بعد تصديق المنقلب على قانون العمل الأهلي.. 50 ألف جمعية مهددة بالشطب والإغلاق

- ‎فيتقارير

بعد مرور أكثر من عام على تصديق قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، على قانون ممارسة العمل الأهلي، وافق مجلس وزراء العسكر، مبدئيا، على إصدار اللائحة التنفيذية للقانون، دون إعلان عن بنودها لتهدد بحل وإغلاق حوالى ٥٠٣٢٦ جمعية ومؤسسة أهلية بحسب إحصاءات الإدارة المركزية للجمعيات والمؤسسات الأهلية بوزارة التضامن الاجتماعي التابعة لحكومة الانقلاب.
وأكد حقوقيون أن إصدار اللائحة التنفيذية للقانون يهدد العمل الأهلي في مصر، وقد يؤدي إلى شطب وإغلاق مئات الجمعيات والمنظمات الأهلية.

كانت السفارات الغربية في القاهرة، أبلغت حكومة الانقلاب بأن المنظمات والمؤسسات الغربية الكبرى، المهتمة بتمويل العمل التنموي في البلاد، والتي كانت أوقفت تمويل مشاريع عديدة، لن تعود لتمويل الأنشطة التنموية والثقافية والصحية والدراسية في مصر، بسبب هذا القانون.
وتخشى هذه المؤسسات من مشاكل عدة عانت منها سابقا في الفترة بين عامي 2013 و2017، بينها التضييق على التمويل الذي كانت ترسله إلى المنظمات والهيئات التعليمية والحقوقية المصرية، واحتجازه لفترات طويلة لدى وزارة التضامن بحكومة الانقلاب، ومنع إتمام بعض المشاريع التي حازت على موافقات حكومية بالفعل.
ووفق القانون الجديد، فإنه على جميع الجمعيات والمؤسسات الأهلية والاتحادات والمنظمات الإقليمية والأجنبية غير الحكومية والكيانات التي تمارس العمل الأهلي أن تقوم بتوفيق أوضاعها خلال سنة من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية للقانون وإلا قضت المحكمة المختصة بحلها.

أزمة كبيرة
يشار إلى أن منظمة العفو الدولية، كانت قد طالبت حكومة الانقلاب بعدم التصديق على القانون، ووصفته بأنه الأكثر قمعا بحق الجماعات الأهلية والحقوقية بالبلاد. وطالبت المنظمة السيسي بتعديل هذا القانون، مؤكدة أنه يخالف الدستور وينتهك الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان. واعتبرت أن مشروع القانون هو الأكثر قمعا للمشاريع المتعددة التي اطلعت عليها منظمة العفو الدولية منذ عام 2011 وحتى الآن.

من جانبه يرى محمد لطفي مدير المفوضية المصرية للحقوق والحريات أن صدور اللائحة التنفيذية للقانون لن يعود بالإيجاب على تنظيم العمل الأهلي.
وقال لطفى فى تصريحات صحفية إن مئات الجمعيات والمنظمات تواجه أزمة كبيرة في توفيق أوضاعها حسب القانون، ما يعرضها للشطب والاغلاق. محذرا من أن القانون نفسه، يُقيد العمل الأهلي في مصر، وأنه إذا نجحت الجمعية في التسجيل، الذي لن يكون بمجرد الإخطار، فانه يصعب عليها القيام بأي خطوة أخرى دون تصريح.
وأوضح لطفى أن أي خطوة تحتاج إلى موافقات، وإلا سنواجه عقوبات وغرامات باهظة، مشيرا إلى أن العمل الأهلي عمل مجتمعي يحتاج إلى أن يكون المجتمع حرا، يستطيع القيام بما هو مطلوب منه، وفي حالة كان المجتمع حرًا لا حاجة لقانون ينظم عمله الأهلي.

وطالب "لطفي" بأن تكون محاسبة الجمعيات الأهلية فقط عند ارتكاب أي جريمة أو مخالفة قانونية، مؤكدا أن قانون العقوبات به ما يكفي، للمحاسبة على ذلك. وأشار إلى وجود مواثيق دولية تخص ذلك العمل، ينص عليها الدستور المصري، يجب أن تطبق، لكن القانون نفسه قيّدها.

انتهاك جسيم
وقال حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن القانون مخالف للمعايير الدولية والدستور المصري، ويمثل انتهاكا جسيما لحرية المجتمع المدني.
وأضاف "أبوسعدة" فى تصريحات صحفية أن القانون يعطى سلطات واسعة للجهات الرقابية والسلطة التنفيذية في التدخل في عمل الجمعيات وهو ما يشكل قيودا لا أساس لها وغير مبررة.
واعتبر أن إصدار القانون بتلك الصيغة يشكل مخالفة للوعد الذي قطعته حكومة الانقلاب أمام الأمم المتحدة خلال جلسة المراجعة الدورية في المجلس الدولى لحقوق الإنسان بجنيف عام 2014 والتى تعهدت خلالها والتزمت بتوصيات تحرير المجتمع المدنى في القانون الجديد وهو ما لم يحدث فعليا.

وقال الحقوقي "محمد زارع"، إن القانون تم إقراره من جهات عليا، وليس هناك نية لتعديله. واعتبر فى تصريحات صحفية أن القانون، يشكل حلقة أخيرة ضمن حلقات القيود على المجتمع المدنى بدأت بالتحقيق مع النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والملاحقة القضائية والتحفظ على أموالهم ومنعهم من السفر، وانتهت بالقضاء على المنظمات بقانون غير دستورى ومخالف لكافة المواثيق الدولية.

وأكد "زارع" أن هذا القانون يضع مصر في مصاف الدول شديدة العداء للعمل الأهلى إذا تم مقارنة القانون بدول مثل كوريا الشمالية والصين وغيرها، معتبرا أن القانون لا يختلف كثيرا عن قرار حجب المواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت.