نكشف أكاذيب السيسي بمؤتمر أسوان: معنديش فلوس عندي إرهاب!

- ‎فيتقارير

ما بين السخرية والابتزاز و”الاستهبال” المعهود على المنقلب عبد الفتاح السيسي، جاءت تصريحات السيسي في المؤتمر الذي دشّنه، أمس الأربعاء، بمدينة أسوان مضحكة للمراقبين، الذين فشلوا في تحليل كلام السيسي الذي يتصادم مع أقل درجات العقلانية ومجريات الواقع.

ففي الوقت الذي يطالب فيه السيسي بتنمية الشباب الإفريقي، يحبس قائد الانقلاب أكثر من 75 ألف معتقل في سجون مصر بلا ذنب، وبتهمٍ باهتةٍ مكررة أثبتت الكثير من التقارير الحقوقية المهنية زيفها.

وانطلق في مصر، الأربعاء، منتدى “أسوان للسلام والتنمية المستدامين” في نسخته الأولى، لفتح آفاق جديدة نحو تحقيق السلام والتنمية المستدامة، في إطار رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، بمشاركة ممثلين عن 48 دولة إفريقية، بالإضافة إلى ممثلين عن كل من اليابان، إنجلترا، روسيا، السويد، ألمانيا، بلجيكا، وكندا.

التجارة بالإرهاب

فللمرة المليون يصور السيسي مصر على أنها دولة يأكلها الإرهاب، وجاءت تصريحاته المكررة عن الإرهاب وخطورته، وأنه يكافح الإرهاب نيابة عن العالم، مع أن سياساته كلها تصب في صناعة الإرهاب، وفي نفس الوقت تتسبّب تلك التصريحات في هروب السياحة والاستثمار من مصر.

ودعا السيسي، الأربعاء، إلى وقفة جماعية حاسمة ضد الدول الراعية للإرهاب، والتخلي عن النظرة الضيقة لبعض المصالح المشتركة مع هذه الدول. وهو ما اعتبره مراقبون تلميحًا لرفضه والإمارات جهود المصالحة الخليجية، التي تقودها الكويت وواشنطن لإنهاء الحصار عن دولة قطر.

وقال السيسي: “بصراحة يجب أن نتعامل بحسم مع الدول التي تقوم بدعم ورعاية الإرهاب، ولا ننظر بنظرة ضيقة إلى مصالح من جانب هذه الدول في دعمها لنا بشكل أو بآخر”. وفيما بدا تلميحًا ضد أطراف بعينها، أضاف: “لا أريد الحديث بشكل أكبر من هذا”.

وجاءت تلميحات السيسي في أعقاب تسريبات عن انفراجة مرتقبة في الأزمة الخليجية التي اندلعت، عندما أعلنت السعودية والإمارات والبحرين، إضافة إلى مصر، عن مقاطعة قطر وفرض حصار عليها بدعوى دعمها وتمويلها للإرهاب، وهو ما نفته الدوحة متهمة تلك الدول بمحاولة تغيير نظامها السياسي والتدخل في شئونها الداخلية.

مضيفا: “مصر كانت وما زالت وحدها تقاتل الإرهاب نيابة عن العالم، ليس في سيناء فقط بل على حدود ليبيا أيضًا”، وذلك على الرغم من تسبب التدخل الإماراتي المصري في ليبيا ودعم حفتر في تأجيج الأزمة الليبية ودخولها في نفق مظلم، وهو ما نال انتقادات واسعة من الأطراف الغربية ضد الدور المصري في ليبيا.

معنديش فلوس لكن عندي مكافحة إرهاب!

وخلال المنتدى، أكد السيسي أن مصر مستعدة للتعاون مع أشقائها في دول الصحراء، بتقديم كل ما أمكن من خبرات ومعدات في إطار مواجهة الإرهاب، مضيفا: “نحن في مصر مستعدون مع أشقائنا أن نتعاون لتقديم ما أمكن، نحن ليس لدينا قدرات اقتصادية ضخمة، لكن ما أمكن من التدريب ونقل الخبرات وبعض المعدات والذخائر المتاحة لدولنا في الصحراء”.

وهو ما يمثل قمة العجز، حيث غاب حديث السيسي عن التنمية المستدامة، ودور مصر في تطوير وتنمية الدول الإفريقية. وفي تناقض مقيت تحضر تلك الموارد، حينما يأتي الحديث عن الإرهاب، فيعلن السيسي استعداده لتقديم المعدات والآليات.

وهو ما يقزّم دور مصر على الصعيد الإفريقي والدولي، إذ يختصر السيسي مصر في وظيفة واحدة فقط هي مكافحة الإرهاب، الذي يصنعه بسياساته العنيفة والقمعية.

وهو ما أكدته رسالة مسربة من شباب معتقلين، بأنَّ الانتهاكات الرهيبة التي يتعرض لها المعتقلون في سجون السيسي تُسبّب مرارات قاسية وكبيرة في النفس البشرية، قد تزرع روح الانتقام لدى المعتقلين. وهو نفس ما أشار إليه محللون غربيون، بأنّ تنظيم داعش الذي انطلق في العراق كان قوامه الأساسي من المعتقلين في السجون الأمريكية بالعراق إبان الاحتلال، وأبنائهم الذين رأوا وعايشوا قتل وتعذيب أهاليهم أمام أعينهم، وحكوا لهم الفظائع التي يتعرضون لها إبان الاحتلال، وهو ما يتكرر حاليًا في مصر.

وكان العديد من المراقبين والمتابعين قد انتقدوا المؤتمرات المتكررة للسيسي، واتهموه بحب الظهور في تلك المؤتمرات مع الإنفاق ببذخ عليها، رغم دعواه “إحنا فقراء قوي”، مطالبين إياه بالنظر للشباب في السجون، وانتقدوا حديثه المتكرر عن الإرهاب، بالإضافة إلى ادعائه بأنّه يحاربه نيابة عن العالم.

أكاذيب مُكررة

وخلال اليوم الثاني للمؤتمر، الخميس، حاول السيسي الضحك على الأفارقة والمشاركين، بأحاديثه عن انقلابه العسكري، متناسيًا أنَّ الاتحاد الإفريقي اعتبر ما قام به في 2013 انقلابًا عسكريًّا، وقام الاتحاد الإفريقي بتعليق عضوية مصر وقتها.

حيث ادعى السيسي أنه “طلب في يوليو 2013 تفويضًا من المصريين لمحاربة العنف والإرهاب أمام أنصار السلطة السابقة، حينما حاولوا إظهار ما حدث أنه تغيير بالقوة، والمرأة شاركت في هذا بكثافة”، وهو قمة الكذب البواح، حيث إن من استخدم القوة على طول الخط وفرض رأيه بالعنف المسلح هو السيسي وانقلابه العسكري، بدليل سقوط آلاف المصريين قتلى في صفوف المتظاهرين السلميين، بينما أوقعت الآلة العسكرية القتل في أنصار الرئيس مرسي، في الحرس الجمهوري والمنصة ورابعة والنهضة ورمسيس والمنيب والقائد إبراهيم بالإسكندرية، وغيرها من مواقع إهدار دماء المصريين على يد السيسي الملطخة بالدماء.

وحاول السيسي تبرير انقلابه العسكري بعد 6 سنوات، بقوله :”النظام الحاكم قبل يوليو 2013 وصل للسلطة بانتخابات، لكننا وقفنا له حينما شعرنا بمحاولة تغيير الهوية المصرية”، وهو ما لم يحدث بالمرة، حيث إن الهوية المصرية لم يشوبها أي تغيير منذ قرون، وإنما من خلخلها وأفقد الثقة فيها هو ممارسات القمع العسكري لنظام السيسي ضد المصريين، وهو ما قدرته المراكز البحثية بزيادة المنتحرين في مصر والمتنازلين عن الجنسية المصرية، والفارين خارج البلاد، بل وخروج الأموال والاستثمارات من مصر بسبب القمع العسكري.

وادَّعى السيسي أيضًا أن مصر واجهت تحديات حرب أهلية عام 2013، على الرغم من أنَّه هو من ازدرى إرادة الشعب المصري، الذي أتى بالرئيس مرسي عبر أنزه انتخابات شهدتها مصر في تاريخها، وأنَّ الضحايا كلهم من معارضي السيسي.

لا يرى إلا ما يريد أن يراه

وعلى طريقة العميان أو المتعامين، زعم السيسي أن “برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي نفّذته الحكومة كان قاسيًا جدًا، لكنَّ المصريين صبروا ولم يطالبوني بتخفيفه”. متجاهلًا معاناة الشعب والفقراء الذين قدرهم البنك الدولي بنحو 60% من المصريين، بينهم نحو 80% يعانون الفقر المدقع، بل تقارير أجهزة السيسي التي تؤكد ارتفاع معدلات الفقر والعوز الاقتصادي والبطالة، وإغلاق أكثر من 7 آلاف مصنع، وغيرها من المؤشرات الكارثية الدالة على تدهور حال الشعب بسبب سياساته،

إلا أن السيسي ورغم ذلك كله، يزعم أن المصريين لم يطالبوه بتغيير البرنامج، وهو ما يعتبره مراقبون تحديًا صريحًا من السيسي للشعب المصري، الذي لا يراه السيسي إلا من منظور إعلام المخابرات الذي يحوّل القبيح لحسن، ويزين لمن بالسلطة بأن الأحوال “تمام” والشعب يسبّح بحمده، وهو ما ينبغي الرد عليه بالتظاهر في الشوارع بالأواني الفارغة والأمعاء الخاوية.