أثار تطبيق قرار محافظة الجيزة باستبدال التوك توك بسيارات “كيوت” في أحياء الهرم والعجوزة ومدن أكتوبر وحدائق أكتوبر، مخاوف السائقين من تأثير هذا القرار العشوائى على الملايين الذين يعتمدون على التكاتك كمصدر رزق وحيد.
كما أثار القرار انتقادات أصحاب معارض بيع“التوك توك” وتجار قطع الغيار ومراكز الصيانة الخاصة بها، متسائلين عن مصير مركباتهم ورؤوس أموالهم، وعما إذا كانت منظومة استبدال “التوك توك” بالسيارات الصغيرة، سيتم تطبيقها إلزاميًا أم بشكل اختياري؟ .
وأعربوا عن تخوفهم من فقدان المصدر الذى يعتمدون عليه من أجل توفير لقمة العيش لأسرهم.
كانت محافظة الجيزة قد أعلنت في نوفمبر الماضي عن بدء تنفيذ منظومة استبدال مركبات “التوك توك” بسيارات صغيرة “الكيوت”، زعمت أنها أكثر أمانًا وذات طابع حضاري، ونسهم فى تحسين السيولة المرورية ورفع جودة الخدمات للمواطنين .
وأرجعت المحافظة القرار إلى ما يسببه “التوك توك” من إعاقة الحركة المرورية وصعوبة الوصول إلى بيانات السائقين، معلنة عن بدء تطبيق المرحلة الأولى من المنظومة على أن يتم تقييم التجربة ميدانيًا قبل تعميمها تدريجيًا على باقي قطاعات المحافظة.
يشار إلى أن إجمالي أعداد مركبات “التوك توك” في مصر يقدّر بحوالي 5 مليون و400 ألف توك توك، فيما يوفر القطاع نحو 250 ألف فرصة عمل جديدة سنويًا .
وبحسب بيانات نشرة حصر المركبات المرخصة، الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء؛ بلغ عدد مركبات التوك توك المرخصة بنهاية العام 2024، نحو 186 ألف و918 على مستوى الجمهورية.
أقل متانة
فى هذا السياق أكد نادر علي، سائق “توك توك” في العشرينات من عمره، أن السيارات الجديدة المطروحة كبديل، غير عملية وغير مناسبة صحيًا أو اقتصاديًا للسائقين، مشيرا إلى أنها أقل متانة وقدرة على تحمل وعورة الطرق الجانبية غير المرصوفة .
وتوقع على الذى يعمل سائقً “توك توك” منذ عام 2021، بعد عدم تمكنه من العثور على فرصة عمل مناسبة بعد حصوله على دبلوم فني تجاري، فى تصريحات صحفية ارتفاع أسعار قطع غيار الكيوت مقارنة بقطع غيار “التوك توك”، فضلًا عن زيادة تكاليف التشغيل والصيانة.
وأشار إلى أنه لا يزال يسدد أقساط التوك توك الخاص به مؤكدا أنه مصدر الرزق الأساسي له، الذي يساعده على إعالة والدته والادخار للزواج، في ظل محدودية فرص العمل المتاحة.
وأعرب على عن مخاوفه مع كثير من السائقين الذين اشتروا مركباتهم بنظام التقسيط وبأسعار تجاوزت 250 ألف جنيه، ولا يزالون ملتزمين بسداد أقساطها، متسائلًا: كيف يُطلب من السائقين التخلي عن “التوك توك” والانتقال إلى سيارة جديدة بينما لم ينتهوا بعد من سداد أقساط المركبة الأولى؟ .
وشدد على أن “التوك توك” يسد فجوة حقيقية في منظومة المواصلات، ولا يمكن الاستغناء عنه في العديد من المناطق والشوارع الضيقة التي لا تستطيع السيارة الجديدة الوصول إليها، وكبار السن وسكان الشوارع الداخلية الضيقة يعتمدون عليه، مؤكدا أن السيارة الجديدة لن تتمكن من دخول معظم هذه الأزقة الضيقة والحارات غير الممهدة .
تقنين وترخيص
وأوضح على أن الحل الأمثل يكمن في تقنين وضع التوك توك وترخيصه بدلًا من منعه، وذلك عبر اشتراط الحصول على رخصة قيادة خاصة، وإجراء تحليل مخدرات، وفحص جنائي، بما يضمن منع غير المؤهلين، لا سيما الأطفال، من قيادته، والكشف عن المركبات المسروقة مشيرًا إلى أنه والكثير من زملائه السائقين، التزموا في السابق بقرارات الأحياء وحرصوا على تركيب أرقام تعريفية على مركباتهم، إلا أن ذلك لا يمكن أن يكون بديلًا عن الترخيص الفعلي.
وكشف أن بعض السائقين يتعرضون لمصادرة مركباتهم عند مرورهم في الشوارع الرئيسية، وتُحتجز لفترات تمتد من شهر إلى شهرين قبل استعادتها بعد سداد الغرامة مطالبا مسئولي الانقلاب بإصلاح منظومة “التوك توك” بدلًا من إلغائها .
وقال على إن وجود سلبيات في أي وسيلة لا يعني بالضرورة منعها، وإنما معالجتها؛ محذرا من أن أي قرار من شأنه حظر التوك توك سيؤدي إلى زيادة البطالة وانتشار الممارسات غير القانونية.
قطع الغيار
وأكد محمد نصر الدين، –سائق في الثلاثينات من عمره، أن تقنين “التوك توك” وترخيصه هو الحل الأمثل لتنظيم العمل، وليس استبداله بالسيارات الجديدة التي بدأت حكومة الانقلاب فى طرحها، مشددًا على أن الكثير من السائقين، وهو منهم، يمتلكون بالفعل تراخيص من المرور .
وقال نصر الدين فى تصريحات صحفية إن قطع غيار السيارة البديلة ومراكز الصيانة الخاصة بها، غير متوفرة بعد بشكلٍ كافٍ، وأنها بالضرورة ستكون أعلى تكلفة من نظيرتها الخاصة بالتوكتوك.
وأشار إلى أنه يعمل سائقًا منذ نحو ثلاث سنوات، يبدأ يومه فى السادسة صباحًا ولا ينتهي قبل 11 ليلًا، سعيًا لتأمين احتياجات أسرته والوفاء بالأقساط الشهرية للمركبة التي يقودها، ولا يزال أمامه نحو ثمانية أشهر لاستكمال سدادها.
واعتبر نصر الدين أن خطط إحلال واستبدال “التوك توك” تهدد مصدر رزق آلاف الأسر التي تعتمد عليه كدخل أساسي، في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة لافتا إلى أن أغلب السائقين مرتبطون بأقساط ثقيلة لمركباتهم الحالية، ما يجعل مطالبتهم بتحمل أقساط جديدة لسيارة بديلة أمرًا يصعب تحقيقه ويتجاوز طاقتهم.
وأوضح أن هناك قطاع كامل يعمل خلف منظومة “التوك توك”، من كهربائيين وميكانيكيين وبائعي قطع الغيار والكاوتش والزيوت، سيتضرر بشدة إذا تم حظر المركبة، لأنها الأكثر استهلاكًا لهذه الخدمات مقارنة بالسيارات، ما يعني تأثر آلاف العاملين بجانب السائقين أيضًا .
المرور والأحياء
وأكد نصر الدين أن السائقين يعانون من مشكلات يومية مع المرور والأحياء، تشمل توقيفهم المتكرر، ودفع رشاوى في بعض الحالات، وتهديدهم بالمحاضر أو حجز المركبات، لافتًا إلى أنهم فئة بلا حماية، فليس لديهم معاش أو مظلة تأمينية، رغم أنهم يدفعون رسومًا ومصاريف دورية للمرور.
وشدد على أن سائقى التوك توك لا يعارضون طرح السيارات البديلة، لكنهم يرفضون أن يتم فرضها بالقوة بدلًا من منح السائقين حرية الاختيار، مؤكدًا أن المشكلة ليست في التوك توك ذاته بل في سوء الاستخدام وغياب الانضباط، وأن المطلوب هو التنظيم والانضباط وليس الاستبدال.
