في ذكرى اغتياله.. أبناء طارق الغندور ينفّذون عهده مع الله وذكريات مؤثرة من رفاق زنزانته

- ‎فيلن ننسى

حلَّت قبل ساعات الذكرى الخامسة لاستشهاد الدكتور طارق الغندور الأستاذ بطب عين شمس، وهو أحد أوائل شهداء الإهمال الطبي بسجون الانقلاب العسكري الدموي.

وكان الأكثر تذكرًا للشهيد أسرته وحماه الدكتور حسين حسين شحاتة، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، الذي كتب قبل يومين على حسابه متذكرًا استشهاد “الغندور”: “ذكرى استشهاد الدكتور طارق الغندور الأستاذ بطب عين شمس, من حقه علينا الدعاء له وإنفاذ عهده مع الله, ورعاية أولاده, وصلة رحمه”.

ولم يقصر أبناؤه في إنفاذ عهد والدهم مع الله، وهو ما كشفت عنه أرملته إيمان حسين شحاتة عندما زفّت خبرًا عن تخرج ابنها “البراء”، وكتبت عبر حسابها: “ابني الجميل وحبيب قلبي البراء بن طارق حفظك الله يا بني ونفع بك.. خليت الذكرى الخامسة لاستشهاد والدك الحبيب لها طعم آخر غير التي قبلها.. أجواء فرحة تشوبها ذكريات مؤلمة. أدعو الله أن يلحقنا به جميعا فى الفردوس الأعلى من الجنة”.

أما آية طارق فسبق أن نجحت وحصلت على درجة امتياز مع مرتبة الشرف بطب عين شمس؛ حيث كان والدها أستاذًا بنفس الكلية.

في حماك ربنا بصوت الشهيد:

وقالت الدكتور آية طارق الغندور بعد نجاحها بامتياز: “هذا بفضل دعاء والدي ووالدتي وجداتي..”.

وفي 2015 أي بعد اغتيال والدها من قبل إدارة السجن بالإهمال الطبي تمكنت الأستاذة بطب عين شمس من إتمام حفظ كتاب الله كما وعدت والدها.

ويعلق د. حسين شحاتة قائلاً في تغريدة سابقة: “سألني زميل وأخ للدكتور طارق الغندور يرحمه الله عن أولاد الدكتور طارق, فقلت له: “ذرية صالحة نعم التربية القرآنية، دين وخلق وتفوق علمى متميز, هم على درب والدهم ومنفذين لعهوده”.

أختنا الفاضلة الدكتورة المحترمة Eman Shehata …. زوجة الشهيد د. طارق الغندور …. معلمنا ومربينا ، حافظ القرآن ، واللي…

Posted by Ihab Aly on Tuesday, November 12, 2019

شهيد الحق

وارتقى الأربعاء 12 نوفمبر 2014، د. طارق الغندور شهيدًا، داخل المعتقل، بعد تدهور حالته الصحية بشكل كبير، وقد تم حرمانه من العلاج وتعنتت إدارة سجن “شبين الكوم” في نقله لمستشفى معهد الكبد في شبين الكوم يتلقى فيها العناية التي تناسب ظرفه الصحي كمريض للكبد، إلا بعد أن ساءت حالته الصحية بشكل كبير.

وأضاف مقربون منه أنه ظل ينزف 6 ساعات دون أن يتمكن الفريق الطبي بالمستشفى من إنقاذه؛ الأمر الذي أدى لاستشهاده رحمه الله.

واعتقل الشهيد من منزله يوم 18 ديسمبر 2013 ووجهت له تهمة الانتماء لجماعة إرهابية، وهو العالم المصري المعروف وأستاذ الجلدية بكلية الطب جامعة عين شمس، فضلاً عن إشرافه على أكثر من 100 رسالة ماجستير ودكتوراة وبحث علمي، وله العديد من المؤلفات في مجال الأمراض الجلدية والعقم، كما يحفظ القرآن الكريم وحاصل على العديد من الدرجات العلمية في الدراسات الإسلامية.

الصورة المبكية لأصغر أولاده يغطّ في نوم عميق بجوار جثمان والده:

ذكريات الرفاق

ومن ذكريات السجون، يقول محمد عبد الحفيظ رفيق زنزانة “الغندور”: أعرف د. طارق منذ 2007، ولكن زادت العلاقة أكثر بعد دخلت السجن، أنا أول مرة أعتقل ولا أعرف ما المجهول الذي ينتظرني، حينما دخلت زنزانة 2 في قسم أول مدينة نصر وكانت بي بعض الكدمات والخدوش، حينما دخلت الحجز ونظرت إلى وجوه الجنائيين والدخان الذي يملأ أجواء الزنزانة وليس هناك مكان لقدم، انقبض قلبي فكان الدكتور طارق الغندور أول من استقبلني وأسرع نحوي وساعد في حملي وجعلني أنام مكانه، وقام على علاجي ودهن موضع الكدمات.

وأضاف: “وجدت الجنائيين يحبون الدكتور طارق حبا شديدا ويلجأون إليه في كل شيء ويستشيرونه في أمورهم وكان هو يحسن إليهم في كل شيء ويأتي إليهم بالأطعمة المختلفة والحلويات حتى إنه ذات مرة فاجأ أحد الجنائيين وكان نبطشي الحجز (مسئول الحجز) في يوم ميلاده بتورتاية جميلة أهله جابوها مخصوص في الزيارة لرضا الشهير بأبو الغضب المحبوس بتهمة السرقة، ومش عارف أقولكم كان شعور رضا ازاي لما الدكتور طارق قال الناس: النهاردة يوم ميلاد رضا، واحنا نقوله كل سنة وانت طيب ودى هدية منى له، لذلك كان رضا بيحلف بحياة الدكتور طارق وكان رضا يصحى الفجر ويصحى الناس الفجر بالعافية”.

وأشار إلى أنه “في مرة ظباط القسم حبوا يكدروا الدكتور طارق فنقلوه لأسوأ زنزانة في القسم ومشهورة بعنبر الكفار لأن فيها عدد كبير جدا وفيها كبار الجنائيين.. دخان البانجو والحشيش والسجاير.. دخل الغندور قعد فيها 3 أيام وعمل فيها تغيير محترم، أول ما دخل الجنائيين وسعوا له وقعدوه على المصطبة وجمعهم وبدأ يحكيلهم فى قصص الأنبياء وقالهم: فى الآخر هسأل شوية أسألة اللى هيجاوب على كل سؤال هياخد 25 جنيه هدية وده خلاهم يركزوا ويسمعوا ويجاوبوا على الأسئلة ويأخذوا الجوايز”.

وأضاف أنه “في يوم ترحيل الدكتور طارق لسجن أبو زعبل المساجين فى القسم كلهم كانوا زعلانين جدا وفيه منهم اللى عيط على فراق الدكتور طارق، أنا قعدت بعده فى القسم حوالى أسبوع قبل ما أترحل لأبو زعبل كل واحد فى الزنزانة الدكتور طارق هادية بحاجة واحد يقولك المرتبة دى غالية عليا قوى علشان الدكتور مدهالى والتانى معاه لبس والتالت معاه برفان وكله يقعد يحكي ذكرياته مع الدكتور طارق ويقولوا احنا حبينا الإخوان علشان الدكتور طارق الغندور”.

الدكتور طارق يحفظ القرآن عن ظهر قلب وكان يصلى بنا القيام بصوته العذب الهادئ فيؤثر في قلوبنا تأثيرا واضحا لأنه بكل بساطة كان يقرأ القرأن بقلبه وليس بلسانه فقط”.

وختم قائلا: “لو قيل لي اختر رجلا تحسبه من أهل الجنة لاخترت الدكتور طارق الغندور.. أحسبه شهيدا وقد جمع الله عليه الحبس فى سجون الظالمين ومرض الكبد فاستشهد رحمه الله في سجون الظالمين كما استشهد الامام بن تيمية والامام البويطى تلميذ الشافعى وأحمد بن نصر الخزاعى وسيد قطب وعبدالقادر عودة”.

كلمة أ.د. طارق الغندور لدعم الطلبة المعتقلين:

مواقف لا تنسى

أما محمود محمد علي فيحكي موقفًا مع الشهيد فيقول: “من ضمن المواقف التي أتذكرها لدكتور طارق الغندور عندما كنت أسمع له كتاب أبيات شعرية للقراءات السبع للقرآن الكريم أثناء تحركنا بسيارته وكان لا يتذكر بداية البيت كان يبدو مثل التلميذ الصغير وهو يقول متقولش يا محمود أنا هفتكر كم كان قلبه معلق بالقرآن وكنت أسأله على آيات بطريقة عشوائية فيجيبني بمكان الآية في الصفحة وكيف كان يأتي بمحفظ له ليعلمه القراءات السبع”.

ويقول “زياد” ابنه “آخر محادثة وهو واعي فيها كانت وهو داخل عربية الترحيلات: بابا: شد حيلك يا زياد متكسفنيش.. بتراجع ولا لسة؟ أنا: حاضر يا بابا متقلقش هبدأ مراجعة حاضر (مكنتش اعرف إني اتأخرت أوي عشان افرحه بختم القرآن) بابا: طيب شد حيلك.. وماما عاملة إيه لسة تعبانة؟ أنا: آه لسة في السرير والله دعواتك بابا: ربنا ييسر إن شاء الله.. هتزوروني امتى المكان كئيب ومعيش حد و براء و يحيى وحشوني.. أنا: أول ما ماما تخف هنيجي كلنا إن شاء الله (مكنتش اعرف ان ده كان متأخر أوي) بابا: ماشي سلملي عليهم كتير..المرة اللي بعدها شفته و هو مش قادر يتكلم..كان فايق بس بيشاور بس!

وبعدها دخل في الغيبوبة..

أنا دخلتله كتير وهو في الغيبوبة بس عمري ما عيطت..قبل ما يموت بربع ساعة مكنتش اعرف انه هيموت بس حسيت إحساس وحش أوي وقعدت ابكي من غير سبب و مسكت إيده قعدت اتكلم معاه شوية.. ونزلت بعدها شفته في الكفن! حافظ للقرآن.. فداعٍ إلى الله.. فمجاهد في سبيله.. فمطارد.. فمعتقل.. فحر شهيد بإذن الله.

أحياء في الذاكرة مع أسرة د. طارق الغندور:

آخر ما كتب:

عمرالظلم ما أخّر بكرة .. عمر السجن ما غير فكرة
قولوا للـ cc ويا عصابته .. لازم يوم هتفوقوا م السكرة
مهما تقتل فينا وتحبس .. مهما هتغسل مخ وتكره
لازم هنحرر أوطانى .. م الظالم وبطانته الماكرة
على يلا وعد سجونك .. واحشر فيها صحاب الفكرة
خلى الشرطة تواجه شعبى .. بسلاحها ووشوشها العكرة
إحنا إلهنا شايف سامع .. مش هيضيع جنده الشاكرة
أبدا مش هيوفق ظالم .. ولا أعوانه وخليها فاكرة
إنه بيهمل يوم والتانى .. مكره هنشوفه فيهم بكرة
يا شهيد سايرين على دربك .. عمرك يوم ما هتبقى ذكرى
وهتافنا راح يعلى ويعلى .. رغم أنوف كل اللى بيكره
عمر الظلم ما أخر بكرة .. وعمر السجن ما غير فكرة

زفة الشهيد:

https://www.youtube.com/watch?v=R3NjqX2ohg8