في حادثة سوهاج.. لماذا تحرك كامل الوزير في حماية الشرطة العسكرية؟

- ‎فيتقارير

"لا والله ما حكم عسكر".. قالها الجنرال السفاح عبد الفتاح السيسي في سياق الدفاع عن العملية الانقلابية التي أطاحت بالمسار الديمقراطي وانقضّت على ما تبقى من مكتسبات يناير، يكذب كعادته، إلا أنه هنا صادق من وجه، لعله كان يقصده، ساخرا في أعماق نفسه من هؤلاء الذين يتصورون أن حكمه تكرار لتجربتهم مع الحكم العسكري، المدني الواجهة والديكورات، ناصر، والسادات، ومبارك.
وفي حادثة تصادم قطارين في محافظة سوهاج سقط مشهد لم يلحظه الكثيرون، وهو أن وزير النقل في حكومة الانقلاب "كامل الوزير" انتقل إلى موقع حادث القطار في حماية الشرطة العسكرية، ويفترض أنه يترأس وزارة مدنية لا علاقة لها بالجيش، ما يثير تساؤلات حول نوايا عصابة الانقلاب بالاستمرار في إرهاب الشعب باستخدام جيشه، فهل يبرر إعلام وبرلمان العسكر إن كان هناك نصا قانونيا يعطي وزير النقل هذا الحق؟
وزير النقل والمواصلات الفريق "كامل الوزير" نال نصيبا كبيرا من غضب المصريين الذين توقعوا عدم المساس بالوزير المفضل لدى السفاح عبد الفتاح السيسي، رغم أنه جاء للمنصب بعد استقالة وزير النقل السابق هشام عرفات من منصبه يوم 27 فبراير 2019 على إثر حادث قطار محطة رمسيس الذي أودى بحياة 21 شخصا وإصابة 52 آخرين.

مطالبة بالرحيل
تعامل المواطنين في مكان الحادث مع كامل الوزير كانت مختلفة عما يحظى به من السلطة، حيث حاول تهدئة من قابلهم لدى وصوله إلى منطقة الحادث لكنهم رددوا ضده هتافات تطالبه بالرحيل، وكان لافتا أن الوزير وصل إلى المنطقة وسط حراسة مشددة من قوات الجيش والشرطة العسكرية.
يقول الناشط محمود أبو الليل: "الخوف من الشعب وغضبته يخليهم يعملوا أكتر من كده والشعب بس هو اللي مش عارف مقدار قوته"، ويقول صاحب حساب عم اللول:" ما لا تلحظه أن مصر تحت الاحتلال العسكري منذ يوليو 2013".
وتقول مشمشة صبري: "مش إذا كانو بيعتبرونا شعب وله حق أصلا .الناس دى بتعتبرنا عبيد عندها ليس لنا حق فى أي شئ بل هم يتفضلون علينا ببعض الخدمات المنقوصة والملوثة بالدماء. لنا الله".
وكانت هيئة السكك الحديدية قد أعلنت أن قطارين اصطدما في سوهاج، ثم صدرت عن الهيئة رواية تتهم مجهولين بالعبث بفرامل الطوارئ الخاصة بالقطار ما أدى إلى توقفه واصطدام الآخر به من الخلف، مضيفة أنها تجري المزيد من التحقيقات بشأن الحادث.
وفي مقطع فيديو تم تداوله في وقت متأخر من مساء الجمعة الماضية أظهر واحدا من أهالي المنطقة وهو يتحدث عن عدد كبير من الضحايا، حيث قال إن سيارات الإسعاف استخدمت أكثر من 400 كيس من الأكياس التي تستخدم لوضع جثث القتلى بها.
كما تحدث المواطن عن وجود عدد من جنود الجيش المصري بين الضحايا، مشيرا إلى أن القطار الذي كان في المقدمة وصدمه قطار آخر من الخلف، كانت عرباته الثلاثة الأخيرة مخصصة لنقل الجنود.

دلوعة الجنرال يعترف بالفشل
وثارت تساؤلات حول مصير "كامل الوزير" الذي شهد عهده العديد من الكوارث اتهم فيها بالتقصير والعجز، خاصة في حادث سوهاج الذي اعترف بعده أنهأمر سائقي بفصل تقنية ATC والتي من شأنها السيطرة على سرعة القطار وإيقافه إذا حدث أي ظرف عارض، وتقليل سرعة القطار إلى 8 كيلومترات.

وقال في حواره مع عمرو أديب بعد الحادث: "في حادث سوهاج أيضا سائق القطار الخلفي كان فاصل الـATC». لافتا إلى إصداره تعليمات سابقة بشأن التخلي عن تقنية ATC في بعض الأماكن؛ نظرا لتسببها في بطء الحركة وتأخر القطارات، واعترف قائلا: "لما حصل تأخير في القطارات ومواعيدها، قعدنا مع السواقين وقلنا لهم أنتم سواقين كبار عندكم خبرة، في بعض الأماكن اللي هيعطلك فيها الـATC استغنى عنه وامشي بسرعة قليلة تمكنك من السيطرة على القطار".

https://www.youtube.com/watch?v=7CTJzDJwWdA

واستعان السفاح السيسي برئيس الهيئة الهندسية اللواء كامل الوزير لمنصب وزير النقل بعد كارثة حريق محطة سكك حديد مصر، التي أودت بحياة 26 مصريا وأصابت أكثر من 40 آخرين، في فبراير 2019.
ومع مطالبات اعلام الانقلاب ذلك الحين بتولية قطاع النقل المتدهور لشخصية عسكرية، منح السفاح السيسي كامل الوزير لقب فريق، وأطلق يده في فعل ما يشاء في ملف النقل، وأقر له بسلطة عقد اتفاقيات بقروض مالية بلغت مليارات الدولارات لأجل تنفيذ مشروعات النقل.
وهو ما اعتبره مراقبون بأنه استكمال لعسكرة وزارة النقل، التي قالت عنها صحيفة "التحرير" المؤيدة للانقلاب، عام 2016، إن هناك 100 جنرال بوزارة النقل يتقاضون رواتب شهرية تصل إلى 50 مليون جنيه، بينما يتقاضى باقي الموظفين 8 ملايين جنيه فقط.
واعتبر مراقبون أن "الوزير"، يعد متورطا ومسؤولا عن الحادث بالنظر إلى تصريحاته بالمؤتمر الصحفي، والتي قال فيها إنه تراجع عن تشغيل "المسير الإلكتروني" بسبب اعتراض المواطنين على التأخير.ى معتبرين أن اتخاذ الوزير لقرار وقف نظام المسير الإلكتروني بحجة ضغط المواطنين، يضعه محل اتهام، وينفي رواية وزارة النقل الأولى بتورط مجهولين في حادث قطاري سوهاج.
وقال مراقبون إن تصريح الوزير "استحملونا شوية" يعد استخفافا بما يمر به أهالي الضحايا، والمواطنون المضطرون لركوب القطارات، معتبرين أن الوزير لا يجيد التحدث إلى وسائل الإعلام ولا يدرك أبجديات الحوار مع المواطنين.