العصيان المدني يقترب بمصر مع فشل السيسي الاقتصادي والصحي أمام كورونا

- ‎فيتقارير

توقّعت دراسة أجراها مركز كارنيجي لدراسات السياسات مؤخرًا، اتجاه مصر نحو حالة كبيرة من عدم الاستقرار السياسي، بسبب سياسات النظام الانقلابي الذي يقوده السيسي ومجموعة من العساكر التابعين الذين لا يجيدون إلا العمل بالوحدات العسكرية بعيدًا عن المجتمعات المدنية.

وأبرزت الدراسة عددا من النتائج، أهمها؛

– أن السيسي معرّض للغضب الشعبي بعد سيطرته على الدولة وتركيزه السلطة في يده باضطراد.

– أنه ينبغي على حكومة السيسي أن تقلق من التداعيات الاقتصادية للأزمة في المدى الطويل.

– كما أنه في المدى الطويل ليس السيسي في مكانةٍ جيدة تجنّبه الغضب الشعبي لدى تفاقُم مشكلات الاقتصاد.

– تعاني مصر هشاشة كبيرة إزاء صدمة كورونا الاقتصادية؛ لاعتمادها الشديد على التمويل الخارجي والضغوط الواسعة على موازنتها.

– لا يُرجح أن يتحدى المصريون حكومتهم حاليا على خلفية أزمة كورونا، لكن السيسي قد يواجه غضبا شعبيا بسبب تأثير الفيروس في المدى الطويل.

ويقول معدا الدراسة، رينو سينغ وسكوت ويليامسون: “يستقطب القطاع السياحي الضخم في مصر عددا كبيرا من الزوّار الأجانب، ولذلك كانت البلاد عرضةً، منذ بدء تفشي وباء “كوفيد 19″، لدخول أشخاص ربما يحملون الفيروس. وبعدما استخدمت الحكومة المصرية في البداية أسلوب الإنكار وقللت من شأن الأزمة التي كانت تلوح في الأفق، عادت فطبّقت سلسلة من السياسات الاحترازية التي ترمي إلى احتواء الفيروس”.

وأضافا أن تحمل السياسات التي تقيّد النشاط الاقتصادي خطر التسبب بصعوبات جمة للأعداد الكبيرة من المواطنين الفقراء في البلاد، ولكن هذه التحديات لن تفضي على الأرجح إلى ظهور معارضة جدّية للحكومة في المدى القصير إلى المتوسط.

والحال أن الأزمة، ورغم أثرها الاقتصادي السلبي، قد تسهم في تعزيز الدعم للسلطات. لكن في المدى الطويل، ليس السيسي في مكانةٍ جيدة تخوّله تجنّب الغضب الشعبي في حال تفاقُم المشكلات الاقتصادية. وانتقدت الدراسة الإجراءات التي اتخذها النظام المصري والتي جاءت متأخرة.

ورغم هذه الخطوات، تواجه الحكومة عقبات تعترض المساعي الهادفة إلى التخفيف من أثر الجائحة. فمؤسساتها السياسية صُمِّمت لحماية مصالح نخبة عسكرية ضيّقة، وهي غير قادرة على الاستجابة على نحوٍ فعال لأزمة كبرى في مجال الصحة العامة.

مستشفيات منهارة

المنظومة الصحية هشّة في أفضل الأحوال. إضافةً إلى ذلك، طبّقت الحكومة، في الأعوام الأخيرة، سلسلة من السياسات المالية لخفض عجزها، ولكن هذه السياسات تسببت باستفحال الفقر في البلاد. فقد أشارت تقديرات البنك الدولي، في نيسان/ أبريل 2019، إلى أن 60% من المصريين يعانون من الفقر أو الهشاشة.

سوف يُسدّد التراجع في القطاع السياحي وانخفاض التحويلات المالية بسبب “كوفيد 19” ضربة قوية لهؤلاء المصريين الفقراء. وسوف يزداد هذا التأثير سوءا بسبب السياسات التي تحدّ من النشاط الاقتصادي في إطار إجراءات التباعد الاجتماعي.

تململ شعبي

ورغم أن هذا الأثر الاقتصادي لا يزال في بدايته، تُظهر بعض المؤشرات تململا واسعا من السياسات الحكومية. معتبرين أنها تلقي بعبء ثقيل على كاهل الفقراء، فيما اعتبر آخرون أن السلطات لم تبذل مجهودا كافيا لاحتواء الفيروس.

لكن من غير المرجّح أن تولّد هذه المشاعر استياء واسعا من الحكومة في المدى القريب، أمام سياسات القمع الحكومي لمن ينشر أي أخبار أو تقارير عن حقيقة الإصابات، سواء بالحبس والاعتقال أو طرد مراسلي الصحف الأجنبية وإغلاق مقار  الصحف الأجنبية كالجارديان.

ليست هذه الممارسات القمعية بالأمر الجديد على الحكومة الشديدة السلطوية في مصر، لكنها تطرح تساؤلات بشأن ما إذا كانت السلطات تخفي شيئا ما، على الرغم من أن الحكومة تقرّ الآن بوجود أكثر من 3000 إصابة في مختلف أنحاء البلاد.

وتؤكد الدراسة أن غياب الشفافية قد يؤدّي إلى إضعاف قدرة الحكومة على احتواء الفيروس من خلال الحد من استعداد المصريين للالتزام بسياسات التباعد الاجتماعي. ولكنه يخدم أيضا أهداف الحكومة، لأن عددا كبيرا من المصريين غير قادر على الوصول إلى المعلومات التي تشكك في الاستجابة الحكومية.

فأكثر من نصف المصريين يحصلون على الأنباء من شاشات التلفزة والصحف. وهذه المعلومات تتحكّم بها السلطات إلى حد كبير، ويمكن أن تكون ذات فعالية في إقناع المصريين بآراء الحكومة.

ومن المتوقع في هذه الظروف أن يكون السيسي معرّضا على وجه الخصوص لسهام الغضب الشعبي.

مناعة القطيع

وكان السيسي قد قرر استخدام سياسة “مناعة القطيع” في مواجهة فيروس كورونا، وذلك رغم العلم بحال المنظومة الصحية بمصر، التي تحدث عنها نصًا خلال مؤتمر صحفي حول ملف حقوق الإنسان قائلا: “حقوق الإنسان ليست قاصرة على الحقوق السياسية فقط!، لماذا لا تسألني عن حق الإنسان في مصر في التعليم الجيد؟ ليس لدينا تعليم جيد، لما لا تسألني عن حق العلاج الجيد في مصر؟ “ليس لدينا علاج جيد في مصر”.

وبالرغم من تلك الصورة القاتمة التي رسمها لمصر أمام العالم، واستكملها داخليًا بإخبار الشعب بمناسبة وبدون مناسبة أنهم أمة عوز، وأنهم (فقرا قوي)، إلا أنه اختار مناعة القطيع التي تحتاج لنظام صحي قوي جدًا لا تملكه مصر ولا أي دولة في العالم، كما كشف لنا ذلك الفيروس.

وبحسب مراقبين، فإن السيسي بعدم تطبيقه الحظر الكامل يطيل بقاء نظامه الذي صار رحيله حتميا؛ لأنه لن يستطيع قريبا أن يوفر للشعب رغيف الخبز إن طال وجود فيروس كورونا.

فالسيسي جرف الدولة من كل مواردها بمشاريع فاشلة لا طائل منها سوى العرض الإعلامي، واللقطة التي تسجلها العدسات.