظر عبر الجزيرة 360 في حلقته الأولى يطرح مجريات الأحداث محليا وعالميا وبتحليلات عميقة.
وفي لقاء باسم نعيم مع “الجزيرة نت” أضاف أن طوفان الأقصى ليس نتاج لحظة غضب وأنها “لم تكن باسم حزب سياسي أو حركة مقاومة، وليست باسم غزة أو فك الحصار، لكنها معركة باسم الشعب الفلسطيني من أجل الدفاع عن حقوقه الثابتة وتحقيق استقلاله وتقرير المصير”.
وأشار إلى أنه “..على مدار 76 سنة لم يخل شهر أو عام من مجزرة أو جريمة ترتكبها إسرائيل، ليس في حق الفلسطينيين وحدهم، بل ارتكبتها في حق مصر وليبيا وتونس وسوريا والعراق واليمن”.
وعن لحظة الغضب أو اليأس اللحظي، نفى باسم نعيم أن يكون ذلك منطلق طوفان الأقصى موضحا، “لدينا مئات الكيلومترات من الأنفاق التي لم تجهز خلال أسبوع أو أسبوعين أو شهرين من قبل الطوفان، هذه عمرها 20 عاما من تجهيز التصنيع العسكري وإعداد المجاهدين وإعداد المقاومة”.
مكاسب طوفان الأقصى
وقال “من ينظر إلى العام الماضي عامة سيرى مشهدين: المشهد الأولى هو مشهد الإرادة الفلسطينية في الدفاع عن حقوقها، وهو مشهد البطولة والصبر والثبات والتشبث بالأرض والحقوق والصمود الذي قدمه شعبنا.
المشهد الثاني هو “مشهد الألم الذي ترتب على هذا العدوان السافر الهمجي الوحشي الإسرائيلي على شعبنا، وللأسف بمشاركة دولية مباشرة تقودها الولايات المتحدة الأميركية والدول الكبرى في القارة الأوروبية”.
وأضاف أنا معركة ليست معركة غزة ولا من أجل فك الحصار، بل هي معركة من أجل القدس والمقدسات، ومن أجل الأرض والهوية، ومن أجل الحقوق الثابتة والحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة.
وأضاف أن الإنجازات التي حققتها المقاومة:
أولا- قبل شهور من معركة طوفان الأقصى كانت القضية الفلسطينية تكاد تكون منسية، ولم يكن لها ذكر على طاولة المجتمعين الإقليمي والدولي.
ثانيا- فشل مخططات دمج الكيان الإسرائيلي في المنطقة وتطبيع العلاقات وإعادة هندسة المنطقة بما يخدم هذا الكيان واستمراره وسيطرته على الإقليم ومقدراته، وذلك من خلال الاتفاقات الإبراهيمية.
ثالثا- أعيد فرض القضية الفلسطينية على الطاولة، وأدرك الجميع أنه لا يستطيع أحد تجاوز الشعب الفلسطيني، أو الذهاب مهما إلى أي مخططات أخرى دون حل القضية الفلسطينية.
رابعا- إسرائيل تلقت في السابع من أكتوبر ضربة قوية خلخلت الأعمدة التي يقف عليها هذا الكيان، وأثبتت عملية طوفان الأقصى أن هذا الجيش لم يعد ذلك الذي يوصف بأنه لا يُقهر، وبإمكانات محدودة جدا ومن الشباب المجاهد اتضح أنه يمكن هزيمته وشله وإضعاف قدراته على الرد لساعات وأيام.
خامسا- لم تعد إسرائيل ذلك الحصن الآمن لكل يهودي حول العالم، ولم تعد قادرة على حماية من هم داخل الكيان، وهناك عشرات آلاف اليهود الذين فروا من بيوتهم وغير قادرين على العودة إليها حتى الآن. وبالتأكيد من هو غير قادر على حماية مواطنيه داخل الكيان لن يستطيع استقدام المزيد.
سادسا- الرواية الصهيونية التي كانت مسلما بها على مدار عقود والأكثر رواجا في المجتمع الدولي، لم تعد كذلك اليوم حتى لدى فئات كثيرة كانت محسوبة على الكيان تاريخيا في الغرب، بعدما تبين لهم أن هذه الرواية مبنية على الكذب والخداع والتضليل.
وانعكس ذلك في هيئة شروخ عميقة في مساحة الرواية والتغطية الإعلامية لدى كثير من مؤسسات الإعلام الدولي الرسمي، وما بقي منها للأسف الشديد أثبتت أنها مجرد أداة وبوق لإعادة إنتاج الرواية الصهيونية، ولم تعد قادرة على الدفاع عن هذه الأكاذيب، ومن ثم اضطرت إلى التراجع أمام ضغط الإعلام الجديد.
سابعا- على المستوى القانوني، فإن إسرائيل على مدى أكثر من 75 سنة ترتكب المجازر، ومنذ النكبة الأولى وحتى طوفان الأقصى لم يحاسبها أحد، وكانت تتمتع بحصانة، أما اليوم فإن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وعددا من وزرائه يلاحقون في المحكمة الجنائية الدولية بصفتهم مجرمي حرب، وأكدت محكمة العدل الدولية -وهي أعلى منصة قانونية في المجتمع الدولي- أن ما تقوم به إسرائيل يصل إلى حد الإبادة الجماعية.
ثامنا- شعبنا الفلسطيني استعاد ثقته في نفسه وفي قدرته على الفعل، تلك الثقة التي امتدت إلى كل الإقليم، خاصة جيل الشباب الذي كاد أن يصل إلى أدنى درجات اليأس والإحباط بعد فشل موجات الربيع العربي.
حساب الخسائر
وعن حجم هذه المكاسب مع ما دفعه الشعب الفلسطيني من خسائر لا تحصى أوضح أن “هذا السؤال تكرر منذ الأسابيع الأولى لهذه المعركة المجيدة، لكن:
أولا- على مدار 76 سنة، ولم يخل شهر أو عام من مجزرة أو جريمة ترتكبها إسرائيل ليس في حق الفلسطينيين وحدهم، بل إنها ارتكبتها في مصر وليبيا وتونس وسوريا والعراق واليمن.
ثانيا- إسرائيل لم تقدم أي رؤية أو أي خطوة عملية تثبت أنها ترغب في التعايش أو السلام مع الشعب الفلسطيني.
ثالثا- في عامي 2000 و2023 وحدهما، قُتل نحو 20 ألف فلسطيني، ودمرت آلاف البيوت، وصودرت عشرات آلاف الدونمات، وانتهكت المقدسات في المسجد الأقصى، وفرضت تهويد مدينة القدس.
ومن ناحية أخرى، الشعب الفلسطيني درس التاريخ جيدا، وأدرك أنه لا يوجد شعب نال حريته واستقلاله حول العالم إلا من خلال هذا مسار المقاومة المسلحة والتضحيات العظيمة، خاصة بعد المسار السياسي الكارثي.
واليوم نحن نتكلم عن 3 ملايين شخص قتلوا في فيتنام في الحرب مع أميركا، و4 ملايين جرحوا. ونتكلم عن الجزائر التي وصل الحد الأدنى فقط أثناء فترة الثورة إلى مليون ونصف مليون قتيل، لكن الجزائريين يتكلمون عن نحو 15 مليونا في كل فترة الاحتلال. والأمر ذاته يتكرر في جنوب أفريقيا وغيرها من الدول.
فلا توجد دولة في العالم تحرّرت عبر المفاوضات السياسية، وهذا الاستعمار بطبيعته وحشي ودموي، ولن يخرج من أرضنا إلا بالقوة نفسها والوحشية ذاتها.
المقاومة ستكرر المعركة ثانية
وعن تكرار المعركة مجددا قال: “بالتأكيد، فليس لنا خيار آخر إلا الاستمرار في المقاومة والاستعداد للتضحية ودفع الثمن، لأننا مؤمنون يقينا بأنه في النهاية سنصل إلى حريتنا وحقوقنا”.
وأضاف “ما حدث في طوفان الأقصى ليس عملية ناتجة عن لحظة غضب أو لحظة يأس، فاليوم نحن نتكلم عن مئات الكيلومترات من الأنفاق التي لم تجهز خلال أسبوع أو أسبوعين أو شهرين من قبل طوفان الأقصى نتيجة الضغط والحصار، هذه عمرها 20 عاما من تجهيز التصنيع العسكري وإعداد المجاهدين وإعداد المقاومة”.
وتابع: “معركة الطوفان سبقتها عدة سنوات من التضحيات، وجاءت ضمن رؤية واضحة ومحددة تقوم على أنه في لحظة معينة ستكون هناك مواجهة، وهذه المواجهة ستكون فاصلة، وبالتالي هذا المسار ليس عفويا انفعاليا، لكنه مسار مبني على رؤية واضحة وإستراتيجية محددة ممتدة، وهي تجهيز وإعداد لعشرات من السنين”.
إستراتيجية سياسة رد الفعل
وعن تعلق استراتيجية المقاومة برد الفعل، أوضح أنه “رغم أن عملية الطوفان تظهر في إطار السياق التاريخي والكبير أنها رد فعل، غير أنها كانت فعلا مبادرا وإن ظهر كرد فعل، لأن وجود الاحتلال هو الفعل، والحصار على غزة هو الفعل، وتهويد القدس وتدنيس المقدسات هو الفعل، وكل ردود أفعالنا مشروعة لشعبنا الفلسطيني في إطار الدفاع عن نفسه”.
وأبان أنه “في التفاصيل فإن الحركة لا تتصرف فقط بمنهج رد الفعل، وكما “فاجأت العدو في السابع من أكتوبر ستستمر في ذلك من جديد في ساحات جديدة وبطرق مختلفة، لأن الأساس في ذلك هو أن يظل هذا العدو تحت الضغط المستمر، وأن يظل مستنزفا على كل المستويات السياسية والأمنية والعسكرية”.
وعن مساندة المحاور، أكد باسم نعيم أن “حماس تعمل على أن تنخرط كل الجبهات داخل فلسطين وخارجها من أجل أن يبقى هذا الاحتلال تحت الضغط والاستنزاف، ورغم تحقيقه بعض الإنجازات بضربة هنا أو هناك، واغتيال أحد القادة هنا أو هناك، فإنها كلها تبقى إنجازات تكتيكية قصيرة الأجل لن تمكنه من تحقيق أهدافه والسيطرة على المنطقة أو الاندماج فيها، إنما يبني مزيدا من هذه الأسوار بمزيد من الدماء والأشلاء”.
تهدئة في الطريق
وعن رسائل التهدئة على الطريق كالتي بينها الخطاب الأخير للرئيس الإيراني في الأمم المتحدة، مع الولايات المتحدة، شدد باسم نعيم على أن:
أولا- المعركة فلسطينية ليست معركة أي أحد، قد تكون هناك أطراف تساند أو تساعد سواء في المنطقة العربية أو الإسلامية أو من الآخرين، وبأشكال مختلفة من النواحي العسكرية واللوجستية والمالية والسياسية، لكن في النهاية هذه المعركة فلسطينية والقرار فلسطيني.
ثانيا- اتخاذ قرار المعركة لم يكن اعتمادا على موقف أي طرف، وإن كان الإسناد والمساعدة أمرا في غاية الأهمية ومرحبا به.
ثالثا- حسب متابعتي لملف العلاقات الأميركية الإيرانية فأعتقد أن بعض الكلمات هنا أو هناك لا يمكنها أن تعالج الشرخ العميق والإستراتيجي والجوهري والبنيوي بين الجمهورية الإسلامية في إيران والولايات المتحدة، لأن أحد عناصر الهوية لهذه الجمهورية بعد الثورة هو العداء لأميركا، وأي حوار يكون فيه نوع من التلطف أو التخفيف هو حوار تكتيكي لحظي ولا يدل على تغير في الإستراتيجيات.
مطالب الحد الأدنى
وعن تفكير حماس في التنازل قليلا عن شروطها من أجل التوصل لوقف إطلاق النار المستمر منذ عام، أوضح “نعيم” الطبيب الفلسطيني من غزة، أن “ما نطالب به (حماس وفصائل المقاومة) هو الحد الأدنى، وما نطالب به هو انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة لأنه لا يمكن أن نقبل بإعادة احتلال القطاع بعد “السابع من أكتوبر”، وما نطالب به هو فتح المعابر وإعادة الإعمار، وما نطالب به هو إطلاق سراح أسرانا الذين هم بالآلاف، وبعضهم اليوم قضى أكثر من 40 عاما في سجون من الاحتلال.
وجدد أنها “مطالب تشكل حدا أدنى، ويصعب على أي مفاوض أن يتنازل عنها، ومع ذلك أظهرت الحركة دائما في كل محطة من محطات التفاوض، وفي الإطار التكتيكي، مرونة وإيجابية بهدف وقف هذا النزيف وإعطاء فرصة للشعب من أجل بناء ذاته”.
وشدد على أن حركة حماس أعلنت أنه لا مجال أكثر للتنازل، وأنها ملتزمة باتفاق الثاني من يوليو، وجاهزة للتنفيذ فورا، لكن المشكلة لم تكن فيما تقبله الحركة، لكنها تكمن في شخص نتنياهو الذي لا يريد الوصول إلى أي اتفاق.