تحديات تحول دون انحياز السودان لمصر في ملف سد النهضة

- ‎فيتقارير

هناك العديد من التحديات أمام إمكانية نجاح سلطات الانقلاب في تغيير الموقف السوداني من أزمة سد النهضة لصالحها، فربما يكون أقصى النجاحات التي قد تصل إليها المساعي المصرية هي قيام السودان بالتوسط لدى إثيوبيا؛ من أجل العودة مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات، دون ضمان أن تسفر تلك المفاوضات عن اتفاق حقيقي لحل أزمة سد النهضة.

السودان مستفيد من السد

ويرى مراقبون أن العقبة الأولى التي تحول دون تغير الموقف السوداني هو أن السودان مستفيد من السد.

ويبدو أن الفائدة الكبيرة الأولى التي ستجنيها السودان من السد الإثيوبي، هي تمكين الخرطوم من استغلال حصتها كاملة من مياه النيل، وستسمح بمرور قرابة التدفق المتبقي من إجمالي التدفقات السنوية (31 مليار متر مكعب)، على مدار العام، مما سيساعد السودانيين على زراعة أراضيهم (ثلاث دورات زراعية)، بدلًا من دورة واحدة حاليًّا.

وبسبب حجز إثيوبيا كل المياه الفائضة القادمة من مرتفعات الهضبة الإثيوبية في موسم الأمطار الغزيرة خلال فترة الصيف؛ سيؤدي ذلك إلى وقف الفيضانات المدمرة التي كانت تؤرق السودانيين كل عام، وتتسبب في مصرع العشرات، وتدمير الممتلكات، وجرف الأراضي الزراعية.

ويضاف لذلك 3 أسباب أخرى وهي حصول السودان على طاقة كهربائية بأسعار زهيدة، تقل عن تكلفة التوليد المحلي بالسودان وإنشاء السدود، فضلا عن انتظام الملاحة على النيل الأزرق ونهر النيل طوال العام، كما ستقل كمية الطمي الضار الذي يأتي للسودان سنويًّا مصحوبًا بالنفايات وجثث الحيوانات النافقة، والتي تكلف الدولة مبالغ كبيرة لصيانة سدود السودان.

لماذا تساند السودان إثيوبيا؟

إذا وبحسب تقارير، فإن سبعة عوامل مساعدة للموقف السوداني الداعم لإثيوبيا، تتمثل في  موقف إثيوبيا من الثورة السودانية مقارنة بالموقف المصري؛ وشعبية رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، ودوره في التوصل إلى الاتفاق الدستوري بين قوى الحرية والتغيير من جانب والمجلس العسكري، فيما كان السيسي من بين من حاول تثبيت الحكم العسكري، والقضاء على الثورة.

ويبدو الارتباط الشخصي الوثيق بين رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك والقادة الإثيوبيين، فحمدوك أقام بالعاصمة الإثيوبية طيلة الـ20 عامًا الماضية، وكان مقربًا من حكام إثيوبيا بمن فيهم آبي أحمد.

ويراهن الجانب المصري على عساكر المجلس السيادي، وهم الفئة المكروهة في الشارع السوداني؛ إذ يعتبرها المواطن السوداني العادي امتدادًا لنظام المخلوع عمر البشير، إلى جانب تورط العسكر في مجزرة القيادة العامة، وعلاقاتهم المريبة بدول الثورات المضادة “الإمارات والسعودية”، ويرى مراقبون أن ظهور البرهان وحميدتي كداعمين للموقف المصري، يجعل القضية خاسرة شعبيًّا من البداية، والحاضنة الشعبية مهمة لأي قرار مصيري في السودان في الوقت الحاليّ؛ لكون أداء الحكومة مراقبًا من الشارع الذي لا يزال ثائرًا، كما لم يقدم السيسي أي حبال تواصل مع المدنيين الموجودين في الحكم.

ولم يقدم نظام السيسي الكثير للسودان؛ فهو لا يستطيع تقديم دعم مادي ومالي للسودان، رغم وعوده.

وبرأي التقارير، تتساوى الحاجة السودانية في الجانب الأمني بين مصر وإثيوبيا؛ من أجل حماية الحدود ومكافحة الإرهاب، أو في المجال العسكري لإعادة هيكلة الجيش السوداني.

وقالت التقارير، إن هناك ما يشبه توجها سودانيا جديدا، يسعى إلى فك ارتِباط الخرطوم تدريجيًّا بالهوية العربية، ولمصلحة الانتماء الإفريقي، ظهر في رفض السودان التوقيع على بيان جامعة الدول العربية الداعم لمصر في أزمة سد النهضة، وقبلها الموقف السوداني المنقلب على القضية الفلسطينية، والذي ظهر في لقاء البرهان نتنياهو في أوغندا، فضلا عن الموقف المصري من مثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليه بين البلدين.

انقلاب العسكر

وقالت ورقة تحليلية، إنه من الممكن نجاح الجانب المصري في استمالة الموقف السوداني، من خلال مجموعة من العوامل، ومنها هيمنة العسكريين على الحكم بعد الانقلاب على الإسلاميين الذين حكموا السودان في الفترة الماضية؛ مما يخلق التشابه بين النظامين، سينتج دعمًا سودانيًّا للقاهرة يتجاوز الدعم الذي قدمته حكومة عمر البشير من قبل.

وأشارت ثانيا إلى دور الثورة المضادة باعتبار أن كلا البلدين مصر والسودان جزء من المحور الإقليمي، الذي يحبذ العسكر ويرفض الثورة ويعارض الإسلاميين.

ووضعت ضمن هذا الجانب؛ العمل المشترك في ليبيا للثورة المضادة، بتنسيق عباس كامل وحميدتي على نقل 2000 سوداني مدرب إلى مساعدة حفتر لمدةٍ أربعة أشهر، لإنهاء غزو طرابلس وإلحاق أكبر الضرر بتركيا، بإيعاز من قادة المحور الإقليمي في الرياض وأبو ظبي